القاعدة-الدولة الموريتانية:التهديد من الداخل/د.عبدالله محمد عبد الرحمن/alhonza1@hotmail.com
هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها كيان الدولة الموريتانية لتهديد جماعة “سرية ” مسلحة من داخل البلاد ومن أبنائها أنفسهم..
ورغم وجود جماعات سرية عديدة منذ الاستقلال وحتى الآن كحركة الكادحين الماوية والحركات القومية عربية كانت ( ناصرية- بعثية …) أو افريقية ( افلام) إضافة للحركة الإسلامية ” الإخوان”.. إلا أياً منها لم يكن يطرح السلاح كخيار في كفاحه ضد الحكومات المتعاقبة..
فحركة فلام المتهمة بالتشدد العنصري كان أغلب زعمائها في الخارج ومعظم نشاطها كذلك، والذي ارتكز على البحث عن الدعم السياسي لها في أوروبا امريكا و افريقيا معتمدين على مأساة المبعدين مع اتهام العرب الموريتانيين بالعنصرية ..
لكن لم تكن هناك أي محاولة لاستخدام العنف عدا ما قيل عن محاولة الانقلاب في الثمانينات حسب الرواية الحكومية… ” وكان سيطرد بعدها العرب من البلاد كمخطط مسبق”… وهي رواية موضع شك مثل كل الروايات الحكومية التلفيقية عن معارضيها..
ان الدولة الموريتانية رغم الضربات التي تتالت عليها منذ الاستقلال (الجفاف – حرب البوليساريو -عدم الاستقرار السياسي بسبب الانقلابات المتتالية – توتر العلاقات مع الغرب وخاصة فرنسا – ثم أزمة 1989 ومشكلة المبعدين… ) لكنها لم تدخل قط في حرب مفتوحة كما هي اليوم…
حرب البوليساريو
إن الدولة الموريتانية لم تدخل أي صراع مسلح ما عدا الصراع مع جبهة البوليساريو التي انتهجت حرب العصابات فأنهكت الدولة والجيش الموريتانيين، وأظهر مدى الضعف والفراغ الأمنيين، وعدم القدرة على السيطرة على المساحة الهائلة للبلاد ..
ويذكر في هذا السياق ليس فقط الضربات الموجعة والغارات الموجهة للمدن والمناطق الشمالية، بل أيضاً أقصى الشرق ” الحوض” بل وحتى أقصى الجنوب ” كيهيدي”..
ناهيك عن عديد المرات التي تعرضت فيها العاصمة نواكشوط للقصف المدفعي ، مما دفع بالجيش في النهاية إلى إسقاط حكومة المختار ولد داداه بانقلاب عسكري ثم إعلان الخروج من مشكلة الصحراء نهائياً..
لقد كانت هذه الحرب ” حرب المستحيل” بسبب التشابه بل التطابق بين مقاتلي البوليساريو والموريتانيين (القبائل نفسها – اللغة نفسها- اللباس المدني نفسه… بل حتى ذهاب بعض الشباب من الكادحين والقوميين الموريتانيين والتحاقهم بالحركة…. ولا ننسى غياب النشاط الاستخباراتي بسبب عدم تجنيد مواطنين في هذا العمل…. )
كل هذا ساعد هؤلاء المقاتلين على التسلل والحركة بحرية لدرجة أنه يمكن اعتبارها حرباً “أهلية”
لقد كانت جبهة البوليساريو توجه ضرباتها إلى الجيش أو البنية الاقتصادية (تفجير سكة القطار مرات عدة…) أو مجرد دخول مدينة أو بلدة مّا لزرع البلبلة والفوضى بين صفوف المواطنين، و لم يتم قتل أي مدني بشكل متعمد غالباً ، و رغم أسر بعض المدنيين فقد كان ذلك لتبادلهم مع أسرى من مقاتليها عند الطرف الموريتاني..
موريتانيا و الإرهاب
اليوم فإن الدولة والشعب الموريتانيين تواجههما جماعة مسلحة سرية وممولة بشكل جيد وأغلب أعضائها تدربوا عسكرياً على حرب العصابات ” افغانستان -الجزائر” ومن لم تكن لديه خبرة عسكرية من أعضائها.. فإن فكر هذه الجماعة التكفيري قد يدفعه إلى القيام بعملية ” استشهادية – جهادية” بحزام أو سيارة مفخخة يضمن عبرها “دخول الجنة والحور العين”… وذلك تبعاً لنمط التدجين الفكري الذي يجرى لهؤلاء..
