هجوم الخميس وفرصة استعادة ” الشرعية المفقودة ” – تحليل –
مع اعلان وزير الاتصال الموريتاني قبل عدة ساعات عن انتهاء العملية العسكرية التي نفذتها وحدات من الجيش الموريتاني ضد عناصر من تنظيم القاعدة قرب الحدود مع مالي والتي اسفرت حسبه عن مقتل 7 من اعضاء التنظيم وهروب ثلاثة منهم مازالت وحدات الجيش تطاردهم في الصحراء ، بدأت التحليلات تظهر حول تداعيات اول عملية هجوم ينفذها الجيش الموريتاني ضد مسلحي تنظيم القاعدة صاحب التاريخ في الغارة علي وحدات هذا الجيش في مواقع لمغيطي والغلاوية وتورين .
فما تضيفه هذه العملية من معطيات تجعل منها حدثا مفصليا في الحرب بين نواكشوط والقاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ، يغري باستشراف بعض سيناريوهات هذه الحرب وتداعياتها المحتملة علي طرفيها المباشرين موريتانيا وخلايا التنظيم المسلح .
واذا تجاوزنا مسالة تحديد الهدف الحقيقي من هذه العملية والذي ماتزال التصريحات القادمة من باريس ونوكشوط عاجزة عن اعطاء حقيقته الكاملة هل هي ” عملية عسكرية لتحرير الرهينة الفرنسي المحتجز منذ عدة اشهر في الصحراء” كما ادعت السلطات الفرنسية او انها ضربة استباقية من القوات الموريتانية للقاعدة التي كانت تعتزم خلال الايام القادمة شن غارة علي قاعدة تابعة للجيش في باسكنو ، وفق ما اعلن وزير الداخلية الموريتاني .
اذا تجازنا مسالة الهدف من العملية الي تداعياتها المستقبلية على موريتانيا التي كانت توصف من قبل محللي الشأن الارهابي في المنطقة بالحلقة الاضعف في حلف دول مواجهة القاعدة في الساحل ، فإن الكثير من المراقبين بات يتخوف من تداعيات “ايجابية ” لهذه العملية بالنسبة للتنظيم الاسلامي المسلح .
حيث ان تاريخ التعاطي العسكري مع تنظيم القاعدة في الصحراء المؤلف في غالبه من ابناء دول اسلامية مغاربية وافريقية دخل بهذه العملية المنفذة من طرف قوة موريتانية بمساعدة جنود فرنسيين ” اكثر من20 جندي حسب وكالة الانباء الفرنسية ” ودعم استخبارتي غربي ، منعطفا جديدا من شأنه ان يغير قواعد الصراع الدائر منذ عدة سنوات في عمق الصحراء وان يتجه بالامور صوب تدخل غربي في الحرب بين عناصر التنظيم “ودولهم المسلمة “.
وهوما سيؤدي الي توفير مبرر “شرعي” ، كان التنظيم “المنبوذ” من طرف غالبية شعوب المنطقة بسبب استهدافه لابناء” دول مسلمة” في امس الحاجة اليه خصوصا في مايتعلق بموريتانيا التي تمكنت بعد قطع علاقاتها مع اسرائيل من تجريد التنظيم من آخرر اوراقه .
مايخشاه المراقبون بعد هذه العملية هو نفسه ماسبق وان نبه اليه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي عرفت بلاده في التسعينيات سنوات من “الدم ” نتيجة صراعها مع الاسلاميين المسلحين ، صراع حرص بوتفليقة صاحب قانون الوئام المدني الشهير علي تبرير عدم الاستعانة بالدول الغربية في حسمه بمنع التنظيم من الحصول علي ورقة تساعده في كسب شرعية داخلية في الحرب التي يخوضها ضد حكومة وافراد الشعب الجزائري المسلم .
فالتنظيم الباحث عن شرعية “يبرر” من خلالها استهدافه لدول تدين غالبية سكانها بالدين الإسلامي نفس الدين الذي يدعي قادة الجهاد من اجله هو في أحوج الحاجة إلي تدخل غربي في الحرب التي يشنها ضد جيوش دول منطقة الساحل والمغرب ، وهو ما يوجب علي الدول المعنية وضع قواتها الأمنية والاستخباراتية في حالة تأهب دائم نظرا لقوة تنظيم والتي اثبتت التجارب انها لاتكمن في العتاد بقدر ما تكمن في وجود بنية “شرعية ” للفكر المتطرف داخل المجتمعات تسمح له بالقدرة علي تسويق نفسه وتبرير مايرتكبه من افعال .