مدينة لكويرة شمال موريتانيا .. التاريخ والحاضر
ويعتقد بعض السياسيين المغاربة أن المملكة حصلت على استقلال منقوص في 1956، عندما أعلنت فرنسا نهاية عهد الحماية على المغرب. آنذاك، كانت إسبانيا لا تزال تستعمر الشمال المغربي، وأيضا الصحراء الغربية التي ضمّها المغرب إلى أراضيه في 1975.
دفعت هذه المعطيات الجغرافية الجديدة المنطقة إلى مرحلة جديدة من الصراعات: فقد قسم المغرب وموريتانيا بمقتضى “اتفاق مدريد” في نوفمبر 1975، أراضي الصحراء الغربية.
لكن في 1978 وقع انقلاب على الرئيس المختار ولد داداه، الذي كان يوصف بـ”القومي التوسعي”، لفائدة جيل جديد حاول مغازلة جبهة البوليساريو والانسحاب نهائيا من الصحراء.
وبالفعل، في 1979 انسحبت موريتانيا من الصحراء واعترفت بالبوليساريو بمقتضى “اتفاق الجزائر”. لاحقا، ضم المغرب الجزء الذي انسحبت منه موريتانيا ما عدا الكويرة. لماذا إذن لم تنسحب موريتانيا من الكويرة؟
إليك أشياء قد لا تعرفها عن الكويرة:
1. قرية مهجورة
“الكويرة قرية صغيرة وليست مدينة”، يؤكد مصطفى ناعيمي، العضو السابق بالمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (المعروف اختصارا بالكوركاس)
والكوركاس هي مؤسسة رسمية أسسها الملك المغربي الراحل الحسن الثاني في أغسطس/ آب 1981 للدفاع عن “مغربية الصحراء”، وتتكون من 85 عضوا.
يقول ناعيمي لموقع “أصوات مغاربية” إن “الكويرة عبارة عن سوق لتجارة المواشي، كما يوجد بها بعض الصيادين، وهي قرية عسكرية مهجورة”.
2. لا يحكمها المغرب
الكويرة أيضا لا يحكمها المغرب بل يوجد بها الجيش الموريتاني. يقول ناعيمي: “وضعيتها شاذة، فهي جزء من التراب المغربي، لكنها حاليا تحت السيادة الموريتانية”.
من جانب آخر، يؤكد الباحث والمحلل السياسي الموريتاني الحافظ ولد الغابد أن “المنطقة توجد بها حامية عسكرية موريتانية، لكن ليست مهمة جدا للموريتانيين كما قد يعتقد المغاربة”.
3. “إداريا تنتمي إلى المغرب”
يؤكد ناعيمي أن الكويرة مغربية، رغم وجود وجودها تحت تصرف الجيش الموريتاني، مضيفا: “موقعها يطل على البحر، فقد تأجل إلحاقها بالتراب المغربي حتى يتم حل قضية الصحراء”، لكن هي “إداريا تابعة لإقليم أوسرد وجهة وادي الذهب-الكويرة المغربية”.
لكن المحلل الموريتاني الحافظ ولد الغابد لا يتفق مع كلام ناعيمي، إذ يؤكد أن مصير الكويرة مرتبط بوضعية الصحراء الغربية، “لأن موريتانيا لا تريد توترا على حدودها الشمالية”.
ويضيف: “هذا الشريط الحدودي غير مهم للموريتانيين، ربما أضحى مهما للمغاربة في السنوات الأخيرة، لأنه المنفذ الوحيد للمغرب نحو أفريقيا”.
4. اسمها بير الذئب
أصل كلمة الكويرة من الإسبانية “أكوارة” La Agüera، لكن اسمها الحقيقي هو بير الذئب، تيمنا ببئر مالحة حفرها السكان الأصليون في المنطقة لتوريد الإبل.
ترى جبهة البوليساريو أن الكويرة “مدينة محررة من المغرب، وهي خاضعة مؤقتا لإشراف موريتانيا”، بمقتضى “اتفاق الجزائر” في 1979.
ويرى الحافظ ولد الغابد أن كلام البوليساريو “دعائي موجه للاستهلاك الداخلي، لأن موريتانيا عندما انسحبت من الصحراء الغربية كانت تبحث عن السلام الحدودي وهي غير مستعدة اليوم للتنازل عن المنطقة إلا في إطار حل شامل بين كل أطراف النزاع”.
6. يصعب الوصول إليها برّا
لأنها تقع خارج الجدار الرملي الدفاعي الذي شيّده المغرب في 1980 لصد هجمات البوليساريو. اليوم، أصبح صعبا الوصول إلى الكويرة برا، إذ تربطها طريق وعرة وغير معبدة بباقي الصحراء الغربية شمالا.
7. مُغرية سياحيا
أصبحت هذه المنطقة عامل جذب للسياحة، بسبب وقوعها على ساحل المحيط الأطلسي بطول يزيد عن 40 كيلومترا. تتميز المنطقة بأحياء بحرية نادرة مثل عجول البحر وأسود البحر.
8. تقع على شفا مدينة نواذيبو
تقع الكويرة على بعد 15 كيلومترا من مدينة نواذيبو الموريتانية. ويرجع الحافظ ولد الغابد سبب تشبث بعض الموريتانيين بهذه المنطقة إلى أهميتها للأمن القومي لبلدهم.
ويستدرك أن موريتانيا بلد منفتح إعلاميا، لذلك هناك أصوات إعلامية رافضة لإرجاعها إلى المغرب، كما أن هناك أصواتا داعمة للمملكة، وأخرى تؤيد بقوة طرح البوليساريو.
9. هل منعت نواكشوط القنصل المغربي من زيارتها؟
رغم أن الناطق الرسمي السابق باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي نفى مرارا رفع موريتانيا أعلامها على الكويرة، إلا أن وسائل إعلام موريتانية أكدت رفض نواكشوط دخول القنصل المغربي إلى الكويرة، تزامنا مع رفع الأعلام في المنطقة.
يقول الحافظ ولد الغابد إن “الكثير من الأخبار التي تروّجها بعض الأطراف غير دقيقة، فإذا حدث بالفعل أن منعت موريتانيا مسؤولا مغربيا من زيارتها فلسبب موضوعي يتوخى تفادي التوتر مع البوليساريو”.
ويشير إلى أن “الطرف المغربي ربما بدأ ينزعج من تحركات موريتانيا لتعزيز دورها الاستراتيجي في أفريقيا في السنوات الأخيرة، إذ تحاول نواكشوط ملء الفراغ الذي خلّفه سقوط نظام العقيد القذافي في ليبيا”.
10. تراقبها المينورسو
يقول الباحث في الشؤون الصحراوية مصطفى ناعيمي إن الكويرة تراقبها بالفعل بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية (المعروفة اختصارا بالمينورسو).
وأضاف أن المينورسو تضع عيونها في المنطقة، ضمن مناطق أخرى متنازع عليها، مشيرا إلى أن “الحامية الموريتانية الموجودة هناك سترحل بعد حل قضية الصحراء نهائيا”.
المصدر: “أصوات مغاربية”