‘‘الطرود الملغومة‘‘الوجه الطريف لمعركة ‘‘القاعدة‘‘

لم ينفجر الطردان الناسفان لكنهما فجرا شحنات هائلة من الرعب والقلق في عواصم الدول الكبرى إلى جانب علامات استفهام ترقى إلى الحيرة بشأن قدرات تنظيم القاعدة على صناعة الرعب وإطالة أمد المعركة مع الغرب.
من المؤكد أن نهار الجمعة الماضي مر عصيباً ومربكاً في عواصم عربية أعلنت قرب نهاية ‘‘القاعدة‘‘ وهي تسمع بخبر الطردين من حديث مقتضب للرئيس الأميركي باراك أوباما وهو يعلن أن “تهديداً فعلياً” آخر كان قادماً إلى بلاده و قد تم إحباطه.
لم يفعل تنظيم القاعدة أكثر من أن اقتنى طابعتين صغيرتين من نوع إتش بي الأميركية الرائجة وحشا علبتي الحبر فيهما بمادة البيتن شديدة الانفجار. وبصاعق مفجر أوصل كل منهما بشريحة هاتف محمول.. لكن تبقى الشق الأصعب في العملية؛ الإرسال إلى بلاد العدو.
مرة أخرى، لم يعدم التنظيم الوسيلة؛ سيرسل الطابعتين الملغومتين في طردين عبر مكتبين لشركتي فيدكس الأميركية ويو بي إس البريطانية في العاصمة صنعاء، أما وجهة الإرسال فمركزان يهوديان في ولاية شيكاجو الأميركية.
إلى جانب البساطة، لا تخلو الفكرة من طرافة أيضاً، تلك الطرافة التي تتخلق في صنعاء وتزداد إثارة كلما اجتازت الطابعة المسافرة أميالاً في السماء قادمة من اليمن إلى الولايات المتحدة لتزويد مركز يهودي بمنتج قد يكون في عداد الخردة لديه منذ زمن.
علميات القتل الكبيرة عادة ما يصاحبها نوع من العفوية والطرافة لتخفيف وقع مشاهد القتل.
وإذاكان اكتشاف الطردين تم بعد إبلاغ السعودية حليفتها واشنطن بالرقمين المتسلسلين للطردين الملغومين كما نشر فى كبريات الصحف الأمريكية فإن الأمر لم يخالطه أدنى قدر من المصادفة أو حسن الحظ بل أدارته الاستخبارات السعودية بدقة وحنكة، معتمدة وفق أرجح التقديرات على اختراق تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بواسطة عناصر فيه يعملون لحسابها.
وتتضافر محاولة تفجير الطرود المفخخة إلى أي مدى يتمتع تنظيم القاعدة بالقوة والاستقرار خلال الآونة الأخيرة وهو ما وهو ما جعل الرئيس الأمريكى باراك أوباما يتعهد في حديثه الذي أذاع خبر الطردين إلى العالم بأن إدارته ستعمل على تدمير القاعدة . وضمن مقتضيات هذا التعهد لابد أن تكون القوة العسكرية هي باعث مفعول التدمير كما يفهم من سياق الخطاب.
ومعروف سلفا أن الرئيس اوباما كان فى توعده ذاك يقصد القاعدة فى اليمن تحديدا ، ربما لأن التدخل العسكري هناك يحقق رغبة أميركية مقيدة بالإخفاقات في أفغانستان وفاعلية الحلول المؤقتة، وقد جاءت الطرود لتفك ذلك القيد.



