القذافي «الفيصل الوحيد» في الصراعات الليبية الداخلية
أظهرت جولة جديدة من الصراع الداخلي على السلطة في ليبيا بين الاصلاحيين والمدافعين عن الوضع الراهن أن الزعيم معمر القذافي هو الذي سيحدد المسار الذي ستسلكه البلاد لكنه ليس مستعدا بعد لاتخاذ قرار.
وانتهى أحدث خلاف والذي دار بين نجل الزعيم الليبي سيف الاسلام المؤيد للاصلاح والمؤسسة المحافظة القوية في الحكومة دون ان يتضح الطرف الفائز بل أصبح هناك مجرد جمود وتشوش ازاء مستقبل البلاد.
وبدأ الخلاف عقب شن مجموعة اعلامية مرتبطة بسيف الاسلام هجوما ضاريا على الحكومة. وردا على ذلك فيما يبدو تم احتجاز 20 صحفيا يعملون لدى المجموعة وتم تعليق صدور احدى صحفها.
وانتهى هذا النزاع بتدخل من القذافي زعيم البلاد منذ أكثر من 40 عاما حين أمر بالافراج عن الصحفيين.
وقال عاشور الشامس وهو كاتب ليبي ورئيس تحرير صحيفة أخبار ليبيا على الانترنت ان القذافي يحاول أن ينصب نفسه حكما. وأضاف أنه يعتقد أنه يستمتع أيضا بهذا الصراع.
وخلال السنوات الست الماضية تحولت ليبيا من دولة منبوذة على الساحة الدولية ذات اقتصاد راكد الى دولة تظهر بها المباني المكتبية والفنادق الجديدة كل شهر ويتدفق عليها المستثمرون الاجانب بحثا عن صفقات مربحة.
واستثمرت شركات بما في ذلك بي.بي واي.ان.اي في التنقيب عن النفط كما أن الشركات الهندسية تسعى الى مشاريع ضخمة للبنية الاساسية وتريد بنوك مثل اتش.اس.بي.سي وستاندرد تشارترد بدء عمليات هناك.
لكن الكثير من التغييرات سطحي. فمن الناحية النظرية ما زالت ليبيا ملتزمة بالمباديء التي حددها القذافي في “الكتاب الاخضر” حيث تحكم البلاد اللجان الشعبية العامة طبقا لتوجهات اشتراكية.
غير انه من الناحية العملية فان صنع القرار في ليبيا التي بها أكبر احتياطي مؤكد للنفط في افريقيا يتم من خلال شبكة متغيرة من التحالفات غير الرسمية والعلاقات الخاصة التي يقول البعض انها تؤدي الى تفشي سوء الادارة والفساد.
على سبيل المثال في وسط طرابلس وعلى مقربة من فندق كورينثيا الذي تبلغ تكلفة الليلة فيه 350 دولارا تتناثر القمامة في الشوارع كما أن هناك منازل توشك على الانهيار.
وقال محلل ليبي طلب عدم نشر اسمه “الفساد أثر على طبيعة حياة الناس العاديين لذلك أصبحوا يشكون أكثر الان… هذا أمر مخز… قبل 20 عاما كان حال الدولة أفضل.”
ويحاول أنصار التغيير بزعامة سيف الاسلام أن يعينوا مسؤولين من التكنوقراط تلقوا تعليما غربيا في المناصب الرسمية وهم يشنون حملة ضد الفساد ويريدون أن يوضح الدستور طريقة الحكم.
ولدى معارضيه مجموعة مختلفة من الدوافع.. اذ يرغب البعض في التستر على الفساد.. بينما يمقت البعض تدخل أطراف خارجية. ويعتقد اخرون أنه سيتم التخلي عن مباديء الثورة أو يعتقدون أن الاصلاحات ستسبب اضطرابات في البلاد.
وكان الخلاف الذي ظهر في الشهر الجاري أحدث خلاف في سلسلة من الصراعات التي انخرط فيها سيف الاسلام. ولدى انتهاء الخلاف كان الطرفان متعادلان.
اذ ان صحيفة أويا أبرز صحف مجموعة الغد الاعلامية عاودت الظهور في النسخة المطبوعة لكن تحت اسم جديد وتحت قيادة رئيس للتحرير نبذ مواجهات سلفه مع السلطات.
واستقال المسؤول التنفيذي لمجموعة الغد الاعلامية والذي كان شخصية معارضة سابقة أثار تعيينه في العام الماضي غضب المحافظين. ولم يعلن بعد عن مسؤول بديل.
ومن ناحية أخرى كانت التوجيهات التي أصدرها القذافي للافراج عن الصحفيين المحتجزين تمثل توبيخا للشخص الذي أمر باعتقالهم أيا كان. وفي الوقت ذاته ما زالت النسخة الالكترونية لصحيفة أويا بطبيعتها المتحدية تصدر وأشارت الى انها ستستمر على توجهاتها السابقة.
وقال الشامس لرويترز ان سيف الاسلام لم يزد قوة لكن مشاريعه استمرت.
لكن ما يتضح من هذه الواقعة برمتها هو أن ما من أحد في ليبيا لديه قاعدة نفوذ تضاهي القذافي. ويقول بعض من يعرفون الزعيم الليبي ان سيف الاسلام الذي لا يتولى أي منصب حكومي يفتقر الى الشخصية القيادية والحنكة السياسية المتوفرة لدى والده.
وقال المحلل الليبي “لم تفرز المؤسسة ولا من يطلق عليهم الاصلاحيون معسكرا خاصا بهم.”
ومضى يقول “المعسكرات تحتاج لفكر وبرنامج ورؤية وأفكار يؤمنون بها…المعسكرات الموجودة هي معسكرات القذافي وهو ما زال موجودا هنا لدعمها.”
وقال تشارلز جوردون وهو خبير بالشؤون الليبية في ميناس اسوشييتس للاستشارات المقيم في لندن ان القذافي “يحدثه عقله قائلا نحتاج للتحديث.. أجل.. نحتاج أن يكون لنا طابع غربي وسيف هو وسيلة تحقيق ذلك.
“بينما يحدثه قلبه قائلا ما زلت ثوريا. أنا هنا منذ 40 عاما اذا كان سيف سيتخلى عن كل شيء حققته خلال السنوات الاربعين الماضية فلن يكون لي ارث.
– رويترز