هموم اقتصادية موريتانية*
أنباء انفو- حسب نشرات البنك المركزي؛
عام 2009؛ بلغت خدمة الديون الخارجية السنوية 4٪فقط من صادرات السلع والخدمات.
أما في عام 2019فقد بلغت خدمة الديون 16٪
اي 268.5
مليون دولار.
وحسب نفس المصادر الرسمية تصاعدت نسبة خدمة الدين من 2009 لتكون
10% من الموازنة السنوية لعام 2013، و15% من ميزانية 2015، لتصل إلى 17.35% من ميزانية 2018
واذا جمعنا نسبة خدمة الدين (وهي الفوائدالسنوية التي تدفع عنه وكل مصاريف انجاز التعاقد على القرض وتنفيذه) ، مع نسبة الأقساط المستحقة سنويا والتي ناهزت 25٪من مجمل عائدات السلع والخدمات، فإن 42٪من دخلنا الصافي تذهب لخدمة الدين وأقساطه.
مقابل انعدام أي أثر لتلك القروض على الاقتصاد الوطني.
لذلك ينكمش حجم الإنفاق الحكومي وتعاني الميزانيات هشاشة وعجزا عن تمويل اي توسع وتطوير ضروري للقطاعات كلها
لقد شهد مجال الاقتراض متوسط وطويل الأجل لبلدنا اضطرابا وارتجالية وسوء تسيير تراكم منذ السبعينات ليحتل 45٪من عائداتنا الصافية ولتجد القيادة في موريتانيا برامجها الطموحة بين سندان العجز عن زيادة الإنتاج ومطرقة الديون الخارجية الضاغطة بارتفاع كلفتها.
ولا يمكن الحديث عن ثقل خدمة الدين الخارجي دون التذكير بمبلغ 75مليون دولار اقترضتها بلادنا من الكويت عام 1975وتكاثرت بالفوائد وتكرار إعادة الجدولة وعوامل أخرى ليتحول القرض غير من 75مليون دولار إلى أكثر من 3مليار دولار.
فساد في الاقتراض وعبثية في التنفيذ والتسيير.
هل من مخرج من ذلك؟
إن أول خطوة ذت أولوية هي الإقلاع والامتناع التام عن الاقتراض مرتفع التكلفة ومنعدم المردودية.
ودعوة الدائنين للتفاوض حول أقصر الطرق لفك أسر الاقتصاد الموريتاني الضخم والكسيح معا لأسباب موضوعية كثيرة منها اضطرار الحكومة لتغطيةخدمة الديون العبثية وأقساطها.
ولابد من إعادة هيكلة الاقتصاد لتدب الروح فيه.
وهناك خطوات ملحة ذات بعد سيادي على الحكومة تقييمها جيدا، فلايعقل أن تختنق موريتانيا اقتصاديا وهي تمتلك مناجم ذهب كبرى لا تستفيدمنها إلا نسبة ضئيلة جدا بحجة احترام تعاقد دولي مجحف تماما.
لقدأممنا ذات وعي حديدنا فما المانع من تأمين ذهبنا.
كما أن التوجه الحكومي لقطاعات الثروة المتجددة وتوجيه القطاع الخاص لها ضرورة قصوى
إن ابتكار قرض بحري يشجع على الاستفادة القصوى من ثروتنا البحرية وقيام صناعة مرتبطة بها تخلق آلاف فرص العمل أمر مستعجل، تماما كالقرض الزراعي بصورة أوسع وأكثرشفافية ومردودية على اقتصادنا الزراعي، مع وجود صناعات منبثقة من قطاع الزراعة
أما الثروة الحيوانية25مليون رأس فهي رافد ضخم إن رسمت استراتيجية تخدمها تتضمن إنتاج الاكتفاء الذاتي من الحليب ومشتقاته وصناعات مرتبطة بالثروة الحيوانية بما فيهاتصدير اللحوم الحمراء وغيرها.
إن استراتيجية عشرية جادة تستهدف تلك القطاعات هي كلمة سر نهضتنا الاقتصادية الكبرى بإذن الله.
رافعة أخرى عملاقة لاقتصادنا علينا بناؤها بذكاء وعزيمة، أساسها استغلال موقع بلدنا الحيوي إقليميا وعالميا، فموريتانيا هي بوابة المغرب العربي وأوروبا إلى أفريقيا، ويستوعب ساحلها على الأطلسي استثمارات ضخمة مربحة، من موانئ ذات مواصفات عالمية بأعماق ممتازة وقدرة مناولة عالية وارصفة تتسع لدفق التبادل التجاري العالمي.
إن سوق موريتانيا الذي يستحق المنافسة عليه ليس السوق المحلي بل يغطي كل الدول القارية حولها ‘مالي بوركينافاسو النيجر تشاد؛ بل يتسع ليغطي مجموعة الايكواس كلها.
إن إيجاد بنية تحتية بحرية تخدمها طرق جيدة وسكة حديد باتجاه باماكو ثم الدول حولها يعني حضور موريتانيا الاقتصادي القوي في الإقليم والعالم.
لا تحتاج تلك المشاريع الطموحة لاقتراض تمويلها الضخم؛ يكفي ان نعد دراسة جدوى نوعية لها ثم نبني تكتل مستثمرين عالميين لها بشراكة مع الدولة.
وهناك طرق متاحة أخرى لتامين غلاف مالي كاف لتلك المشاريع بسلسة إجراءات مالية معروفة لدي أهل الاختصاص.
هل نخفي راسنا في رمال العجز الاقتصادي؛ ويظل الشعب يطالب برفع للرواتب ووظائف ورفع لكفاءة الصحة والتعليم والخدمات دون وعي لعدم توفر غطاء مالي لذلك، فعلينا أن نظل أسرى لخدمة الدين واقساطه طيلة 25سنة قادمة وعلينا توجيه مداخيل الغاز لذلك.
لاحل إلا في تغيير نمط تفكيرنا ونمط تسييرنا للشأن العام، والتخطيط جيدا لنهضة بلدنا مهما كان الثمن.
موريتانيا تمتلك كل أسباب النهوض الاقتصادي يقينا
والله المستعان وعليه التكلان
*عبد الله ولدبونا