قضايا عادلة جبريل جالو/djibrille2000@gmail.com
بعد الجدل الكبير الذي حظيت به رسالة الأستاذ ساموري ولد بي الموجهة إلى الأمين للأمم المتحدة بخصوص قضية “الحراطين” وحقوقهم المهضومة، في مورتانيا. وكل التهم التي وصف بها من متاجرة بالقضية وتدويل لمسألة وطنية، و البحث عن موطئ قدم في السياسة المحلية، بدعوى “نضالية”…. هذه هي الأوصاف التي يجهر بها أنصار الأحادية، و”محامو الشياطينِ” في وجه كل من يدافع عن قضية وطنية عادلة في هذا البلد المكلوم.
لا يتردد هؤلاء المرجفون في نعت بيرام ولد اعبيد “بالعمالة للخارج” حين يثير قضية الرق والمستضعفين. لا شك أن بيرام يكشف عن القضية “بغلظة” لا يرتاح لها كثيرون ،على أنها تبقى أقل شناعة من ممارسة الرق، أو الاستماتة في الدفاع عنه، و التعتيم عليه. كما أن تلك “الحدة” تثير الموضوع وتوليه عناية حرمها لعقود مضت.قطعت فيها “حركة الحر” و “نجدة العبيد” أشواطا هامة في محاربة الرق لكنها لم تصل ليومنا هذا حد طي الصفحة السوداء.
نفس الحناجر، والمنابر، والأقلام تنال من كل يتحدث عن الإرث الإنساني وضحايا القمع والتصفيات العرقية التي طالت أجهزتنا العسكرية والأمنية و إدارتنا وكل المرافق العمومية. ويكفرون حنفي والد الدهاه بدل إدانة للظلم الواقع عليه فقط لأنه يؤمن بقيم العدالة ويحارب لها.
ويعود الحديث عن “الهوية والمواطنة” كلما أثير موضوع اللاجئين الموريتانيين في موريتانيا والسنغال والذين طردتهم الدولة وهددت حياتهم وانتهكت حرماتهم وانتزعت ممتلكاتهم. يعانون- اليوم- إهمال الدولة التي تخلت عن وعودها والتزاماتها في الاتفاقية الثلاثية بين الجمهوريتين الموريتانية والسنغالية والمفوضية السامية لحقوق اللاجئين. يعانون العطش والعزلة وغياب المدارس في أحياء العودة.
ما هي الهوية و المواطنة إن كانت تمجد الإقصاء، وتعيب العدالة، وتمتهن الاستغلال؟ لا أحد من تلك “البيادق” الغيورة على الوطن والراضية على صنوف الظلم تتألم لمأساة البلد حين تصنع الأنظمة الفجوة بين المواطنين وتمكن بعضهم من رقاب البعض وأرزاقهم
بل يذهب المرجفون أكثر من ذلك حين يتم تناول العبودية تهيج فيهم جاهلية الإنكار ويبدأ الاستعطاف نحن “مجتمع واحد” ويوجد الرق في فئات المجتمع الأخرى تختلف مقابر العبيد عن الأسياد السابقين لدى السونكي. صحيح، لكن الدولة لم تعمل على استئصاله بإنشاء التدابير اللازمة لذالك. من قوانين، و متابعات، وحملات دينية. ثم إنه لا أثر للاستغلال والرق لدى “الفلان والسونكى والوولف” أصبحت الأمور من التقاليد المتآكلة بفعل المدنية و الحداثة والاحتكاك بالعام الخارجي.
معاناة “الحراطين” في موريتانيا ككل الشرائح المستضعفة في البلد، بدأت من تحديد الهوية وإكراهية التعريب ومن ثم الإقصاء الوظيفي في الإدارات الإقليمية “الحكام والولاة” و الديبلوماسية. وحتى سلك القضاء.فقبل أقل من شهرين تم إلغاء تعيين ضابط في الشرطة القضائية لدى محكمة ولاية نواكشوط بحجة أن المدعي العام قال إن هذا الضابط لا يعرف” العربية”!!!!!!!.
لنعد إلى أكبر واجهة للدولة في مخاطبة المواطنين ألا وهي الإعلام الرسمي، الإذاعة الوطنية والتلفزة والوكالة الموريتانية للأنباء.نجد غيابا شبه تام للغات الوطنية. وضآلة حصصها ومستوى الرقابة الممارسة على طواقم هذه اللغات “البولارية والسوننكية والولفية” في المواد الإعلامية المنتجة على قلتها وانتقائية الضيوف. إن اللغات الوطنية تحتضر احتضارا وفقا لسياسية ممنهجة رسمتها رجالات الإقصاء لدفن جوانب من ثقافتنا وهويتنا جميعا كأبناء للوطن الواحد.نشترك الماضي والمصير.
جانبان آخران من واقع الإعلام لا يقلان خطورة، يتعلقان بنصيب مناضلي حقوق الإنسان وأنصار الحريات الذين لا يجدون فرصة لكشف عن الممارسات المشينة التي تقترفها أنظمتها أو تحميها، وتكرهاننا على الصمت..!!! لا مجال للبوح.
في الوقت الذي تحتضن فيه عواصم البلدان الفقيرة “المجاورة” عشرات الإذاعات والقنوات الحرة.
الجانب الآخر هو إقصاء الموريتانيين من ذوي التعليم “الفرنسي” من كل أبناء شعبنا من خبراء وعلماء في شتى الميادين وإداريين و مسؤولين حكوميين من حق الكشف عن أرائهم وخبراتها بواسطة إعلامنا العموميطباءإداريين..في الوقت الذي يدعوا فيه وزير الصحة الكوادر الموريتانية للعودة إلى “مقبرة المواهب” للمساهمة في تنمية البلاد.!!!!!!!!!!
إن هذا الواقع الصعب المرير بتواطئ جهات عديدة لنهج خاطئ ينبغي الوعي بخطورته، والعمل على تغييره إسهاما في إحقاق الحق، ونبذ التفرقة وتكريس الوحدة وصيانة التعايش في كنف دولة العدالة والقانون و المساواة.