أنباء انفو- كشفت مصادر خاصة ل‘‘أنباء انفو‘‘ انزعاج النظام الحاكم في موريتانيا من تصاعد قوة المعارضة وتزايد نشاطها خصوصا تلك المقيمة خارج البلاد.
ولاتستبعد مصادر قريبة من النظام في انواكشوط ان تكون المعارضة في الداخل تستقوي بجناحها في الخارج في قرارها الرافض للاستفتاء على التعديلات الدستورية المتوقع قريبا إجراؤها في البلاد تحت رعاية النظام الحاكم .
واشتد الخلاف بين النظام الموريتاني والمعارضة حول آفاق الاصلاح السياسي المطلوب في موريتانيا.
خصوصا بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، التي اتهم فيها معارضيه المقيمين في الخارج، بالعمل على “تشويه سمعة موريتانيا في الخارج، واستعمال شتى الوسائل لإغراق بلدهم، مشددا على أن ذلك لن ينفعهم في الوصول إلى أهدافهم.
وذكرت مصادر مطلعة مقربة من الحكومة الموريتانية، ، وطلبت الاحتفاظ باسمها، إلى أن المزعج بالنسبة لموريتانيا، ليس هو تحرك المعارضة وتلويحها بمقاطعة الاستفتاء، ولا بالتظاهر ضده، وإنما الضغوط الخارجية، وحركة السفراء الأوروبيين المتزايدة في نواكشوط، تجاه المعارضة، وأيضا الأبواب الأوروبية المفتوحة لرموز المعارضة الموريتانية في الخارج.
وأعربت مصار موريتانية، عن خشيتها من أن فتح الباب السياسي والإعلامي لمعارضي النظام الموريتاني في أوروبا، ونشاط سفيري فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية في نواكشوط، يبعث برسالة سلبية، أخذا بعين الاعتبار التقرير الذي أعده “مركز انتربرايز” الأمريكي في تشرين أول (أكتوبر) الماضي، والذي تحدث عن موجة من عدم الإستقرار قد تؤدي إلي تمزيق موريتانيا.
وفي داخل موريتانيا، أعلن “منتدى الديمقراطية والوحدة” وحزب تكتل القوى الديمقراطية”، رسميا مقاطعتهم لتوجه الحكومة إلى الاستفتاء حول مخرجات الحوار الوطني.
وأعلن “المنتدى” و”التكتل” في بيان مشترك، أول أمس الثلاثاء، أن “التعديلات الدستورية المقترحة ليست مخرجات حوار وطني حقيقي لأنها تقتصر على الاقتراحات التي أعلن عنها ولد عبد العزيز في النعمة وتلك التي أضافها حزبه أثناء حوار أحادي، أصر النظام على إجرائه “بمن حضر” في أجواء كرنفالية لا تمتُّ بأي صلة للنقاش السياسي البنّاء”.
وأشار البيان إلى أن “هذه التعديلات لا تكتسي أي طابع استعجالي ولا تحمل أي حل للمشاكل العميقة التي تعاني منها البلاد وخاصة الأزمة السياسية المتمثلة في عدم حياد الدولة واختطافها لصالح النظام ضد الفرقاء السياسيين الآخرين. كما أنها لا تقدم أي حل للقضايا المجتمعية المُلحة مثل العبودية ومخلفاتها والوحدة الوطنية ومتطلباتها بدءا بتصفية الإرث الإنساني، وتسكت على سوء الحكامة المتمثل في استشراء الفساد والنهب والرشوة وانهيار الادارة”.
واعتبر البيان، أن “تغيير العلم وتمجيد المقاومة مناورة ديماغوجية جديدة يحاول النظام ركوبها بعد أن أفلس شعار مكافحة الفساد، وتبين للجميع مدى فساد هذا النظام”.
وحذّرت المعارضة، مما وصفته بـ “النهج الكارثي لولد عبد العزيز”، الذي قالت بأنه “فجّر كل النعرات داخل هذا الشعب، وأصبح المجتمع الموريتاني يعاني أكثر من أي وقت مضى العديد من التناقضات الحادة، العرقية والشرائحية والجهوية والقبلية، التي تذكيها يوميا تصرفات وسياسات النظام الحالي، مما يشكل تهديدا حقيقيا للمجتمع في تعايشه وللبلد في كيانه”.
وأكدت المعارضة أنه “لا يجوز تعديل الدستور الاّ في ظل وضع سياسي طبيعي ومن أجل حل قضايا أساسية تعوق سير المؤسسات أو تعرقل تقدم الامة؛ بينما التعديل المقترح لا يحمل سوى الخلافات ويتم في غياب تام لحياد الدولة، وفي ظل أزمة سياسية حادة، ومؤسسات دستورية بعضها مُنتهي الصلاحية وبعضها مُنتخب في ظروف غير توافقية”.
وأضاف البيان: “المشكلة لا تكمن في إلغاء مؤسسة أو إضافة أخرى، بل في طريقة تسيير الدولة. ففي ظل النظام الحالي لا يوجد تحديد ولا فصل للسلطات، بل لا توجد سلطات أصلا غير تلك المتمركزة في يد رأس السلطة، يتصرف بها حسب الأهواء والنزعات في خرق سافر للنظم والقوانين. وبالتالي لن تكون هناك فائدة لأي هيئة ما لم تستعد الدولة سيرها الطبيعي والمؤسسات وظائفها التقليدية”، وفق البيان.
هذا وكان نشطاء موريتانيون قد عقدوا أمس الاربعاء مظاهرة رافضة للتعديلات الدستورية، قبل أن تقدم الأجهزة الأمنية على اعتقال عدد منهم لبعض الوقت ثم أطلقت سراحهم.
وتعتزم الحكومة الموريتانية تنظيم استفتاء شعبي، متوقع نهاية العام الحالي أو بداية العام المقبل، على تعديلات دستورية وصفتها بالضرورية، لتبني بعض نتائج مؤتمر الحوار الوطني الذي نظمته الحكومة نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي واستمر لأسابيع، وقاطعته قوى المعارضة الرئيسية.
وكانت وثيقة الحوار السياسي، قد دعت لتغيير العلم والنشيد الوطنيين وإلغاء غرفة مجلس الشيوخ (غرفة برلمانية)، وإنشاء مجالس جهوية (إدارية) للتنمية، وتوسيع النسبية في الانتخابات العامة.
كما اتفق المشاركون في الحوار، على ضرورة دمج المجلس الإسلامي الأعلى ووسيط الجمهورية في مجلس واحد تحت لواء المجلس الأعلى للفتوى والمظالم، وتعزيز دولة القانون والعدالة الاجتماعية.
وترفض قوى المعارضة، دعوات سابقة، أطلقها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، بشأن ضرورة إجراء تعديل دستوري، يتيح لرئيس الجمهورية الترشح لثلاث ولايات، وهو ما يتنافي مع مقتضيات الدستور.