رسالة ملك المغرب إلى تجمع الساحل والصحراء
أنباء انفو- استقبلت القمة الاستثنائية لرؤساء دول وحكومات تجمع الساحل والصحراء، المنعقدة أمس بنجامينا رسالة من عاهل المملكة المغربية محمد السادس ، أكد فيها التزام المغرب في إطار التعاون جنوب -جنوب، ب”إرساء أسس اندماج يشجع الاستثمارات والمبادلات.
وتمحورت أشغال قمة انجامنا حول سبل إنعاش المنظمة الإقليمية وإعادة هيكلتها، كما تم تعيين المغرب نائبا للأمين العام للمجموعة، وهو المنصب الذي أحدث أخيرا، إضافة إلى انتداب إطار مغربي سامي للالتحاق بالأمانة العامة للمنظمة.
في السياق ذاته، صادقت القمة الاستثنائية للمنظمة الإقليمية المعروفة اختصارا بمجموعة” سين صاد” على قرار تولي النيجر الأمانة العامة للمنظمة لولاية ثانية من أربع سنوات ونقل مقر الأمانة العامة للتجمع من طرابلس إلى نجامينا.
وجدد العاهل المغربي الملك محمد السادس، في رسالة إلى قمة “سين صاد” التزام المغرب بإعطاء زخم جديد لتجمع دول الساحل والصحراء، بوصفه تجمعا اقتصاديا إقليميا للاتحاد الإفريقي، معربا عن تأييده لتعزيز عمل المنظمة الإقليمية من أجل السلم والاستقرار والتنمية، في فضاء الساحل والصحراء.
وأشار في هذا الصدد إلى أن المغرب ما فتئ يعمل بحيوية من أجل إنشاء شبكة للفاعلين، تضم كلا من القطاع الخاص، والمجتمع المدني. و تجسدت هذه السياسة على أرض الواقع، في إحداث ثلاث لجان خاصة بمنطقة الساحل، ومنطقة حوض الكونغو، والدول الجزرية، وفي المبادرة الخاصة بتكييف الفلاحة الإفريقية.
واستطرد ملك المغرب أن العمل الذي يقوم به تجمع دول سين صاد في مجال حفظ السلم والأمن داخل فضاء الساحل والصحراء، يجب أن يكون مدعوما بمبادئ احترام سيادة الدول، ووحدتها الترابية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، بالموازاة مع العمل على تعزيز قنوات الحوار والوساطة، والمساعي الحميدة، والدبلوماسية الوقائية، مؤكدا أن من شأن هذه التدابير أن “تكفل حماية أجيالنا الحالية والمقبلة، شريطة تدعيمها بنظام تربوي جديد، يقوم على الإبداع وتحرير طاقات الرأسمال البشري”.
بوريطة يسلم رسالة من ملك المغرب الى الرئيس التشادي
وعبر العاهل المغربي عن “استعداد المملكة المغربية،انطلاقا من ثوابتها وقناعاتها الراسخة، لوضع تجربتها في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، رهن إشارة الدول الإفريقية الأعضاء في تجمع دول سين صاد ، وهي تجربة ترتكز على مقاربة ثلاثية الأبعاد، تجمع بين الجانب الأمني والمكون الديني ومحاربة الهشاشة والفقر. ولا سبيل إلى كسب هذه المعركة إلا بالتعاون الجاد والمسؤول بين كافة الفاعلين المعنيين”.
ولهذه الغاية، يضيف العاهل المغربي، يتعين علينا أن نمد منظمتنا بوسائل عمل ترقى إلى مستوى الطموحات والمهام التي أنطناها بها. ولذلك، فمن الواجب علينا جميعا أن ندعم تجمع دول سين صاد من خلال الالتزام بالمساهمات الوطنية المقررة في ميزانيته. وأبرز الملك محمد السادس أن “أكبر تحد مشترك لنا، يظل هو توفير فضاء تنعم فيه بلداننا وشعوبنا بالأمن والاستقرار والرخاء والتنمية. فلنتحد جميعا من أجل مصلحة شعوبنا وقارتنا، إفريقيا”.
