أخبارأخبار عاجلةثقافة وفنعربيمقالات

أمازيغية مدن موريتانيا .. مقال بحثي جديد

أنباء انفو- فى مقال بحثي نشر حديثا ، كتب مبارك بلقاسم، مقالاجديدا ، حاول خلاله تأصيل أمازيغية تسمية بعض المدن الموريتانية أبرزها مدينة شنقيط التاريخية وعاصمة البلاد انواكشوط وعاصمتها الإقتصادية انواذيبو وغيرها من مدن تقع بمختلف جهات البلاد.

نظرا إلى أهمية المقال وقيمته البحثية تعيد “أنباء انفو” نرشره دون تصرف

  • -مدن موريتانيا بأسماء أمازيغية :
  • بلاد موريتانيا أو موريطانيا معروفة في اللغة الأمازيغية بهذه الأسماء: Agawej وأيضا Agawec (أگاوش) وأيضا Cengiṭ (شنگيط).

الكلمتان Agawej وَ Agawec (أگاوش) تعنيان بالأمازيغية: أرض الكثبان الرملية.

أما Cengiṭ (شنگيط)، وتكتب في الكتب العربية “شنقيط”، فهي مدينة أمازيغية صنهاجية قديمة في موريتانيا الحالية اشتهرت في العصر الوسيط كممر للقوافل التجارية وكانت مركزا تجاريا ودينيا. وهي معروفة في كتب الأوروبيين بالاسم Chinguetti. وتزخر هذه المدينة الموريتانية القريبة من الحدود المغربية بكنوز وآثار المعمار الأمازيغي الصنهاجي، ويبلغ سكانها حاليا حوالي 5000 نسمة. ومدينة Cengiṭ مصنفة من طرف UNESCO كتراث عالمي.

وعلى الساحل الموريتاني الأطلسي نجد 3 مدن ذات أسماء أمازيغية تبدأ بـ Nwa وهي: مدينة Nwakcoṭ (نواكشوط)، مدينة Nwadibu (نواذيبو)، مدينة Nwamɣar (نوامغار).

– مدينة Nwakcoṭ نواكشوط عاصمة موريتانيا ويعيش فيها ربع سكان موريتانيا. والاسم Nwakcoṭ هو اسم أمازيغي مركب من جزأين: n أو en (معناه: دْيال، نتاع) وَ akcoḍ (أكشوض) الذي يعني بالأمازيغية الزناگية الموريتانية: “الصدَفة / المَحار” (بالإنجليزية: shell أو seashell، وبالفرنسية: coquillage أو coquille) والذي نجده على الشواطئ. فيصبح الاسم Nwakcoṭ يعني: “ذو المحار / ذو الصدفات” أو بالدارجة: “دْيال المَحار” أي المكان الشاطئي الذي تكثر فيه المحارات والصدفات.

المصدر القاموسي: انظر الصفحة رقم 314 من Dictionnaire zénaga français، القاموس الزناگي الفرنسي، من تأليف الباحثة Catherine Taine-Cheikh، منشور عام 2008، عن دار النشر الألمانية Rüdiger Köppe Verlag، كولونيا Köln، ألمانيا.

وانظر أيضا الصفحة رقم 211 من Dictionnaire français zénaga – berbère de Mauritanie، القاموس الفرنسي الزناگي – أمازيغية موريتانيا، من تأليف الباحثة Catherine Taine-Cheikh، عام 2010، منشورات Rüdiger Köppe Verlag، كولونيا Köln، ألمانيا.

وبالنسبة للمغاربة والجزائريين فيجب عليهم أن ينتبهوا إلى أهمية التمييز بين كلمة akeccoḍ (أكشّوض) الأمازيغية المعروفة جيدا في المغرب والجزائر والتي تعني: “الخشب، عود الخشب، العصا، الحطب”، وكلمة akcoḍ (أكشوض) الزناگية الموريتانية الأمازيغية التي تعني “المَحار / الصدف / الصدَفة”.

– مدينة Nwadibu نواذيبو هي العاصمة الاقتصادية لموريتانيا وأهم ميناء تجاري وسمكي موريتاني. وتقع نواذيبو على بعد بضعة كيلومترات من مدينة لگويرة Tagwirt المغربية.

