أداء الرئيس غزواني ؛ وجهات نظر*
تعود الموريتانيون طيلة فترة حكم الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز على أداء رئاسي طبعه الرئيس السابق بأسلوبه الشخصي الخاص؛ أسلوب رأى فيه المحللون لتلك الفترة تغييبا لأي دور للوزراء والحكومة وأركان الدولة ؛ وانعكس ذلك على أداء الإارة عموما ، فصار المواطن يعلق كل شيء بشخص الرئيس ؛ حتى لوكان معاملة بسيطة تعنى بها إدارة عادية .
كما أن أداء الرئيس السابق في الشأن السياسي المحلي كان أداء مغالبة بلغة قد تحتد أحيانا.
ولكل شخص طابعه الخاص مهما كان منصبه ؛ ولما استلم فخامة الرئيس السيد محمد ولد الغزواني مقاليد صناعة القرار بدأ نمط آخر من التعاطي مع مؤسسات الدولة والشأن الداخلي والإقليمي والعالمي .
نمط غزواني محض له ثوابت يمكن استنباطها من شكل الأداء الجديد للحكومة ولإدارة الدولة عموما.
1 الرجل يريد أن يعيد لمؤسسات الدولة صلاحياتها كاملة كما ينص عليها القانون مع كامل المسؤولية عنها.
2 الرجل يفضل تخفيض الاحتقان السياسي الداخلي بالاحتواء الإيجابي بدل المغالبة السلبية بين نخب الوطن .
3 الرجل يركز على الحلول الاقتصادية الجادة لعقد الوطن ؛ ومساطر البرامج التي أعلنت والتي باشرت الوزارات تنفيذها تؤكد ذلك .
إن الهم الاقتصادي هو أولوية الرئيس غزواني ؛ إذ لا إمكانية لنهوض بلدنا إلا بعناية دقيقة بثرواتنا المتجددة ؛ وبكسر الدور والتسلسل في أداء قطاعاتنا المنجمية والبحرية ؛ لرفع الانتاج ورفع حصة بلدنا من الاتفاقيات الصعبة مع شركات استخراج الذهب ومع الزبناء الأوروبيين والآسيويين في سوق الثروة السمكية.
الزراعة والتنمية الحيوانية مجال حيوي آخر له اولوية رئاسية .
طبعا لا إقلاع اقتصادي دون تطوير التعليم وتأهيل القوة البشرية الوطنية لدمجها في دورة الانتاج ، لكن ذلك يحتاج غلافا ماليا تعاني الدولة في توفيره ؛ فالرئيس لاشك يركز على ثقل المديونية الخارجية وخدمة الدين التي ارتفعت لتناهز 25 %من ناتجنا الصافي السنوي إضافة لحجم الاقساط المرتفع .
لقد بلغ مؤشر الدين اقصاه لدى الصناديق الأحنبية التي تعودت بلادنا أن تقترض منها.
وفي معمعة المعركة الاقتصادية الصامتة ترتفع أصوات نخبنا السياسية ؛ كل حسب خندقه الشخصي مطالبة الرئيس غزواني بمنح الاهتمام لأولوياتها الخاصة !
البعض يعتبر الرئيس نائما لأنه لا يعلق كل يوم كمدون!
والبعض يعتبر الرئيس غائبا لأنه لم ينزل للشارع ليمارس أدوارا لاتعنيه ؛ بل تعني مؤسسات الدولة.
ولعل أبرز الخنادق التي تمارس نوعا ما من العتاب او الغضب من نمط غزواني الهادئ والصارم معا ؛ هي تلك الخنادق التي يتقوقع فيها بعض خصوم وأعداء الرئيس السابق الذين مارسوا دور القضاء بكل درجاته وحددوا سجن النبيكه لإيداع الرئيس السابق ؛ ولم يحقق لهم غزواني ذلك ؛ متناسين أن الشعب الموريتاني انتخب غزواني رئيسا ولم ينتخب المدون فلان او المفكر فلان .
وكعادة الموريتانيين في سوء استغلال حرية التعبير ؛تجد سيلا من العبارات البذيئة الموجهة للرئيس والحكومة والقضاء والجميع لان الرئيس غزواني لم يحقق لكل صاحب قلب مريض هدفه الشخصي في الانتقام !
خنادق أخرى متحالفة مع دول أجنبية متصارعة ؛ تعتبر أن الاولوية هي قطع او توطيد العلاقات مع هذه الدولة أو تلك ؛ وكأن الشعب انتخبهم لرسم سياساته الخارجية !
جنس ثالث من ” النخبة السياسية ” يتبنى خطاب السب والتجريح والتبخيس للعشرية ؛ وكأن الرئيس غزواني كلفه بذلك ؛ وهو لم يكلف أحدا بذلك ؛ وكأن الاولويات الوطنية تنحصر عندهم في تعويم ذواتهم في كل مرحلة ؛ وهم مكمن داء الوطن ؛ لافكر يقدمونه لخدمة الوطن ولا أفكار عملية للنهوض ببلدنا ؛ كلما في جعبتهم هو التطبيل الغوغائي للرئيس الحالي وسب الرئيس السابق !
كل ذلك كما أرى لم يؤثر على جوهر برنامج غزواني الاقتصادي والاصلاحي المتدرج ؛ ولن يخرجه عن طوره كما يريد البعض ؛ فالرجل هادئ ورزين ومطلع على مايكفي من المعلومات ليرسم حدود صناعته للقرار الوطني بعيدا عن محاولات التاثير من كل صوب.
ملف الرئيس السابق ملف سياسي دستوري قانوني قضائي ؛ ليس المدونون هم من يبت فيه ؛ وحلوله دون تشنج وانفعال افضل وأقرب من الانخراط في حلول أخرى لا جدوى منها.
ولا شك لدي أن الرئيس غزواني يجتهد لإخراج بلدنا من دوامة الصراع السياسي السلبي ومن مستنقع الفساد الآسن ومن الكساح الاقتصادي لبلدنا رغم سلبية أداء النخب السياسية التي تود لو أن البلد يغرق أكثر في قاع الصراع السياسي السحيق لأنهم لاحياة لهم دون ذلك .
فلنركز مع الرئيس غزواني على مشروع اقلاعنا الاقتصادي وعلى مايعزز لحمتنا ووحدتنا الوطنية ؛ وعلى مايعزز فصل السلطات وتكامل أدائها من أجل عزة بلدنا وازدهاره.
الرئيس ليس نائما ولا غائبا ؛ لكنه ينجز عمله كرئيس للجمهورية ويترك لكل وكيل للدولة مهمته المحاسب عليها .
*عبد الله ولدبونا