مقالات

الرجل … الوطواط /بوننا سيدي أعثيمين/Bounena2008@gmail.com

قديما كان الصينيون يعتبرون الوطواط ” الفأر ذا الجناحين”، ولا يعرفون أصله، إلى أن جاء من يقول بأن الوطواط تحول من الفأر الذي تناول الملح أو زيت الطعام أو حب الملوك. وهكذا ربط الصينيون الوطواط بسمعة الفأر الرديئة.

وقد كتب الشاعر الصيني الكبير تساو تشي ( بين عامي 220 و 280م) قصيدة بعنوان:” الوطواط” قال فيها: ” آه، أيها الوطواط، أنت الذي يجمع بين القباحة والتآمر؛ وأنت لست من الطيور ولا من الحيوانات”.

وتحكي إحدى الأساطير الغربية أن الوطواط وصولي يميل إلى الطرف المنتصر في المعركة الواقعة بين الطيور والحيوانات ، وأنه عندما يخلو بالطيور يقول لها إنه منها ؛ ونفس الشيء بالنسبة للحيوانات . لكنه عندما توصلت الطيور والحيوانات إلى اتفاق سلام أصبح الوطواط غير مرغوب فيه من الطرفين، الأمر الذي اضطره أن لا يظهر إلا تحت ستار الليل، ويختبئ في أوكاره نهارا.

وقد استخدم الصينيون حكمتهم حتى صدروا لنا الوطواط على صورة كائن بشري يملك ، علاوة على طباعه الذاتية ، ما هو أسوء من طباع الثعلب ، لأنه عندما يخلوا بأهل الشريعة الإسلامية يقول لهم إنه منهم ؛ وعندما يخلو بأهل الشيوعية يقول لهم إنه منهم ؛ وحين يكون في المعارضة يرسل نسخا طبق الأصل منه لأهل الموالاة ويهاجم المفسدين وأكلة المال العام ويطالب تحت قبة البرلمان بإلحاق أقصى العقوبة بهم ؛ و ساعة يكون في الموالاة يقمع ثورة الجياع ويردي بعضهم قتيلا ويقول في المفسدين وأكلة المال العام نثرا يمجدهم تمجيدا لا يدعونه لأنفسهم … ولما قاد مظاهرات لجبهة الدفاع المستميت عن الحقائب الوزارية قرب سوق العاصمة قيل إنه تعمد جرح يده اليمنى للتدليل على قمع حركة التصحيح لتلك المظاهرات وقد أذهل الأطباء الذين عاينوه أنه رغم عمق جرحه لم تسل منه قطرة دم واحدة .

لقد رقص هذا الكائن تحت قبة البرلمان على خمسين سنة من التلاعب بوحدة هذا الشعب وسكينته ، و أمنه واستقراره ، و تنميته البشرية ، والاقتصادية ، ونهب ثرواته من الباطن عبر مزرعة من التماسيح زرعها في مفاصل جميع الأنظمة المدنية والعسكرية التي تعاقبت على السلطة والتي بلغت من الثراء ما تنافس به كبار رجال أعمال الجمهورية ؛ ولما قام من أبناء هذا الوطن من خفف من معانات شعبه وزرع بذور الأمل فيه، عبر إنجازات ملموسة في وقت قياسي، منتشلا إياه من يأس سحيق تضافرت جهود الانتهازيين السياسيين لغرسه في نفس كل من تسول له نفسه الطمع في غد أفضل من باب : ” ليس بالإمكان أبدع أو أفضل مما كان” ، لم يتردد هذا الكائن في إبرام عقد مع زمرة رموز الفساد ونهبت المال العام ورد التنصيص في بنده الأول على “أن الضرورة الملجئة لحماية مصالح الانتهازيين السياسيين زمرة المفسدين تقتضي ، مهما كان الثمن حتى لو كان التحالف مع العدو الصهيوني ، إبعاد الحنرال محمد ولد عبد العزيز من حلبة سباق الانتخابات الرئاسية حتى لا يفسد علينا طباع الشعب المستكين ويغير من عاداته الاستهلاكية” .

لكن هيهات فقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر السادس أغسطس وانطمرت أزمنة من التهميش والإقصاء واللعب على ذقونه باسم الاشتراكية الشيوعية أحيانا ،والديمقراطية التعددية أحيانا أخر وباسم لا شيء في الغالب الأعم .

تلكم هي مقاربة الأغلبية لملامح وجه سياسوي أبى التقاعد وبدل جلده عشرات المرات وخرج من رماده بعد كل احتراقا ته كما طائر الفينيق (العنقاء)، فمن هو هذا الرجل الوطواط ؟

إن من يتوصل بالإجابة على هذا السؤال له أن يعرف مني كيف تستقيم ظلال ذيول الكلاب بكل يسر وسهولة إن لم يكن له سابق علم بذلك فإن كان فله أجر من ساهم في تعرية الرجل الوطواط وتجنيب الشعب مغبة الوقوع في أحابيله .

بوننا سيدي أعثيمين.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button