أخبار

الجزائر والمعارضة الموريتانية ..أبعاد المعركة الإستراتيجة مع الغرب

لا صخب ودون قرقعة سلاح ، معركة حامية الوطيس مدارها منطقة الساحل الصحراوي الافريقي الاستراتيجية، التي ينظر إليها على أنها مفتاح الأمن في غرب القارة وشمالها.

الغرب –فرنسا وأمريكا تحديدا- وهو الطرف الأول الرئيس فى تلك المعركة ، يعرف جيدا ما يريد ، لا أقل من تحويل بعض الأوضاع الأمنية الصعبة بمنطقة الساحل الصحراوي إلى ذريعة للتدخل لـ”مقاومة الارهاب” و”التصدي لأنشطة التهريب” التي تغرق القارة الأوروبية بالمخدرات وبموجات المهاجرين غير الشرعيين.

الجزائر ، الطرف الثانى فى المواجهة ،مستندة إلى دعم دول إقليمية و مستفيدة من الإحراجات ، حتى ولو كانت ضئيلة التى تسببها أجنحة المعارضة الراديكالية فى موريتانيا للفرنسيين ، ترفض أي شكل من أ شكال التواجد العسكري الأجنبي فى المنطقة وتعتبره قناعا يراد منه تغطية وجه الإستعمار الغربي الجديد.

المعركة بين الطرفين تدور في الخفاء وتتخذ طابع التربص المتأني بالخصم ولكن أصداءها قد تخرج للعلن بين حين وآخر متخذة أشكالا متعددة من بينها حرب الإحتجاجات والبيانات ، مثل التى حصلت مؤخرا فى انواكشوط ، حين أعلنت المعارضة الموريتانية على لسان زعيمها أحمد ولد داداه ، أنها لن تسكت عن منح حكومة الرئيس ولد عبد العزيز قواعد عسكرية للفرنسيين على التراب الموريتانى ، وأضافت فى أحد بياناتها أن لديها معلومات موثوقة بأن قوات فرنسية موجودة بالفعل فوق الأرض الموريتانية وطالبت بطردها على الفور ومعاقبة المتساهلين فى الموضوع بتهمة الخيانة العظمى.

وجه آخر لـ”الحرب” بين الطرفين تجلى ، في نشر أجهزة الأمن الجزائرية المكلفة بمكافحة الجماعات المسلحة مؤخرا قائمة تضم أسماء المشتبه فيهم بممارسة أعمال إرهابية في الصحراء والساحل الأفريقي.

وضمّت هذه القائمة، التي تم تعميمها على أجهزة الأمن العاملة في ولايات الجنوب في الصحراء، صور 108 أشخاص منهم 21 جزائريا متهمين بالانتساب لما يسمى ”إمارة الصحراء”.

ويعتبر الرقم 108 زهيدا قياسا لأرقام تتحدث عنها دوائر أمنية غربية، حيث تنشر أجهزة الاستخبارات الغربية تقارير حول وجود ما بين 300 إلى 400 ناشط بالجماعات المسلحة في منطقة الساحل.

ويراد من الرقم الأول إبراز النجاحات التي حققتها الاستراتيجيا الأمنية الجزائرية والجهد الكبير في مقاومة الجماعات المسلحة وتضييق الخناق عليها. بينما يراد من الرقم المقدم من الغرب إثبات العكس وبالتالي إبقاء باب التدخل مفتوحا، حيث لا تيأس دوائر أمنية غربية من عرض “خدماتها” على بلدان المنطقة، وهو عرض غالبا ما يواجه بالرفض.

كذلك يبين حدث نشر القائمة قوة الجزائر لا في العمل الميداني وملاحقة المسلحين على الأرض فحسب، لكن أيضا قيمة الجهد الاستخباري في جمع المعلومات عن المسلحين وأماكن نشاطهم.

ويقول مختصون إن خبرة الجزائر الطويلة بمقارعة المسلحين جعلها تستند إلى بنك معلومات ثري عنهم. وسبق أن تحدث هؤلاء عن رغبات غربية في الاطلاع على محتويات ذلك “البنك” وهو ما ترفضه الجزائر.

الجزائر تبدو على بينة من النوايا الغربية، وهو ما سبق لوزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي أن عبر عنه بصراحة رافضا ما أسماه التضخيم الإعلامي الذي تقوم به وسائل الإعلام الغربية بشأن الوضع الأمني في الساحل الإفريقي، مشددا على أن دول المنطقة قادرة على احتواء الوضع لوحدها.

