ثورة المحبطين / أحمدو ولد محمد الأمين
أنباء انفو- من يتابع المشهد الموريتاني الآن عن كثب؛ يلاحظ مدى التخبط الذي تمر به بعض النخب السياسة الموريتانية؛
وبغض النظر عما حصل فى العشرية الأخيرة من تغيرفى المشهد السياسي؛ حيث انقلب رأسا على عقب بسبب النهج الذي تبناه الرئيس محمد ولد عبدالعزيز، والذي استطاع من خلاله تفكيك المجتمع السياسي
الذي كان قائما على ركائز من أهمها الزعامات القبلية والروحية القديمة؛ والتي بقيت حاضرة فى المشهد السياسي طوال فترة كل الأحكام السابقة..ومع أن هذه الطريقة التي تبناها وانتهجها محمد ولد عبد العزيز كان لها أثر قوي وساعدته فى تكريس سلطة مطلقة بعيدة عن المحاصصة التقليدية
التي كانت تراعيها الأنظمة السابقة إلا أنها خلقت إشكالات كبيرة وعقدت المشهد برمته
ذالك أن المجمتع الموريتاني هو مجتمع قبلي قائم على توازنات معينة لايتسع المقام لذكرها الآن..
ولكنه فى نفس الوقت مجتمع لديه قابلية لاستيعاب وقبول القيم الديمقراطية.
وقد استوعب المجتمع الموريتاني؛ بسرعة؛ ما بدا أنه نهج جديد فى الحكم قائم على أساس احترام سيادة القرار الرآسي وكان يتطلع الى حلم بناء دولة مؤسسسات حقيقية .
إلا أن هذا المجتمع سرعان ما تبين ان النخبة السياسية التي نشأت فى ظل حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز اوبالأحرى التي خلقها..بدت هذه النخبة غير مهتمة بمعايير الديمقراطية
ولم تبدو كذالك مهتمة ببناء مؤسسات الدولة التي بشر بها محمد ولد عبد العزيز
والذي لم يتأخر فى الشروع فى تغيير معالم الدولة القديمة ليضع ما سماه لبنة بناء الدولة الموريتانية الحديثة
وتجسدت هذه الخطوات فى تغير أهم معالم الدولة مثل العلم الوطني والنشيد الوطني وصولا الى إلغاء بعض المؤسسات الدستورية كمجلس الشيوخ
وقد خيل لهذه النخبة أن محمدولد عبدالعزيز يتشبث من خلال هذه الخطوات بالسلطة ويريد البقاء فى الحكم لفترة غير محدودة دون مبالات لما تمليه القيم الديمقراطية المتمثلة فى النصوص الدستورية التي تمنع ذالك وسرعان ما بدأت هذه النخبة حملة شرسة من أجل خرق الدستور؛ من خلال مطالبة حملت أكثر من وجه لمحمد ولد عبد العزيز من أجل إعلان الترشح ..لكن الرجل كان قطع على نفسه التزامات دولية قوية و يعرف جيدا أن المناخ الدولي والمحلي غير ملائم لخوض مغامرة كهذه ولم يكن بوسعه – فى نهاية سنته الأخيرة – إلا أن ينفذ ماقطع على نفسه من وعد بالتزام مقتضيات الدستور
واحترام التناوب السلمي ..
إلاان هواجسا بدت ظاهرة للعيان ولم تستطع تصريحاته المتكررة إخفاءها لتظهر للعلن؛
فيما يبدو أنه انصياع تام للقيم الديمقراطية واحترام مبدأ التناوب السلمي.
قرر الرئيس بعد المحاولة التي كادت أن تتسبب فى أزمة والتي قادها نواب من هذه الطبقة السياسية الآنفة الذكر؛لو لا مابات يعرف ب: “بيان أبو ظبي” الذي أذيع على عجل وكان فى صيغته تراجع عن مسار كاد أن يصل مداه؛ ويحقق هدفه.
وبناء عليه كان لزاما على الرئيس محمد ولد عبد العزيز أن يكون حاضرا فى صياغة مشهد ما بعد الخروج من السلطة؛ ولعله كان مترددا فى ترشيح رفيق دربه وصديقه المخلص؛ محمد ولد الغزواني ؛ إلا أن الخيارات بدت وكأنها صعبة خصوصا وأن المؤسسة العسكرية ليست بمنأى عن المشهد السياسي الموريتاني
بكل تفاصيله..وربما كان الرئيس محمد ولد عبد العزيز صادقا فى التزاماته كذالك مع صديقه وخليفته المنتظر.
لكن شعورا بات مهيمنا على من تصدروا المشهد سابقا؛ وهم أدوات العشرية الماضية؛ ظهر من خلال حملات تستهدف مرشحا يزعم البعض من هؤلاء أنه مرشح الرئيس والأغلبية. وإن كان تصريح الرئيس الأخير حول هذه النقطة- رد فيه باقتضاب قائلا” رشح نفسه ” يقصد محمد ولد غزواني ..
وقد خلطت هذه الإجابة الأوراق مجددا..وأصبحت هذه الطبقة كالمرجفين فى المدينة يحسبون كل صيحة عليهم..
وبدا وكانهم يخوضون معركة المحبطين فى الربع الأخير من الزمن المتبقي قبل مغادرة الرئيس..