مقالات

لمواجهة ثقافة القتل.. و التكفير

يبد أن موريتانيا أن قد أصبحت في مواجهة حقيقية مع المنظمات الإرهابية، ووجدت نفسها في ميدان حرب القتل والتكفير التي تجتاح العالم منذ بداية التسعينات الماضية، ومنطقتنا المغاربية خصوصا، وكان استفحالها مقتصرا في بدايته في المنطقة على القطر الجزائري الشقيق، لكن سرعان ما امتد لهيبها إلي تونس والمغرب وموريتانيا، والتي تميزت ضربات الإرهابيين لها باستهدافها للجيش الموريتاني، وعلى شكل عمليات غدر مؤلمة لم يتم الثأر لها حتى الآن، وتحمل بصمات وآثار أناس وحشيين لايؤمنون بالأخلاق أو بالدين، وقد يكونون في أغلبهم من غير الموريتانيين الذين كانوا حتي وقت قريب بعيدين عن ثقافة الذبح والتدمير هذه، التي تذكرنا العملية الأخيرة منها في “تورين” بما كان يحدث في الجزائر في عهد التسعينات من إرهاب وحشي خطير، لكننا في موريتانيا ونحن اليوم نتجرع آلام القتل والتخريب الذي تنشره حركات التكفير وخوارج العصر من محاربين وقطاع طرق ، علينا الاعتراف أن الكثير من شبابنا وللأسف قد سقطوا خلال العقود الماضية في شباك هذا النوع من الأفكار “الدينية” الهدامة، التي لا تعرف غير صناعة الموت والقتل والشرور باسم الدين الإسلامي، فنراهم بعضهم في المساجد “وعاظا وأئمة” يحرضون في اتجاه هذا النوع من التفكير المتطرف ، وتراهم يغتابون الناس ويأكلون لحومهم بحجة تطبيق شرع الله في الأرض أو التأدب بآدابه، وهم براء حقيقة من روح تعاليم المحبة والتسامح التي يحث عليها الدين الإسلامي الحنيف، وهم كذلك يستغلون منابر هذه المساجد لتحقيق مآرب شخصية ، وأهداف سياسية لا تعرف غير الظلامية والتوحش، والحقد على الحضارة وتقدم الإنسان، وهم بذلك المنهج المنحرف عن الطبيعة الفطرية للإنسان في التسامح والإخاء، يسعون لتشويه الإسلام أولا وتطويع نصوصه، خدمة لأجندة الكراهية وبث الفتنة وزهق أرواح المسلمين الآمنين، فأي فكر هذا الذي يستسيغ ويتفهم بث هذه الروح العدائية المارقة؟، وأي دين يقبل قتل غير المسلمين بغير حق شرعي؟، فما بلك بذبح المسلمين في شهر رمضان المعظم وتشويه أجسادهم، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، كما جرى في “تورين “لكتيبة من جيشنا البطل تمت إبادتها بطريقة بشعة، إنه الإرهاب والقتل الأعمى، وعلى كل أئمتنا وفقهائنا أن يصدحوا بموقف الشرع واضحا وصريحا من مثل هذه الجرائم والمجازر الدموية، مكفرين من كفره الله ورسوله من مرتكبيها دون مجاملة أو تعاطف مع أصحاب ثقافة القتل والزندقة المستبيحين لدماء المسلمين، وعلي الصحافة عندنا والكتاب والمفكرين أن يفضحوا هذه المنهج المنحرف، ويبينوا مخاطر “فقه” التعصب والغلو والاستغلال السياسي للدين، وان تعمل الدولة لتحذير الناس من خطورة الفكر الخوارجي علي شبابنا الذي يتسلل نحوه من بعض “المساجد” المستغلة من بعض الجهال للتفريق صفوف المسلمين وتكفيرهم، وعلى قواتنا المسلحة وقوات أمننا أن لا تقف عند حد اليقظة و الموقف الدفاعي، وإنما تتجه لاستيراتيجية هجومية وأستباقية قبل وقوع الخطر.
سيدي محمد ولد محفوظ
Mail:mahfod1@maktoob.com

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button