أخبار

قبل إعلان انطلاقته رسميا .. ماذا وراء الدعوة للحوار مع السلفيين “تحليل”

تعيش الساحة الإعلامية الموريتانية منذ عدة ايام اجواء سجال فكري حول اهمية خلق قنوات اتصال للحوار مع سجناء التيار السلفي المعتقلين بتهم تتعلق بتبني الفكر المتطرف وتكوين خلايا للعمل المسلح في موريتانيا .

ورغم ان هذا السجال اعتبر في بدايته – من قبل بعض المراقبين- مجرد مؤشر علي حالة من الحراك الفكري تهدف للتمهيد للاعلان رسميا عن فتح حوار تحت رعاية السلطات العليا في البلد من أجل اقناع عشرات الشباب القابعين في السجن المدني بالتراجع عن الفكر التكفيري المتطرف ، فإن العديد من المعنيين والمهتمين بظاهرة العنف الديني في موريتانيا لم ينتظروا اشارة انطلاق الحوار الرسمي لعرض مناصحاتهم وطرح آرائهم حول هذه الظاهرة ، الأمر الذي ادي الي بروز الكثير من الرسائل والمقالات حول هذا الموضوع الآونة الأخيرة وكأن الجميع كان ينتنظر هذه اللحظة بفارغ الصبر .

ومع ان الكثيرين صدموا بحجم وخطورة الأفكار المتطرفة في خطاب العديد من قيادات هؤلاء السجناء ، تلك الأفكار التي وردت بشكل أكثر جلاء في كتاب قائد تنظيم القاعدة في موريتاني الخديم ولد السمان الذي يتم نشره منذ عدة اسابيع وبشكل يومي في صحيفة الأخبار ، حيث يتفاجئ القارئ بقاموس من العبارات الموغلة في التشدد الديني تصف الجيش الموريتاني بجيش الردة وتنعت الدستور بوثيقة الكفر، وتوجب التفريق بين قضاة موريتانيا وزوجاتهم نظرا لخروج هؤلاء من دائرة الملة علي حد تعبير ولد السمان ، الا أن الكثيرين فوجؤوا ايضا بحجم الحماس الذي قوبلت به فكرة فتح حوار جدي مع هؤلاء الشباب من طرف علماء دين ومتهمين باعتناق الفكر الإرهابي من بينهم معتقلون حاليا في السجن المدني .

الدعوة الي فتح حوار جدي مع السلفيين بدأت كرونولوجيا مع دعوة الشيخ محمد الحسن ولد الددو التي وجهها عبر التلفزيون الموريتاني عقب العملية الانتحارية في اوت الماضي والتي اكدها ايضا في مقابلته الأخيرة مع صحيفة السراج الإسلامية التي دعا فيها فتح حوار جاد مع المتهمين بالتطرف والغلو، مؤكدا علي أن الحوار هو الطريق الأمثل لمحاصرة هذه التطرف وحماية الشباب من الانجراف وراء تياراته ، لتتواتر الأنباء بعد ذالك عن عزم السلطات الموريتانية علي رعاية الحوار مع معتقلي السجن المدني خاصة بعد الزيارة التي قام بها كل من قائد الاركان المساعد للحرس الوطني العقيد مسغارو ولد اغويزي ووزير العدل ابهاه ولد اميدة لهؤلاء السجناء ، إلا أن الحدث الأبرز كان اعلان 25 متهما بالتورط في قضايا تتعلق بالإرهاب عن براءتهم من اعتناق الفكر التكفيري واعلانهم عدم وجود أي علاقة لهم بالتنظيمات الارهابية في الداخل والخارج ، لتنتقل المعركة بعد ذالك الي وسائل الاعلام حيث ظهرت في فترة وجيزة عشرات المقالات والاخبار والرسائل المتعلقة بموضوع الحوار مع السلفيين .

إعلان المساجين السلفيين براءتهم من الفكر التكفيري شكل وفق الكثيرين اشارة مهمة الي امكانية وجود توجه لدي بعض قيادات التيار الجهادي السلفي في موريتانيا لمراجعة البني الفكرية والعقائدية المؤسسة لهذا الفكر مثلما حدث في بعض الدول العربية حيث انتهي الكثير من قيادات الجماعات الاسلامية المسلحة الي التراجع عن كثير من الأفكار ذات الطابع العنفي تجاه المجتمع والدولة ، وهو الأمر الذي زادت قوة احتماله مع بروز عدة كتابات لعلماء دين -كانوا حتي وقت قريب من المحسوبين علي التيار الجهادي السلفي- الي العلن للمطالبة من معتنقي هذا الفكر التراجع عنه ومراجعة انفسهم من اجل تفادي التجارب الفاشلة التي خاضتها جماعات العنف الديني مع عدد من حكومات العالم الاسلامي خلال الحقب لماضية والتي لم تؤدي الا الي زعزعة استقرار هذه البلدان واعتقال وتشريد اعضاء هذه الجماعات وفق ما عبر عنه احد اشهر القيادات السلفية في موريتانيا الشاعر ولد احمد في مناصحته لمعتقلي السجن المدني المنشورة علي موقع اقلام حرة .

ورغم ان بعض العارفين بشان هذه الجماعات مازالت لديه الكثير من التخوفات حول جدية قيادات الجماعات السلفية في سعيها المعلن للتراجع عن افكارها التكفيرية واعتبارهم ان ما حدث حتي الآن لايعدوا كونه مجرد خلاف بين هؤلاء في بعض الفرعيات المتعلقة بالتوقيت المناسب لعرض مثل هذه الأفكار المتشددة والظرفية المناسبة للقتال من اجل تطبيقها علي ارض الواقع ، إلا أن الكثير من المراقبين للوضعية السياسية والأمنية للبلد يرون أن الحوار بات امرا لامناص منه لتجنيب الدولة والمجتمع الموريتاني كوارث لا قبل له بها قد تنجر عن استمرار معالجة موضوع الارهاب عن طريق الإستئصال والمقاربة الأمنية العسكرية البحتة .

انباء – ز/ محمد

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button