خِطَّةُ الانتِعَاشِ الاقْتِصَادْي..أهْدَاف ٌ و تنْبِيهَاتٌ..*
أعلن رئيس الجمهورية فى خطاب موجه إلى الشعب الموريتاني عن معالم خطة انتعاش اقتصادي بعد الضربات الموجعة التى وجهها كورونا للاقتصاد الموريتاني على غرار كافة اقتصاديات العالم و اقتصاديات بلدان الساحل خاصة.
و قد كان من أبرز تجليات الارتدادات السلبية لجائحة كُورونَا على الاقتصاد الموريتاني تراجعُ معدل النمو بتسع نقاط ليصبح (-3%)بدل (+6%)التى كانت متوقعة قبل الكوفيد19،انكماشُ الواردات الجبائية بنسبة25%،زيادةُ النفقات العمومية بمعدل 12% وبلوغُ العجز الميزانوي عَتَبَةَ/عَقَبَةَ5% من الناتج الداخلي الخام(PIB)،…
وقد بلغ الغلاف الإجمالي لخطة الانتعاش الاقتصادي 241مليار أوقية قديمة سيتم إنفاقه على استثمارات و خدمات عمومية مدة ثلاثين (30)شهرًا بما يضمن تحقيق الأهداف التالية:
أولًا-الاستعادةُ التدريجيةُ لمستوى المؤشرات الاقتصادية و المالية ما قبل كورونا بحيث ستضمن خطة الانتعاش عند نهاية تنفيذها وصول مستوى النمو الاقتصادي( +5%)سنة2022كما ستتحسن مؤشرات الواردات الإيجابية و النفقات العمومية و العجز الميزانوي لتصل إلى معدلاتها المسجلة قبل جائحة كورونا؛
ثانيا- المساهمةُ فى تخفيف المعدل العام للبطالة بنسبة 11% و ذلك عبر ما تستهدفه جميع مكونات خطة النهوض الاقتصادي من خلق فرص عمل و مواطن شغل جديدة قد تصل إلى 52.000فرصة عمل من أصل عجز كَمّيٍّ فى التوظيف (déficit quantitatif d’emploi)بالغ 450.000عاطل عن العمل؛
ثالثًا-تشييدُ العديد من البنى التحتية الصناعية و الإنتاجية و الخدمية (طرق،مصانع،مدارس،مستشفيات،…)
الداعمة للاستثمار و المُهَيِّئَةٌ لنهوض اقتصادي (Émergence Économique )لن يكون مستبعدا فى أفق الموارد المالية المعتبرة التى قد يوفرها البدء فى استغلال الثروة الغازية فى حدود عام 2023؛
رابعًا-التركيزُ استثماريًّا على القطاعات التى يمتلك البلد فيها ميزات تنافسية معتبرة كقطاعات الصيد و الزراعة و التنمية الحيوانية و التعدين التقليدي ذلك أن الاستثمار فى هذه القطاعات سيكون من منافعه العاجلة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الضروريات ذات الدرجة الأولى(Produits de Première Necessite )و كذا خلق عشرات الآلاف من مواطن الشغل للشباب الموريتاني الذى يعانى بطالة قاسية و عريضة.
و يتضحُ من الآليات و الأهداف المنوه عنها أن خطة الانتعاش الاقتصادي طموحة فى مبلغها الإجمالي الكبير و آجال تنفيذها القصيرة و أهدافها التنموية و الإنتاجية و التشغيلية المعتبرة لكن تنبيهات يتعين التنويهُ إليها مخافة تعثر و فشل تنفيذ الخطة بالغة الأهمية و الضرورة؛و من أهم التنبيهات المناسبة:
١- ترفيعُ “اللجنة الفنية المكلفة بمتابعة تنفيذ الخطة”إلى “آلية وطنية للمتابعة و التقييم” تابعة لرئاسة الجمهورية يعهدُ بها إلى أطر مشهود لهم بالكفاءة المبرزة و “الصرامة القاسية”و النظافة المؤكدة وذلك ابتغاء أخذ كل الاحتياطات لكي لا تصاب خطة الانتعاش الاقتصادي “بِسِينْدْرُومْ”الخطط التنمويةفى السنوات الماضية و التى دائما ما تخطئ مواعيدها و أهدافها بفعل تعدد اللجان و عدم كفاءة أعضائها و ” تداخل و تنازع الصلاحيات”؛
٢-الإسراع فى تعبئة الموارد المالية التى يُعوَّل على شركاء التنمية فى المساهمة بها وتوضيح العلاقة بين خطة الانتعاش الاقتصادي و البرامج الاستعجالية الأخرى التى سبق الإعلان عنها “كصندوق مكافحة كوفيد 19″و”برنامج أولوياتي”و برنامج “تآزر”،هل هي علاقة اندماجية أم علاقة تكاملية -تَخَادُمِيَّةٌ؟
٣-التشديدُ على محاربة الفساد و ما يتطلبه ذلك من الاستنفار العاجل لمؤسسات الرقابة المالية (محكمة الحسابات ،المفتشية العامة للدولة،المفتشية المالية)من أجل الوقاية من كل مخالفات سوء التسيير و الفساد و هو أمر إن تمَّ-و لا مناص من أن يتمَّ-فسيكون ضامنا لبلوغ خطة الانتعاش الاقتصادي أهدافها مع الرضى و الإعجاب من طرف كافة المواطنين.
*المختار ولد داهى،اقتصادي و سفير سابق