والمعنى الأمازيغي الزناگي الأصلي لاسم مدينة Nwadibu (نواذيبو) غير واضح، ولكن بنيته الأمازيغية واضحة. ومن المحتمل أن يكون مشتقا من الجذر الأمازيغي الزناگي DBH أو WDH الذي يفيد معاني “المشي، الذهاب، الرحيل” (ويقابله في أمازيغية الشمال الجذر DW الذي نجده في الفعل الأمازيغي yeddu ويعني: “مشى، ذهب، راح”). والاسمان amadbih وَ anadbih في الأمازيغية الزناگية يعنيان “الراحل، الذاهب”. والعبارة الأمازيغية الزناگية aman dban تعني “المياه مشت” أي: المياه سالت. فربما معنى Nwadibu قد يكون شيئا مثل: مكان الرحيل (أي مكان خروج سفن الصيادين). والمنطقة الساحلية بين مدينة Nwamɣar ومدينة Nwadibu كانت وما زالت مسكونة منذ القديم من طرف قبائل من صيادي السمك المحترفين يسمون بالأمازيغية Imragen (إيمراگن) وأيضا Umragen.

– مدينة Nwamɣar نوامغار هي مدينة موريتانية ساحلية صغيرة تقع في منتصف الطريق بين مدينة Nwadibu والعاصمة Nwakcoṭ. كلمة amɣar (أمغار) الأمازيغية معروفة لدى الجميع وهي موجودة في أمازيغية المغرب والجزائر وأيضا في أمازيغية موريتانيا الزناگية ومعناها واحد وهو: “الكبير، الزعيم، الشيخ”. إذن يصبح معنى اسم مدينة Nwamɣar (نوامغار) الموريتانية واضحا وهو: “ديال الكبير / ديال الشيخ” أي “مكان الشيخ/مدينة الشيخ”.

وتزخر موريتانيا بأسماء مدن وقرى أمازيغية كثيرة مثل: بوتيلميت Butilmit، أطار Aṭar، تيمبدغا Timbedɣa، تجكجا Tidjikdja، تاندغا Tanedɣa، تامشكط Tamcekeṭ، تيشيت Ticit، أكجوجت Akjujet، أوداغوست Awdaɣust.

ونجد في موريتانيا أيضا أسماء أمازيغية أخرى لأقاليم ومناطق شاسعة مثل: أذرار Adrar، ثاگانث Tagant، ثيريس زمّور Tiris Zemmur.

واللغة الأمازيغية (الزناگية) في موريتانيا يسميها أهلها: Toẓẓongiyya (ثوژّونگـيّا).

وفي أمازيغية الشمال (المغرب، الجزائر…إلخ) يسمى الرجل الزناگي / الصنهاجي: Aẓnag وصيغة جمعه: Iẓnagen.

أما في موريتانيا فإن الناطقين بالأمازيغية الزناگية يطلقون على الرجل الزناگي: Aẓnog وصيغة جمعه: Oẓnagen. ويطلقون على المرأة الزناگية: Taẓnogt وصيغة جمعها: Toẓnagen (وليس Toẓnagin).

أما اسم اللغة نفسها فهو: Toẓẓongiyya.

ويطلق الزناگيون على لغتهم أيضا: Away en Oẓnagen (أي: كلام الزناگيين) وهي عبارة أمازيغية زناگية تقابلها العبارة الأمازيغية الشمالية المغربية الجزائرية: Awal en Yiẓnagen.

وكما لاحظتم فإن كلمة Awal الأمازيغية الشمالية تقابلها كلمة Away الزناگية الموريتانية.

(راجع القاموسين المذكورين أعلاه).

واللغة الأمازيغية (الزناگية) الصنهاجية Toẓẓongiyya في موريتانيا هي الآن على حافة الانقراض التام والموت النهائي لهذه الأسباب الرئيسية:

1 – أن عدد الموريتانيين الناطقين بالأمازيغية الزناگية حاليا ضئيل جدا ويتناقص باستمرار. وتقدر الباحثة Catherine Taine-Cheikh مجموع تعدادهم بـ 4575 موريتاني ناطق بالأمازيغية الزناگية في عام 2008 وهم موزعون على عدة قبائل وقرى متفرقة في مدينة المذرذرة Mederdra وقرى ونواحي ولاية الترارزة Trarza جنوب وشرق العاصمة الموريتانية. وأغلب الناطقين بالأمازيغية الزناگية حاليا تجاوزوا سن الأربعين أو الخمسين.