وأضاف أن تجمع دول سين صاد يزخر أيضا بثروات وإمكانات إنمائية مهمة، مشيرا إلى أن منطقة الساحل والصحراء، التي يتجاوز ناتجها الداخلي الإجمالي 1000 مليار دولار، ويقدر عدد سكانها بحوالي 600 مليون نسمة، تتوفر على موارد طبيعية هائلة وإمكانات للتكامل، واقتصاديات السعة، وقدرات نمو واعدة. فهكذا، يقول العاهل المغربي”يتوفر تجمع دول سين صاد على الأدوات والوسائل الكفيلة بتمكين دوله الأعضاء، من المساهمة بشكل فعال في مسار الاندماج الإقليمي والقاري. فذلكم هو مبرر وجوده، وتلكم هي الروح التي ينبغي أن تسود أشغالنا وعملنا”.
وأكد العاهل المغربي أن الأعضاء بصدد عملية إعادة تموقع قاري لـ”سين صاد ” تستدعي تضافر كل الجهود من أجل تفعيل أحكام المعاهدة المنقحة، وتمكين التجمع من مواصلة السير قدما نحو اندماج إقليمي حقيقي، مشددا على ضرورة الاسترشاد بالتوجهات المتمثلة في تعزيز فعالية وكفاءة الأجهزة التنفيذية لتجمعنا، وفق التوجهات الصادرة عن مؤتمر إعادة هيكلة الأمانة التنفيذية؛ وإرساء مختلف الهياكل المؤسساتية المنصوص عليها في المعاهدة المنقحة لتجمع دول سين – صاد لاسيما المجلس الدائم للسلم والأمن، والمجلس الدائم المكلف بالتنمية المستدامة؛ وكذا إعداد استراتيجية للتنمية البشرية في فضاء الساحل والصحراء، وبرامج لإدماج الشباب؛ والتنزيل الفعلي لاستراتيجية مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف؛ وكذا تفعيل استراتيجية الأمن والتنمية لتجمع دول سين صاد(2015-2050)؛ وإعداد سياسة مشتركة حول أمن الحدود واعتماد خطة عمل تنفيذية.
وخلص العاهل المغربي إلى أن هذه التدابير” ستمكن من تعزيز الدور المنوط بتجمعنا، باعتباره مخاطبا متميزا لحل الأزمات التي يشهدها فضاؤنا، في إطار مقاربة تروم التكامل مع بقية التجمعات الاقتصادية الإقليمية، والاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وغيرها من الأطراف المعنية.
من جهة أخرى، اعتبر العاهل المغربي أن انعقاد هذا اللقاء في نجامينا بالذات، يكتسي رمزية خاصة. حيث شهد التجمع في هذه المدينة، سنة 2013، تحولا كبيرا ، تمثل في الانتقال من “تجمع لمكافحة التصحر والجفاف والتغيرات المناخية”، إلى مجموعة تكرس عملها لتشجيع التعاون، والتنمية المستدامة، وحفظ وتوطيد السلم والأمن والاستقرار، وتعزيز الحوار السياسي، ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، بجميع أشكالها.
وذكر بأن هذا التحول الذي عرفه التجمع، والذي نشأ نتيجة عزم مشترك، كان يهدف إلى تكييف إطار عمل التجمع مع متطلبات التحديات التي تواجه دوله. كما أنه يجسد إرادتها المشتركة للالتئام في إطار موحد.
وقال العاهل المغربي “واليوم، وقد مرت إحدى وعشرون سنة على إنشائه، يشهد تجمعنا تحولا عميقا، ويكتسب وجاهة جديدة. فتجمع دول سين صاد “يتميز عن بقية التجمعات الاقتصادية الإقليمية، التي تحظى باعتراف الاتحاد الإفريقي، بكونه تجمعا عبر-إقليمي”.
وشدد على أن ذلك يشكل أبلغ تعبير على أن هذه الهيئة تحمل داخلها فكرة التجمع. ففضلا عن الخصوصيات الجغرافية والمناخية التي تميز فضاء الساحل والصحراء، والتي تجمع بين دوله الأعضاء، فإن تجمع دول سين صاد يلتقي حول التحديات والأسس المشتركة، والمتمثلة في الأمن الجماعي والتنمية المشتركة المستدامة والشاملة.