فالحرب هنا هي “ضد الحكومة الكافرة ومن يتبعها ” ( جنود المغيطي – القلاوية) بل ضد من ليس ضدها.. وهناك دافع آخر قد يبرر قتل المدنيين وهو كون مذهب العقيدة السائد في البلاد هو المذهب الأشعري وهو مذهب “ضال.. مضل” في عرف هذه الجماعات، ناهيك عن انتشار التصوف وحركاته، وكذلك بعض المظاهر الكفرية في نظر هذه الجماعات ( زيارة القبور – الاستنجاد بالأولياء…الخ) ، كل هذه الأمور تجعل قتل أي شخص ليس من الجماعة مبرراً ودمه هدر..
إن هذه الجماعة التي بدأت تعمل في موريتانيا بعناصر موريتانية… يساعدها في ذلك الفراغ الأمني الموجود في موريتانيا… وضعف سيطرة الشرطة والجيش… عداك عن المخابرات بالإضافة إلى بساطة المواطن الموريتاني والأواصر القبلية والجهوية… كلها تجعله عاجزاً عن التنبه لمخاطر هذه الجماعة، كما أن تعلق هذا المواطن بالتدين و مظاهره ( إطلاق اللحى – التزام الصلوات وبقية ما ظهر منها… ) يدفعه لثقة عمياء في من يتظاهرون بها أو تظهر عليهم ….
إن مجرد كلمة مثل “زين دينو” أو ” ماتفوتو الصلاة” أو ” هذا ول فلان أو من بني فلان ” تدفع المواطن البسيط عفوياً إلى بناء جسر للثقة المطلقة في الشخص الموصوف، وهو عامل نفسي خطر قد يدفع بالناس للقيام بأمور مساعدة تهدد تماسك المجتمع وكيان الدولة..
ومع عدم القدرة على تفريق هذه الجماعة عن غيرها، فإن المواطن العادي قد يندفع دون سوء نية منه لمدّ يد العون لهم لتحقيق مآربهم كما في جريمة قتل السياح الفرنسيين، حيث تمت مساعدة القتلة من أناس لا علاقة لهم ولا علم لهم بما حدث…(تأمين سيارة لنقلهم مثلاً)
سهولة العمل المسلح
ان استتباب الأمن في البلاد ناجم عن غياب عقلية العنف لدى المواطن وليس بسبب السيطرة الأمنية للدولة ..
وبقراءة بسيطة لخارطة الإحداث الإجرامية في البلاد ، نجد أن معظمها – إن لم يكن كلها – تحدث في المناطق الأكثر كثافة و نشاطاً من حيث وفرة العناصر الأمنية والاستخباراتية فيها (العاصمة – نواذيبو – المدن الكبرى….) وتكاد تنعدم في مناطق غياب السلطات…
ان المساحة الشاسعة والضعف الأمني والاستخباراتي داخل المدن وخارجها وكون جميع الاماكن العامة بما فيها الاسواق والوزارات والبنوك والشركات مكشوفة لمن يريد إجراء أي عمل عسكري ( تفجير انتحاري “فردي أو سيارة مفخخة” )… حتى ثكنات ومساكن الجيش والدرك والحرس والشرطة كلها هدف سهل لمثل هذه الجماعة….. فلا أسهل من إدخال سيارة مفخخة في أي سوق من أسواق البلاد وخاصة العاصمة أو إدخالها باقتحام الجدار المحيط بثكنات الجيش أو الدرك أو مساكن عوائلهم..
بل وحتى السفارات الاجنبية وما سفارتا الولايات المتحدة في شرق افريقيا ومقر الامم المتحدة في الجزائر عنا ببعيد.. كما يساعد في ذلك توفر الاسلحة في مناطق التهريب الحدودية والمافيا الدولية لتهريب السلاح وتمويل الجماعة الهائل والتي لم تستطع دول قوية أمنياً ” الجزائر- المغرب” السيطرة عليها..
هذه الامور كلها عوامل خطر إضافي فيكفي أن توجه هذه الجماعة رسالة إلى خلاياها نصف النائمة في موريتانيا للقيام بالضربات المتتالية في العمق ضد الحلقة الأضعف أمنياً واقتصادياً” موريتانيا”..
