أخبار

سيناريوهات الرد الاسرئيلي علي قطع العلاقات .. ماذا وراء صمت تل آبيب ؟ “تحليل”

مع مضي عدة اسابيع علي اعلان موريتانيا رسميا علي لسان وزيرة خارجيتها قطع نواكشوط النهائي لعلاقاتها الدبلوماسية مع تل آبيب ، كان من اللافت السكوت الذي طبع الموقف الاسرائيلي الرسمي من هذا الاعلان الذي جاء في مهرجان جماهيري في حي عرفات الشعبي بالعاصمة الموريتانية .

حيث اقتصر رد الفعل الاسرئيلي حتي الآن علي تصريحات صحفية “اعرب فيها مسؤول رفض الكشف عن اسمه عن ان الحكومة الاسرائيلية لن تساعد نظيرتها الموريتانية في محاربة الاسلاميين الذين يحاولون قلب النظام واصفا موريتانيا بالبلد الذي يفضل أن يهوي في الظلمات .

خلفيات الصمت اليميني

هذا السكوت اثار الكثير من التساؤلات حول اسباب ومرامي الامتناع الاسرائيلي عن الرد الرسمي علي القرار الموريتاني ، وهل هو مؤشر علي عدم يأس اسرائيلي من التمكن عبر قنوات سرية من اعادة هذه العلاقات الي سابق عهدها ، ام ان الحكومة اليمينية في تل آبيب استحكم بها الغضب وباتت تتجه للتنسيق في الخفاء لرد فعلي علي ” الاهانة الدبلوماسية ” التي تلقتها من النظام الموريتاني ؟.

ووفق معلومات حصلت عليها انباء من مصادر دبلوماسية فان تلابيب عمدت رسميا الي السكوت عن التصريحات النارية التي باتت تستهدفها من انواكشوط وانها بدلا من الرد العلني علي هذه التصريحات “الغير دبلوماسية ” اختارت التحرك في الخفاء عبر خطة عمل محكمة لرد الاعتبار الي الدولة العبرية ، ولعدم السماح لدولة كموريتانيا بمحاولة “تحطيم ” درع الرعب الاستيراتيجي الذي تحافظ اسرائيل دائما علي ابراز قوتها الاسطورية من خلاله .

وللتدليل علي نية اسرائيل عدم مغادرة المشهد السياسي الموريتاني بشكل نهائي تشير هذه المصادر الي قيام تلاابيب بنقل جميع اليات ومعدات سفارتها في نواكسوط الي داكار المجاورة في حين انه كان من المفترض شحنها الي العاصمة الاسرائيلية ، بالاضافة الي وجود معلومات حول احتفاظ تلابيب بعلاقات جيدة مع شبكة من النافذين في موريتانيا تم بناؤها علي امتداد عشر سنوات هي عمر العلاقات الرسمية بين البلدين .

جذور الاستغلال

وتشير مصادر مطلعة الي ان اسرائيل واللوبيات التابعة لها في الغرب تري في القرار الموريتاني طعنا لاسرائيل في الظهر .

حيث ترتكز المقاربة اليهودية للعلاقات الموريتانية الاسرائلية علي ان النظام العربي في موريتانيا “نظام البيظان” حاول في البداية استغلال اقامة هذه العلاقات في لملمة ملف الصراع العرقي في البلد تسعينيات القرن الماضي وهو الامر الذي نجح فيه الي حد بعيد ، ليستغل قطعها بعد ذالك في الحصول علي تمويلات من الاعداء التقليدين لاسرائيل ” ايران وليبيا “.

وتؤكد هذه المصادر علي ان اسرائيل تري ان الطريقة ” الشعبوية ” التي اعلنت فيها موريتانيا عن قطع علاقاتها مع تلابيب وما سبق هذه الخطوة من “منح” لمستشفي امراض السرطان المموول من قبل جمعيات يهودية لطهران واصرار السلطات علي تصوير التلفزيون الموريتاني للجرافات وهي تهدم مبني السفارة الاسرائيلية بنواكشوط ، شكل اهانة فعلية لاسرائيل وحكومتها اليمينة تستوجب ردا حاسما قد يهدد مستقبل هذا البلد المليئ بالتناقضات الاثنية والسياسية.

وحسب عارفين بملف العلاقات العربية الاسرائلية فانه من الصعب علي تلابيب تجاهل ماتعرضت له من اهانة علي يد حكام نواكشوط وهي المعروفة بحرصها علي تسويق نفسها دوليا كدولة تمتع بقدرة هائلة علي ايذاء كل من يحاول الاضرار بمصالحها او النيل من سمعتها الاسطورية ، وما حادثة تخصيص كوماندوز من اكثر من 18 عشر شخصا من مختلف انحاء العالم لاغتيال احد عناصر حركة حماس في دبي عنا ببعيد .

سيناريوهات الرد

ورغم انه من السابق لأوانه الحديث عن مؤشر عملي يمكن من خلاله رصد مجال رد الفعل الاسرائيلي المتوقع نظرا لغياب معلومات دقيقة حول مكامن قوة اسرائيل في موريتانيا ومحيطها الإقليمي نتيجة للطبيعة السرية – المخابراتية للعلاقات التي كانت تربط نواكشوط وتلابيب خلال السنوات الماضية ، الا انه وحسب عدد من المراقبين فان عدة سيناريهات لهذا الرد بات من الممكن رصدها تتمحور حول محاولة خلق جو من التوتر وروح التمرد الداخلي في موريتانيا من خلال استغلال حالة التذمر التي تعيشها بعض شرائح المجتمع الموريتاني نتيجة التهميش الذي تتعرض له وبروز العديد من القيادات ذات الطرح “الانفصالي” في هذه الشرائح ، او حتي من خلال اللجوء الي سيناريوهات كانت مستبعدة في السابق قد تشمل استخدام سماسرة سريين في المنطقة للتعامل مع تنظيم القاعدة بدعمه لوجستيا واستخبارتيا عبر تمكينه بواسطة هؤلاء من خرائط تحرك رموز النظام الموريتاني واماكن مخازن الاسلحة ومناطق ضعف وقوة النظم عسكريا وامنيا ، وهي امور لاتكلف اسرائيل المعروفة بجهازها الاستخباراتي النشط ادني جهد ، ويدعم هذا الطرح كون اسرائيل لاتري حتي الآن في تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي عدوا مباشرا لها علي غرار العديد من الدول الغربية ككندا وفرنسا اللتين تتهمهما الجزائر بدعم التنظيم بشكل غير مباشر عبر منحه فدى مالية واطلاق سراح بعض نشطائه في صفقات الافراج عن رهائن لديه من رعاياها .

وبالرغم من ان اغلب الموريتانيين رأي في اقامة نظام ولد الطايع في مطلع القرن الجديد لعلاقات “غير مبررة سياسيا”مع اسرائيل خطأ سياسي ساهم في انقاذ نظامه من تهديد المنظمات الحقوقية ، فإن الكثيرمن المراقبين باتوا يرون في الكيفية التي تم بها اعلان نظام ولد عبد العزيز عن قطعها خطأ آخر ربما لايقل خطورة عن الاول نظرا لما يمكن ان يكون له من تداعيات سلبية علي هذا البلد الهش .

انباء

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button