2 – أن اللغة الأمازيغية الزناگية لا تدرّس في المدارس والجامعات الموريتانية، ولا تعترف بها الدولة الموريتانية كلغة قومية وطنية أو رسمية.

3 – أن أغلب الموريتانيين الناطقين الآن بالأمازيغية الزناگية قد تجاوزوا سن الأربعين أو الخمسين. وهكذا فإن اللغة الأمازيغية الزناگية لم تعد تورث للأطفال الموريتانيين ولا يسمعها أحد في الإذاعة والتلفزة.

4 – أن هناك نزعة جامحة لدى الناطقين بالأمازيغية إلى الاستعراب الطوعي بتأثير من الإسلام ولغته العربية المقدسة. وهذا إضافة إلى سياسة التعريب والفرنسة التي تنهجها الدولة الموريتانية في التعليم والإدارة والإعلام.

5 – أن الموريتانيين الناطقين بالأمازيغية الزناگية يخجلون من أن يتكلموا بلغتهم أمام الأجانب ويتجنبون بشكل تام أن يتكلموا بها أمام الموريتانيين الناطقين بالعربية الحسانية. وهذه الظاهرة العجيبة الغريبة المنحرفة موجودة في بقية البلدان الأمازيغية ولكن بشكل أخف. فمثلا في المغرب إذا اجتمع في مؤتمر أو حفلة أو مناسبة اجتماعية 20 مغربيا ناطقا بالأمازيغية فإنهم يتشقلبون أتوماتيكيا إلى التمتمة بالدارجة بمجرد وجود مغربي واحد بينهم ناطق بالدارجة، حتى لا يشعر بالغربة والحرج بينهم! ولا يشجعونه أبدا على تعلم الأمازيغية! وبهذا السلوك فإن الناطقين بالأمازيغية يواصلون الاستعراب كسلوك اضطراري وكعادة اجتماعية، والناطقون بالدارجة أو الحسانية لا يشعرون أبدا بالحاجة إلى تعلم اللغة الأمازيغية.

أما في موريتانيا فقد وصلت ظاهرة التنكر للغة الأمازيغية والخجل من الكلام بها إلى مستويات لا تصدق وأصبح هذا التنكر والخجل أشبه بقانون عرفي اجتماعي سري ينفذ بصمت إلى حد اليوم. وقد انتبه لهذه الظاهرة العجيبة الغريبة المنحرفة باحثون أوروبيون زاروا موريتانيا منذ أوائل القرن العشرين. ومازال هذا السلوك مستمرا إلى اليوم في القرن 21 كما لاحظته الباحثة Catherine Taine-Cheikh عام 2008.

ويروي Paul Dubié في تقريره حول الموريتانيين الناطقين بالأمازيغية الذي كتبه عام 1940 بعنوان L’îlot berbérophone de Mauritanie بعض هذه السلوكات اللغوية السلبية للناطقين بالأمازيغية في موريتانيا والتي تفسر لنا بوضوح كيف تنقرض اللغة الأمازيغية بالاستعراب الطوعي، حيث يقول:

“حين يكون الشبان الناطقون بالأمازيغية بصحبة شبان من قبائل أجنبية غير ناطقة بها فإنهم لا يفتخرون أبدا بمعرفتهم بالأمازيغية الزناگية بل يتظاهرون بأنهم لا يعرفونها. الناطقون بالأمازيغية يتجنبون تأدبا أن يتكلموا بالأمازيغية الزناگية حين يكونون بصحبة موريين (موريتانيين) ناطقين بالعربية الحسانية فقط. الأمازيغية الزناگية تستعمل داخل العائلة والجماعة ولا تستعمل خارج القبيلة. ولذلك فالناطقون بالأمازيغية المنتمون إلى قبائل مختلفة يتجنبون الكلام فيما بينهم بأمازيغيتهم ويتكلمون غالبا بالعربية الحسانية. […]. وبعض المتعلمين الناطقين بالأمازيغية يحرمون على أولادهم الكلام بالأمازيغية الزناگية خوفا من أن تتسبب الأمازيغية في سوء نطقهم للعربية.”

  • مصدر نص المقال: هسبريس

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button