أخبار

الديبلوماسية السينغالية تهزم نظيرتها المغربية في فض النزاع بموريتانيا

نجحت الديبلوماسية السينغالية في حسم الخلاف حول الرئاسة في موريتانيا بعد توقيع أطراف النزاع، رسميا، قبل بضعة أيام، على «اتفاقية الخروج من الأزمة في موريتانيا»، بينما كانت الديبلوماسية المغربية هي الغائب الأكبر في هذا المسلسل من النزاع، سواء على المستوى السياسي أو الأمني أو الرمزي، خاصة وأن موريتانيا تعتبر، تقليديا وتاريخيا، هي «العمق الاستراتيجي للمملكة المغربية»، ذلك أن الاعتراف المغربي باستقلال موريتانيا لم يكن قد تأخر عن حينه، بل إن الزعيم علال الفاسي لم يعترف أبدا بهذا الاستقلال.

والمعروف أن «لادجيد» ووزراة الداخلية (التي اشتغل فيها سفير المغرب بنواكشوط عبد الرحمان بنعمر) هما اللتان تشرفان، من الناحية التقنية، على الملف الموريتاني. إلا أن ما حصل هذه المرة كان فشلا حقيقيا للديبلوماسية المغربية. فجميع المعطيات والتقارير السرية التي رفعت إلى وزارة الشؤون الخارجية بالرباط، خاصة تلك التي أشارت إلى «وجود بوادر تطورات جديدة» في موريتانيا، لم تجد لها آذانا صاغية على المستوى السياسي، ولا أي رد فعل ديبلوماسي يمكن المغرب من التموقع كمفاوض رئيسي في هذا التحول التاريخي الذي يقع على الحدود الجنوبية للمغرب. وفي الوقت الذي أولى فيه المغرب اهتمامه لقضايا ذات طبيعة تجارية في ملف شركة الخطوط الجوية السينغالية، كانت داكار تعمل على قدم وساق لحل الخلاف الموريتاني، وهو ما جعلها تتمتع بوزن دبلوماسي كبير بين العواصم المؤثرة في القارة.

وبينما كان المغرب يعتبر السينغال «محميته الروحية» عبر الطريقة التيجانية على مستوى عمقه الاستراتيجي، ها هو بلد عبد اللاي واد، وعلى رأسه الرئيس نفسه، يحاول وينجح في محاولة جيوستراتيجية فقد فيها المغرب موطئ قدمه دونما أي رد فعل.

يجب الإقرار بأن التقارير السرية لعبد الرحمان بنعمر، سفير المغرب بنواكشوط، تحلل جيدا الوضع وتدعو المسؤولين المغاربة إلى الانخراط أكثر في هذا الملف الذي كان سيمكن المغرب، على المديين القصير والمتوسط، من مواجهة تحولات ملف الصحراء بشكل أفضل. لكن المسؤولين في الرباط صموا آذانهم، وهو ما يشكل تصرفا غير مفهوم قد تكون له تبعات كارثية. يجب القول هنا إن «لادجيد» وسفارة المغرب هيأتا أرضية التصرف كما ينبغي، إلا أن مركز القرار هو الذي تخلف عن اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، كما لو أن الحرص الدائم على إرضاء واشنطن وباريس يجعل التخلي عن كل ما له صلة ببقائنا الجيوسياسي أمرا عاديا، وهو ما يعني، بصيغة أخرى، «الانتحار الاستراتيجي المعلن».

يحدث هذا في الوقت الذي يعتبر فيه الرئيس المستقيل من المجلس العسكري الحاكم، الجنرال محمد ولد عبد العزيز، جزءا من»الجناح المغربي» في النظام الموريتاني؛ وبينما لم يستغل المغرب هذا المعطى بشكل جيد، هاهو الانقلابي الأسبق علي محمد فال يعود إلى المشهد السياسي الموريتاني ويعلن ترشيحه للانتخابات القادمة، التي ستجرى في شهر يوليوز المقبل.

– صحيفة المساء (المغربية)

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button