مقالات

لماذا تلاحقنا اللعنة? “هذيان مع الذات

هزائمنا وفضائحنا مستمرة منذ عقود, نرثها ونأمل , نورثها ونرجو, تحاصرنا اللعنة من كل جهات الأرض ومن بطون البلاد, فنستسلم كالأنعام ولا ننهض, نشب على سؤال الاستغراب ونقاوم ذاكرة الألم والبؤس ولا نفعل شيئا.
تصطادنا النيران في عقر دارنا , تحاصرنا السخرية فنطأطأ الرأس وننحني ولا نعرف كيف يمكننا اجتياز مراحل المرض والشفاء منه, علماً أن حملة شهادات الطب الاجتماعي والسياسي وحملة الأيديولوجيات أكثر من الهم على القلب, لكن الجميع يتناطح في الفراغ والنتيجة خواء!
باكستان وعسكرها استيقظت من سبات القسوة والإمساك بالعصا فاستسلم الجنرال لإرادة البرلمان” المنتخب طبعا” والمختلف عن برلماناتنا الملحقة بالحزب القائد, فأرخى حبال التعنت وأذعن ينسحب من أجل الوطن.
عسكر موريتانيا ¯¯ كونها من أمة العرب ¯¯ لم تعجبهم طقوس الديمقراطية فانقلبوا عليها ليعيدوا البلاد لحظيرة العروبة كي تشبه أخوتها وأهلها, ولا تخرج عن الصف .
العالم حتى الإسلامي منه يخرج من ثوب الكهنوت والأصولية يخرج للهواء الطلق الرحب ويرتدي ثوب الحداثة…في ماليزيا وأندونيسيا , كي لا نقول دول أميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية الخارجة من ثوب الاتحاد السوفياتي …لكن الجميع يركب فرس الحداثة يريد الالتحاق بركب الكون كي لا يتخلف عن السبق, إلا أمة العرب!
ينخرنا سوس الإرهاب وتسيطر على عقولنا ثقافة النص, وعبادة الفرد, نعيش مسلوبي الإرادة بينما نعتقد أننا الأفضل !نعتمد الإسلام قدسية وقانونا ودستورا ونورطه بنا وبفهمنا, نورطه بأننا نريد رفعته وإعلاء صورته في الوقت الذي نجعل منه وسيلتنا للتشويه والتفريخ بكل ماهو خالٍ من العقل وبعيد من المنطق ومن لعبة الحياة فنحصر حبنا له في لعبة الموت ونستخدمه ذريعة للقتل واستباحة حريتنا وحرية الإنسان المختلف.
ينفتح الكون وشعوبه على معنى الحرية الفردية منها والمجتمعية, على معنى الحق الإنساني وكرامته وحقه في التعبير وإدارة شؤون الوطن مع سلطة يختارها, وإن لم يفلح, يشاركها هم الوطن في النقد والتصويب ثم تبادل الأدوار من أجل الجميع وتساويهم في الحفاظ على وطن يسير إلى الأمام , بدلاً من العدو نحو الخلف والانزلاق نحو مجاهل العتمة في أقبية تعتقل الإنسان وتحيله شيئا خارج الزمن وخارج الفعل , لأنه يختلف عن إرادة السلطان ¯¯ في بلاد العربان طبعاً ¯¯ فأين المفر وإلى متى سنستقر على فعل وحس يتخلص من سلطة همها الكرسي واغتيال رغبات الشعب لتبقى لها الحياة, تعلق أهداب كينونتها برؤية مواطنها قتيلا مصابا بالهوام وبالهيام فيها…عبدا يستطيب عبوديته?!.
من أين نأتي بجنرال مثل مشرف يتنحى?. ذات يوم كان في السودان جنرال يدعى محمد سوار الذهب, تنحى هو الآخر ولم يخضع للعسكر, الذين يمارسون السحل وقطع الأعناق والأيدي باسم الإسلام ويقيمون الجنازات ويحتفلون بإنجازاتهم الثورية والقومية على جثث جرائم ضد الإنسانية ومذابح جماعية , ومع هذا ينتخي الجميع لإنقاذه …لأنهم مثله يخشون هروب الخيوط من أيديهم, يخشون أن يخرج ابن العم على شريعة القبيلة!
نحلم ليلاً, ونخفي الأحلام نهارا كي لا تفضحنا عيوننا, نتقن فن التمثيل ونعيش بألف وجه, نحتمل إهانة السلطة ونمارس إهانة الذات في أهل بيتنا, ننتقم من أطفالنا ونسائنا فنعيد إليهم سلعة السلطان, ونسقط عليهم كل إرهاصاتنا وعجزنا كي نتخلص من حجم الضغط النفسي لنشعر برجولتنا العربية, نخلف الحقد ونورثه, ندرس التاريخ المكتوب بأيد لا نعرفها, أو بأيد كتبته على هواها, فنرضى ونعتبر ماقالته مقدساً, يوما بعد يوم نقلص مساحة الجغرافيا في بلادنا, لأننا من هواة النفخ في قرب مقطوعة, ومن هواة الحروب الفاشلة, والقذائف التي لا تقتل سوى أبناءنا , ومع هذا مازالت أناشيدنا وأهازيجنا تنشد الثورة وتلعن الاحتلال, وترسل طياراتها الورقية لتصطادنا وتعود بجثثنا,إلى رحم العروبة.
نفرخ مجموعات مختلفة المعنى والمبنى, شريعتها القتل وشعاراتها الوطن!, تتحارب وتتناقض وعلى الأرض تورث الفقر وتزرع الدمار تضرب بسيف غيرها, وبسيف إسلام غريب عليها, أو يحس بغربته في يديها, لكنها تستمر وتلعق الدم الأخوي وهي تذرف دموع المحبة المزيفة,فهل سنصل?, وكيف نخرج من ثقافة تسحقنا كل لحظة, وتهدم فينا كل بصيرة, ومن سيحمل سعفة الاقتحام وسعفة النجاة وحروب الكلام والخطاب تعتمرها وجوه تشيخ ولا تعرف الرحيل إلا بعد أن تنهينا, أما آن الأوان أن نستيقظ?.
* السياسة*فلورنس غزلان

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button