مقالات

الموت السريري للجبهة/ابوحامد الغزالي/alghazalirim@gmail.com

مما لاشك فيه أن الأثافي التي شكلت دعائم مرجل الجبهة السياسي ظلت لوقت طويل نسبيا تتمتع بمصداقية شعبية حيث كانت محور استقطاب لمجموعات قاعدية ترى في خطابها السياسي ملامح أحلام سياسية واجتماعية قد تكون ضيقة الأفق لكنها تلامس شغاف وجدان البعض، فالتحالف الشعبي برئاسة السيدمسعود ولد بلخير بدأ كيانا سياسيا صنعته ظروف مرحلة معينة ،خاصة حاجة الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد احمد الطايع لتلميع وجه أسمر كجزء من أسلحته في معركة الصراع مع أجنحة زنجية متطرفة على الساحة الغربية، لكن خطاب مسعود الذي بدأ عنصريا معاديا للعرب البيض كان لا بد من تديجنه فعملت أجهزة خاصة على زرع كوكبة من الناصريين حول مسعود لانتشاله من قاع الكراهية المطلق،ورويدا رويدا نما التحالف مستفيدا من تلك الظروف التي صنعت مسعود كسياسي ومرشح رئاسي!! لكن مسعود لم يكن بالذكاء المطلوب لوعي حقيقة إنه لا يساوي شيئا وإن كلما حققه من مكاسب هو بفعل فاعل،فعملت أجهزة ولد الطايع على تصعيد نجم أسمر آخر أكثر بارغماتية ووعيا هو السيد السغير ولد امبارك الذي صعد بسرعة صاروخية ليصل لرئاسة الوزراء في آخر أيام معاوية،لكن الأحداث عادت من جديد لتمنح مسعود فرصة أخرى إذ وجد ت قيادة الثالث من آغشت 2005 في مسعود ورقة آنية لعبور عقبة تمرير الانقلاب والمرحلة الانتقالية،، ولعب مسعود لمصلحته فكان حصان المرحلة الأسود حين انضم لتحالف العسكر وسيدي بمقابل مادي ومعنوي أوصله لمقعد رئيس الجمعية دون استحقاق سياسي للمنصب فهو لا يملك أغلبية نيابية مثلا، وكانت ردته عن المعارضة فصلا جديدا من سطحية أداءه،وفجأة جاء السادس من آغشت ليجد مصالحه الشخصية في مهب التغيير ،في ظروف لم تعد كتلك التي صنعته
فلم يجد بدا من العودة لمن تركهم قبل أقل من عام ونصف حيث تقاطع مع الاسلاميين واليسار في احتمال ضياع مكاسب كادوا أن يستكملوا انجازها في عهد سيدي ،لكن أرضية مسعود في الحزب بدأت تميد من تحته، فهناك جيل من رجالات التحالف لم يعد يرضخ لمسعود خاصة بعد انكشافه أمام الجميع،فقد تحرك مسعود خارج الدولة إلى عواصم افريقية وأروبية لكن غلته جاءت سلبية ،وليس ذلك مستغربا فهو لا يجيد الخطاب السياسي الواعي ولا يفهم في التكتيك الدبلوماسي ويتجلى ذلك في مفرداته التي يعبر بها عن زعماء حاولوا مساعدة الموريتانيين أو عن خصومه في الوطن
أما التيار الاسلامي فقد وقع كما اليسار في ورطة تناقض الوسائل والهدف والتاريخ السياسي لهما فاليسار بأجنحته المدجنة والمهجنة واليمينية ظل لعقود جزءا من التاريخ الإداري الأسود للوطن والتيار الاسلامي كذلك ظل يشهد صراعا صامتا بين جناح الوهابية المتشددة وجناح الاخوان المسلمين بطبعته المحلية لكن انضمامهم في اللحظات الأخيرة لحكومة الأزمة في عهد سيدي كان جزءا من أزمتهم وأزمة الحكومة نفسها التي تطورت لتوصلنا للسادس من آغشت فهم قبلوا المشاركة في حكومة تعترف بالعدو الصهيوني اضطرت أخيرا لعدم القبول بهم،وجانبهم الصواب في اللعب بورقة الشرعية الدستورية في عواصم فاعلة لا تريد اليسار ولا التيار الاسلامي فكان رهانهم على فرنسا وواشنطن في قصة البحث عن عودة سيدي رهانا خاسرا كما برهنت الأحداث طيلة الأشهر الثمانية الماضية،والجديد بالنسبة لليسار هو نجاح ولد مولود في استعادة بعض الدعم القبلي الظرفي بعد أن كان لا يحظى بالكثير منه !!!
أما اللغز الموريتاني الأكبر المتمثل في التكتل فقد فقدت قيادته موضوعيا بوصلتها السياسية ،فمن التحريض والمشاركة في التصحيح إلى اتخاذ موقف شخصي من ولد عبد العزيز إلى إعادة التحالف مع فرقاء شركاء شهد تاريخهم السياسي تنافرا مشهودا فجميل كان مع أحمد وخرج ولم يعد ومسعود كان معه ثم شتتهم بنيات الطرق وهاهي اليوم تجمعهم عشوائيا،،ولم يبق من مشترك بينهم لحظي إلا عرقلة مشروع الاستحقاق الانتخابي وهم عمليا لا يملكون أدوات عرقلته داخليا وخارجيا،ورقة وحيدة قد يفكرون في استغلالها هي ورقة العنف لكن تلك ليست لصالحهم فسيظهرون كجناة وخارجين على القانون لو عملوا على تحريك بعض السفهاء لبث الفوضى مستفيدين من أحداث الضواحي الباريسية في حرق السيارات مثلا ،.
وهكذا نرى هشاشة مايسمى الجبهة من حيث التشكلة ومن حيث الجوهر.
ويعتبر اللجوء للعنف هو خيار السياسي المهزوم .
ولا يمكن أن نستخلص من تلك العجالة إلا أن الموت السريري للجبهة أصبح حقيقة غير قابلة للتشكيك ،بقي فقط أن تجد الجبهة بين منتسبيها من يطلق عليها رصاصة الرحمة أو يحقنها بحقنة الموت الرحيم،وهو ما يتوقعه كثير من المراقبين فلم يكن انسحاب أغلب المنتخبين التكتليين عنه إلا بداية انهيار شهد التحالف وتواصل مثله وشهده اليسار .
مشكلة كبرى سيعاني منها الذين جرفهم اتسونامي التغيير هي أن زمن شراء الذمم قدولى فلن يدفع أحد لمسعود ومولود وجميل مقابل الولاء، ولن تسير موريتانيا بمزاج التكتل.
هناك فرصة واحدة للجميع هي المشاركة في بناء موريتانيا الغد

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button