مقالات

قضية الأسرة االموريتانية العالقة في الإمارات، متى تتذكر وزيرة الخارجية وعدها?/سيدي علي بلعمش/bellamech@gmail.com

في حين تدفع الدول الأوروبية عشرات ملايين الدولارات .. و نطلق سراح عشرات المعتقلين من شجوننا للإفراج عن إسبانيين لدى مجاهدي القاعدة في المغرب الإسلامي بما يعكس معنى المواطنة المتبجح و قيمة الإنسان المقدسة من جهة و ما يعكس معناها المبكي و قيمة الإنسان المخجلة من أخرى ، تبح أصوات أسرة موريتانية عالقة في دولة الإمارات منذ أكثر من عامين ، ـ أطفالا و نساء ـ من دون أي ردة فعل إيجابية من السلطة أو أحد رجال الأعمال أو فاعل خير في بلدنا نحن!؟

ـ السالك شرطي موريتاني تم إرساله سنة 1981 ـ ضمن بعثة فنية ـ عريه لدولة الإمارات العربية المتحدة.. عمل فيها أكثر من عشرين سنة من دون ترقيع و لا تجنيس بسبب طبيعة العقد التي تنص بأنه شرطي ـ عريه في إطار العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين ـ تابع لوزارة الداخلية الموريتانية التي يحق لها استدعاؤه في أي لحظة من دون أن تقبل الأخيرة أن يترتب على ذلك أي حق له في ظلم صارخ لا أحد يستطيع فهمه: فلا وزارة الداخلية الموريتانية تقبل أن يكون شرطيا بها و لا هي تقبل أن يكون منفصلا عنها للمطالبة بحقوقه في الإمارات التي عمل بها شرطيا أكثر من عشرين عاما و هو ما يكفي لاكتساب الجنسية كما تنص على ذلك كل قوانين العالم و الحصول على ما يترتب على ذلك من حقوق من ترفيع و ضمان اجتماعي و تقاعد.

لا أحد يفهم ماذا يمكن أن تستفيد موريتانيا من حرمان هؤلاء من حقوقهم المترتبة على دولة الإمارات التي استغلت هذا الوضع أبشع استغلال و تعاملت معهم ـ على مقتضاه ـ بحقارة لم يسبق لها مثيل و تنكر لما قدموا لها من تضحيات جسام ، لا تفهم أن القانون ـ إذا أخذ مجراه ـ لا يمكن أن يبرئها من مسؤولياتها تجاههم.
أ

مضى السالك أكثر من عشرين عاما من العمل الأمني الشاق بما فيه من تعب و مخاطر ، من دون أن يستفيد خلال هذا العمرـ الذي كان يكفيه لوصول رتبة جنرال في أي بلد آخر ـ من ترفيع أو زيادة راتب و لا أي امتيازات أخرى .
كان الوضع مريحا لدولة الإمارات المستفيدة و غريب كل الغرابة كان موقف بلده الرافض لاستفادته من بلد أمضى فيه كل العمر ـ لا ليخرج منه كما دخله كما يقال ـ و إنما ليجد نفسه غير قادر لا حتى على الخروج منه.
تزوج السالك و أنجب أطفالا في غربة لا ترحم، كان عزاؤه في أن يربيهم و يعلمهم، ثمنا لشقائه.

جاءت حرب الخليج (على الأخضر و اليابس) و تجاوزت فاتورتها طاقات كل بلدان المنطقة (فاتورة تدمير العراق).. تضاعفت عدة مرات أسعار البضائع و السكن و مستلزمات الدراسة من دون أي زيادة على راتب السالك مثل جميع زملائه من الموريتانيين في الإمارات.

و بعد بلوغ سن التقاعد تخلصت منه وزارة الداخلية الإماراتية بلا حقوق و لا راتب تقاعد و لا جنسية و لا حتى حق إقامة في بلد أفنى زهرة عمره في خدمته؛ فظاعة لا يبررها إلا موقف بلده غير المفهوم و شيء من عدم العرقان من طرف البلد الذي أعطاه كل عمره و لم يأخذ منه أي شيء .. البلد الذي ضن عليه حتى بإقامة لترتيب أوضاعه .
عجز السالك عن التنقل بأسرة كاملة ، كانت تتطلب عددا من التذاكر غالية الثمن و تحضيرات مكلفة للتنقل إلى بلد يرفض حتى أن يجد حقوقه عند الآخرين؟

مضى الوقت و هو في حالة إقامة غير شرعية ترتبت عليها مبالغ يومية كبيرة .
و بينما هو يرتب أموره استعدادا لمغادرة الإمارات ، سقط ابنه من الطابق الثالث من العمارة التي كان يسكنها و دخل غيبوبة لعدة أشهر ، كانت كافية لصرف ما كان عنده من نقود للسفر .

كان مستعدا لخسارة كل شيء مقابل حياة ابنه فدفع كل ما بجيوبه من دون تفكير و تراكمت عليه ديون لا قبل له بالتخلص منها ليبقى رهينة مع أطفاله و زوجته في بلد يمنع عليه العمل فيه و تمنع عليه الإقامة فيه و يمنع عليه الخروج منه قبل تسديد ديونه.

لم يعد هناك بد مما ليس منه بد : كان التوجه إلى سلطات بلده و رجال أعماله و فاعلي الخير به هو كل ما تبقى أمامه فأطلق صرخته المؤلمة :

ـ اتصل بوزيرة خارجية بلده فوعدت ،

اتصل بوزير حقوق الإنسان فوعد

اتصل بنواب و شيوخ و رجال أعمال و شخصيات اعتبارية، فوعد الجميع

لكن السالك مازال في انتظار خروج أطفاله من محنتهم المريرة من دون جدوى.

تبرع مواطن موريتاني يعيش في دولة الإمارات (عبد الله ولد بون) مشكورا، بخمس المبلغ (خمسين ألف درهم إماراتي)
و ما زال السالك ينتظر تدخلا من سلطات بلاده و رجال أعمالها و الخيرين من أهلها لإغاثة أسرته العالقة في دولة الإمارات في ظروف لا إنسانية ، طالت أكثر مما ينبغي بسبب مبلغ تافه يتجاوزه آلاف المرات ما أنفقته موريتانيا في ورق مراسلاتها لحل مشكلة المواطنين الإسبان.؟

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button