أخبارأخبار عاجلةدولي

هل تمادت السعودية في موقفها المعادى لدولة قطر؟

أنباء انفو- تعرضت قطر، وهي دولة عربية ذات سيادة، لعقوبات غير مسبوقة من طرف جيرانها العرب الخليجيين بقيادة السعودية.

وفُرِضت هذه الإجراءات الاقتصادية والدبلوماسية العقابية على قطر بسبب المزاعم بأنها استمرت في تمويل مجموعات إرهابية وزعزعة استقرار المنطقة لكن قطر نفت التهمتين معا.

وهكذا أغلق الآن المجال الجوي في المنطقة أمام حركة الطيران في قطر، كما أوقفت الواردات في الحدود، وطرد القطريون الذين يعيشون في هذه الدول.

وتلاشت مظاهر الوحدة الخليجية التي يجسدها مجلس التعاون الخليجي.

وحتى لو حُلَّت الأزمة الحالية عبر المباحثات، كما هو متوقع، فإن الخليج لن يظل على الإطلاق كما كان مرة أخرى.

والآن تساور المنطقةَ مخاوف من أن الإجراءات الحالية قد تَزُّج بها في طريق جديد ومحفوف بالمخاطر.

عامل ترامب

لقد تصدرت السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر الإجراءات العقابية ضد قطر، وهي أربع بلدان تحكمها قيادات سنية مسلمة وتنظر إلى العالم من خلال منظار يرى أن الأنظمة الحاكمة في الخليج تواجه تهديدين أساسيين وهما: إيران والإسلام السياسي، بالإضافة إلى الحركات الجهادية التي تتبنى العنف.

وتتهم هذه البلدان قطر بأنها تشجع الجانبين أي إيران وحركات لإسلام السياسي.

وفيما يخص إيران، يبدو أن شكوى البلدان الرباعية قد تجاوزت الحدود.

إذ تتقاسم قطر مع إيران أكبر حقل غاز طبيعي في العالم وهو حقل غاز الشمال أو حقل فارس الجنوبي/حقل القبة الشمالية الواقع قبالة السواحل القطرية والإيرانية.

لقد حكمت الجغرافيا على البلدين أن يكونا جارين، ولهذا يجب عليهما التعايش فيما بينهما.

لكن حكام السعودية، وبتشجيع من زيارة ترامب الأخيرة إلى الرياض وإدانته القوية لطهران، يفضلون رؤية موقف خليجي عربي موحد ضد منافستهم اللدودة إيران.

خريطة منطقة الخليج
Image captionخريطة منطقة الخليج

إن قطر كما ينظرون إليها قد “خذلتهم”.

وفيما يخص الإسلام السياسي، سيكون أسهل رؤية لماذا تشعر الأسر الحاكمة في الخليج بأنها مهددة بسبب تصرفات قطر.

لقد دعمت الأسرة الحاكمة في قطر وهي آل ثاني منذ مدة طويلة حركة الإخوان المسلمين التي تناصر إقامة خلافة إسلامية تجمع تحت لوائها البلدان الإسلامية، ومن شأن ذلك في نهاية المطاف أن يطيح بهؤلاء الحكام.

وفي هذا السياق، دعمت قطر الحركات الإسلامية في مصر، وليبيا، وسوريا وقطاع غزة.

لقد سمح حكام قطر باستضافة قناة الجزيرة الفضائية لمعارضين ألداء بالرغم من أن القناة لم تستضف معارضين قطريين.

قال لي ولي عهد الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إنه يرى أن حركة الإخوان المسلمين تشكل خطرا وجوديا على المنطقة.

متاعب سعودية

فيما يخص الإرهاب، تبدو الصورة أكثر غموضا.

تتهم السعودية وحلفاؤها قطر بأنها تمول المجموعات الإرهابية، وخصوصا في سوريا والعراق.

لكن العديد من الأشخاص يرون هذا نفاقا إذ يقولون من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجر.

وفي محاولة فاشلة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، ضخت السعودية ذاتها ملايين الدولارات لصالح مقاتلين سنة متشددين في سوريا، وبعضهم انتهى بهم الأمر في صفوف ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية.

لا يمكن نفي أن قطر تربطها صلات بجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة في سوريا.

وفي إحدى زياراتي لعاصمة قطر الدوحة، أخبرني مسؤولون في جهاز الاستخبارات القطرية في عام 2014 بشكل شخصي بأنهم أفلحوا في تأمين الإفراج عن رهائن كانوا محتجزين عند هذه المجموعة.

ومن الطبيعي أن هذه المجموعة طالبت بمبالغ هائلة مقابل الإفراج عن الرهائن.

وذكرت التقارير أن قطر دفعت في أبريل/نيسان من السنة الجارية فدية باهظة بقيمة مليار دولار (784 مليون جنيه أسترليني) لمجموعات إرهابية في العراق، ودُفِع جزء من هذا المبلغ الهائل لإيران، بهدف تأمين الإفراج عن 26 من أفراد الأسرة الحاكمة احتجزوا عندما كانوا يمارسون لعبة صيد طيور كبيرة تسمى الحبار.

لكن قطر تنفى ذلك.

وبالرغم من أن إجراءات عزل قطر ومعاقبتها تعكس رؤية مشتركة عند عدة بلدان، فإن من قاد هذه التهمة هو ولي ولي عهد السعودية البالغ من العمر 31 عاما، ووزير دفاعها، محمد بن سلمان.

لكن السؤال الذي يطرحه العديد من الأشخاص يتمثل في إن كان محمد بن سلمان قد ذهب بعيدا جدا في موقفه. إن السعودية لها أصلا ما يكفي من المتاعب على يديه.

انخرطت السعودية برفقة الإمارات خلال العامين الماضيين في خوض حرب غير حاسمة ومدمرة جدا في اليمن.

وتتصدى السعودية لتمرد وغضب تشهده المنطقة الشرقية التي يسكنها الشيعة بشكل أساسي.

وفي الوقت ذاته، تبقى السعودية جزءا من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وهي مجموعة فجرت عدة مساجد سعودية وهددت فقط في الشهر الحالي بشن مزيد من الهجمات.

إن الكلفة الحقيقية على المدى البعيد لعزل قطر قد تكون في نهاية المطاف اقتصادية.

وتحتاج الدول الخليجية، حتى تكون قادرة على اجتذاب قطاع الأعمال وتوفير فرص عمل لسكانها من الشباب الذين تزداد أعدادهم، إلى الاستقرار وتأمين بيئة صديقة لقطاع الأعمال.

ومن الصعوبة رؤية كيف أن المواجهة الحالية يمكن أن تلحق ضررا بالوضع الحالي أكثر من الضرر القائم فعلا.

وكلما استمرت المواجهة الحالية، ستكون الجراح أعمق، ليس فقط بالنسبة إلى قطر وسكانها الأغنياء القليلو العدد ولكن بالنسبة إلى المنطقة برمتها.

  • BBC

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button