ولاننسى أن موريتانيا هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تتواجد فيها هذه الجماعة بشكل علني مدعومة من عدة شخصيات معروفة في المجتمع والدليل اطلاق سراح الكثيرين ممن ثبت وجود الفكر الوهابي التكفيري واعلانهم عنه في كل محفل.. (في عهد الرئيس السابق ولد الشيخ عبدالله)
القاعدة في العاصمة :
تفرغ زينه
السابع من ابريل 2008
مواجهة ساخنة بين نفر من الجماعة و الأمن الوطني اظهر الغباء واعتباطية القرارات وسوء التخطيط وقلة التدريب العسكري لمواجهة هذا النوع من الحالات….
في المواجهة مجموعة مسلحة استشهادية الفكر تقف في مواجهة مجموعة من المتدربين الشباب الغرِّ بلا خبرة وبلا أسلحة ما عدا عصي مكافحة الشغب التي جاؤوا يجرونها مع جراحهم إلى المشفى الوطني..
اعتباطية القرارات وسوء التخطيط وغياب التنسيق هو ما تسبب في وفاة ضابط من الأمن..وجرح الباقين من المتدربين…
وقد قتل في المقابل في العملية اثنان من الجماعة هما : موسى ولد اندي وأحمد ولد الراضي…
تلا ذلك عملية الكازينو – سفارة إسرائيل …. ثم بدء النشاط الاستخباري يؤتي أكله “وإن ترافق مع دور كبير للصدفة والغباء في صناعة التاريخ… ”
فقد سقط أعضاء الخلية المستيقظة بسبب من أخطاء متتالية وصدف (منها التواجد معا في نفس المكان)… جاءت من حسن حظ مسؤولي الأمن…
وجاءت عملية البصري ضد السفارة الفرنسية في 8-8-2009 ، أول عملية من نوعها في البلاد ….انتحارية في تفجير حزام ناسف… ورغم أن منفذها كان مجرد هاوٍ كما أظهر ت طريقة قيامه بالعملية…. فتكبيره قبل التفجير تسبب في فشله في تفادي المستهدفين له مما تسبب في جرحهما فقط … عداك عن اختيار مكان التفجير وزمانه… فتواجد الأجانب بكثرة له أماكن خاصة وسهل الوصول لها….
” وقال خبراء في مكافحة الإرهاب إن التفجير الانتحاري الذي وقع قرب السفارة الفرنسية يحمل بصمات العمل غير المدروس، ويبدو أنه نفذ من قبل مجموعة حديثة الالتحاق بالقاعدة، وهو تكرار لما وقع في حادثة اغتيال الرعية الأمريكي كريستوف لانغيس، ما يعني وجود منتسبين غير أكفاء ينشطون ضمن هذه الخلية. فلا طريقة التنفيذ ولا وسائله ولا منفذه يوحون بوجود مسؤول عسكري مهم لإمارة الصحراء خلف هذه العملية، ما يعني أن قادة قاعدة المغرب في الصحراء يغطون بهذه العملية المرتجلة على نشاط آخر في مكان ثان. ” : الخبر الجزائرية
ويجب التذكير هنا أننا على ابواب شهر رمضان… وهو الشهر المفضل عند هذه الجماعات للعمل المسلح وخاصة التفجيرات والسيارات المفخخة… (العراق انموذجاً)
******************************
(( زيارات الرئيس و المسؤولين للأحياء الفقيرة لا تطعم ولا تغني
من جوع أو جهل أو بطالة أو تبرئ من مرض))
لكن الروافد لا تزال تترى … عشرات الشباب الموريتاني المختفي منذ زمن … لا يعرف أهلوه عنه شيئاً … وآلية دعائية ضخمة جهر – سرية تعمل بنشاط للتجنيد… وغياب صارخ لبرنامج وطني للمواجهة أو للوقاية… ومقابل البذخ والفساد وغياب العدل والعدالة….توجد مئات الأحياء الفقيرة التي يعشش فيها الجهل والبطالة والفقر والمرض وبقية الكفـر…(أبو عبيدة البصري خرج من بصرة السبخة…)
“بالمناسبة : منفذو عمليات الدار البيضاء في المغرب اغلبهم من دور صفيح وأحياء شعبية مهمشة (حي سيدي مومن بمدينة الدار البيضاء) وفي عمر الزهور(ما بين 19 سنة و25 سنة).”
والبقية تأتي….