وذكرت صحيفة “الخبر” الجزائرية أن أجهزة الأمن المشتركة لدول الساحل المكلّفة بمكافحة الإرهاب في الصحراء والساحل، نشرت القائمة الإسمية الأولى للمشتبه فيهم بممارسة أعمال إرهابية، وكان الموريتانيون غالبية ضمن هذه القائمة المكونة من 108 أسماء من بينهم جزائريون وموريتانيون ونيجريون وتشاديون وماليون.

وأضاف المصدر نفسه أن القائمة التي تضمنت صورا تقريبية مرسومة باليد لأشخاص، ووصفا دون صورة، خلت من أشخاص آخرين ينتمون إلى جنسيات أخرى رغم وجود تقارير رسمية تتحدث عن انضمام مصريين وسنغاليين ومتشددين من البينين وبوركينافاسو إلى ما يعرف بـ”إمارة الصحراء”.

وأشارت الصحيفة إلى أن قائمة أسماء الجزائريين تضمنت أسماء “إرهابيين قدامى مثل مختار بلمختار وحمادو عبيد وحميد السوفي ويحيى جوادي وسبعة آخرين التحقوا بالعمل المسلح حديثا ينحدرون من ولايات بسكرة، باتنة ووادي سوف”.

وضمت القائمة “أسماء 34 إرهابيا من موريتانيا أهمهم عبد الرحمن ولد عبد الله ولد محمد المكنى أبو أنس الشنقيطي”، ويستعمل اسما بديلا وهو ”عبد الرحمن التندغي”، نسبة إلى قبيلته في موريتانيا وآخرين أهمهم ولد كنتي بالخير المكنى “أبو عبد الديان”، وهو من مدينة أطار وسالم ولد اسلم أمادو من نواكشوط، وآخرين غير معروفين، غالبيتهم من مدن النعمة تيجكجة وأطار ونواكشوط.

وذكر المصدر نفسه أن غالبية الملتحقين الجدد لفرع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي في الصحراء هم من موريتانيا ومالي.

ولفت إلى أن الجزائريين في هذه الجماعة تحوّلوا إلى أقلية وبات غالبية عناصر الجماعة من الجنسيتين الموريتانية والمالية، إذ يقدّر عدد المطلوبين من الجنسية المالية والموريتانية بـ55، بينما لا يزيد عدد الجزائريين عن 21 مطلوبا، نصفهم كانوا ينشطون في جبال ولايتي بسكرة وباتنة في جنوب شرق الجزائر.

وأشار المصدر إلى أن غالبية الموريتانيين التحقوا بجماعة يحيى أبو عمار في الفترة الممتدة بين العامين 2003 و2009 منهم من كان ينشط ضمن جماعة تسمي نفسها بـ”جند الله المرابطون”.

واعتبرت الصحيفة أن إصدار مثل هذا التعميم الأمني حول هوية المسلحين الناشطين في دول الساحل الأفريقي أحد أهم ثمار التنسيق الأمني بين الدول التي اتفقت قبل نحو سنة على إصدار قاعدة بيانات أمنية يتم تجديدها باستمرار تتضمن المستجدات الأمنية في الساحل.

ودعت الجزائر في ظرف شهرين “مارس وإبريل الماضيين”، إلى اجتماعين هامين، للنظر في كيفية مواجهة التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل من خلال التنسيق توجا باتفاقات حول أهمية التعاون على المستويين الثنائي والإقليمي من أجل مكافحة فعالة وشاملة للإرهاب بالإضافة على رفض دفع الفدية في حالات الاختطاف، وعلى إعداد استراتيجية مشتركة لمكافحة الإرهاب والجريمة في المنطقة.

وكان وزير الداخلية الجزائري الجديد، دحو ولد قابلية، حذر من وجود مخطط أجنبي يهدف الى الاستحواذ على ثروات منطقة الساحل الإفريقي من خلال الظاهرة الأمنية في منطقة الساحل.

وقال إن المنطقة “أضحت عرضة لتنافس قوى دولية تقليدية تسعى إلى الاستحواذ لأغراض سياسية وجيو استراتيجية على ثروات المنطقة”، مشيرا إلى أن اجتماع قادة أركان جيوش دول الساحل في الجزائر في إبريل-نيسان الماضي “يكرس عزم حكومات هذه البلدان على إيجاد الوسائل المواتية لتأمين المنطقة من دون أي تدخل أجنبي”.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button