غريب…/ أحمد ولد الشيخ
- ذهب ولد عبد العزيز الأسبوع الماضي إلى فرنسا، بعد عدة سنوات من قطيعة غير معلنة. لقد انتهز لذلك فرصة زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى نواكشوط، والذي دعاه إلى زيارة فرنسا.
- وعلى حد قول الوكالة الموريتانية للأنباء، الرسمية جدا، فقد هبط الرجل يوم 8 أغسطس في مطار لو بورجيه… حيث لم يستقبله أي أحد. هل كانت دعوة تحترم قواعد البروتوكول؟ إن قائدنا المستنير الذي لا يعرف سوى القليل جدا عن الممارسات الدبلوماسية – بل إن العكس قد يفاجئنا من قبل الرجل العسكري – قد تلقف فورا فرصة معرض بسيط بمعهد العالم العربي ليطأ أديم التراب الفرنسي ثم ـ يضيف الأشرارـ ليراجع الطبيب الذي يتابعه منذ “الرصاصة الصديقة” الشهيرة التي أطلقت عليه عام 2012، وأيضا ليناقش مع فرانسوا هولاند قضايا لا نعرفها بالضبط. يبدو أن الرئيس الفرنسي، الذي بقي من مأموريته شهر واحد بالكاد، لم يعد لديه كبير شيء يفعله سوى استقبال رؤساء الدول الإفريقية، حتى أولئك الذين لم تعد تربطه بهم علاقة قوية مثل رئيسنا الذي لا تغفر له فرنسا هفوته خلال حرب مالي، رغم تأكيده لهولاند، شخصيا، أنه سيدعمه ضد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بعد قيامه بالعديد من العمليات بالوكالة. وعندما جلجل السلاح ها هو خبيرنا في التصحيح يفر بشكل يرثى له، الشيء الذي أغضب الدولة الفرنسية. ومنذ ذلك الحين شهدت العلاقات البلدين تطورا مسننا ولم يفوت ولد عبد العزيز أية فرصة للتعريف بذلك.
- بدأ بالتمجيد المفرط لمقاومة الاحتلال الفرنسي، حيث أطلق على مطار نواكشوط الجديد اسم أم التونسي، وهو مكان دارت فيه معركة شهيرة في عام 1932 سقط فيها، من بين قتلى آخرين، الملازم أول ماك ماهون، حفيد رئيس سابق للجمهورية الفرنسية الثالثة. وتكريما لنفس المقاومة، يناضل قائدنا الآن من أجل إضافة شريطين أحمرين إلى العلم الوطني، من خلال الالتفاف على إصلاح دستوري قد رفضه مجلس الشيوخ بالفعل.
- لكن ولد عبد العزيز لا يعترف بالهزيمة ويريد الآن فرض استفتاء يرقى إلى مستوى انقلاب جديد على الدستور، وذلك فقط لإزعاج الدولة الاستعمارية القديمة التي شعرت بالتأكيد بالإهانة، عندما أعلن ولد عبد العزيز في مايو عام 2016، في النعمة، أن المعارضين الذين يسعون للحصول على مباركة فرنسا يمكنهم أن يذهبوا إلى فرنسا لارتداء ثياب ثانية. ثم صدح قائلا بنوع من الانزعاج: “إن ما يأتي من فرنسا ليس قرآنا كريما”.
- ومؤخرا، في مقابلة مع فرانس 24، وردا على سؤال حول قرار وزارة الخارجية الفرنسية إخراج مدينتي شنقيط ووادان من المنطقة الحمراء، أجاب بشكل غير لبق جدا: “منطقة زرقاء أو بيضاء أو حمراء، هذا لا يغير أي شيء بالنسبة لنا.” وكأن السياحة التي يمكن أن تستأنف أنشطتها بمناسبة هذا القرار وتعيد الحياة إلى تلك المناطق ليست مهمة في حد ذاتها لبلاد فقيرة مثل بلدنا.
وعلى الرغم من هذا الخطاب، المدعي تمام الاستعداد للقتال أو اللامبالي على الأقل، فإن رئيسنا قد رأى من المناسب، مع ذلك، الذهاب لتوديع رئيس في نهاية مأموريته ولم يحفظ له التاريخ شيئا يذكر… إن لم يكن إعطاء مباركة فرنسية غريبة لاستفتاء مخالف للدستور يستعد رجل 8 أغسطس لاقترافه؟ “أود أن أؤكد لك، يابن عمي العزيز، أنك قلت غريب! – أنا قلت غريب؟ فما أغربه… “