حوادث احراق النفس تمتد من فقراء تونس إلى أثرياء موريتانيا
منذ ما يقرب من شهر أحرق مواطن تونسي فقير يجر عربة طماطم ، النار في نفسه مما أسفر عن احتجاجات أطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي ، لتتوالى محاولات مماثلة في دول أخرى بدول عربية بعد أن أضرم أربعة النار في أنفسهم في الجزائر وواحد في مصر واخر في موريتانيا.
وإذا كان الفقروالفاقة عالملا مشتركا بين المحترقين فى تونس والجزائر ومصر ، فإن الموريتاني الذى أحرق نفسه اليوم وسط انواكشوط يختلف عنهم لكونه ينحدر من أسرة موريتانية ثرية ، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام !.
في القاهرة أشعل رجل أكدت مصادر الأمن المصري أنه أب لعائلة فقيرة وهو عاطل العمل ، النار في نفسه يوم الاثنين قرب مجلس الشعب احتجاجا على تدني ظروف المعيشة.
وفي الجزائر حيث قامت أعمال شغب على مدى الاسابيع القليلة الماضية وقت قيام الاحتجاجات في تونس نشرت صحف تقاريرها الاولى يوم الاحد ويوم الاثنين عن أربعة جزائريين على الاقل ينحدرون من أوساط شعبية فقيرة ، أشعلوا النار في أنفسهم في بلدات على مدى الايام القليلة الماضية.
لتأتى الدورة الإثنين ، على موريتانيا حيث ذكرت مصادر بالشرطة لوكالة أنباء ‘رويترز‘ طلبت عدم نشر أسمائها ان رجلا يبلغ من العمر 40 عاما ومن أسرة ثرية أشعل النار في نفسه احتجاجا على ما زعم انه سوء معاملة الحكومة لعشيرته.
وكتب بليك هونشيل الذي يغطي أنباء الشرق الاوسط في موقع فورين بوليسي دوت كوم على الانترنت “هل نلمح اتجاها جديدا.. هناك أمر مروع ولدرجة ما مؤثر بشأن محاولات الانتحار تلك. انها وسيلة صادمة وبائسة تلفت الانظار على الفور وتدعو للاشمئزاز وفي الوقت ذاته التعاطف.”
ويقول نشطاء في أنحاء العالم العربي ان تونس تمثل لهم نموذجا يحتذى باعتبارها أول بلد عربي منذ أجيال تسفر احتجاجات شعبية عن الاطاحة بالرئيس فيه.
والاحتجاجات التي اندلعت بعد أن أضرم التونسي محمد بوعزيزي البالغ من العمر 26 عاما النار في نفسه احتجاجا على مصادرة الشرطة للعربة التي كان يبيع عليها الخضر والفاكهة يوم 17 ديسمبر كانون الاول أدت الى الاطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي.
ولفظ بوعزيزي أنفاسه بعد أسابيع متأثرا بالحروق التي أصيب بها وأصبح شهيدا في نظر جموع الطلبة والعاطلين الذين كانوا يحتجون على تدني ظروف المعيشة. وكان بن علي زار بوعزيزي في المستشفى في خطوة لم تساعده على حشد تأييد المواطنين.
وقال محمد العقاب وهو محلل سياسي وأستاذ للعلوم السياسية بجامعة الجزائر “تونس الآن مثال يحتذى لكل العرب. انتهى زمن المستبدين والانظمة المستبدة.”
ويشعر الكثير من العرب شأنهم شأن التونسيين بالاحباط نتيجة ارتفاع الاسعار والفقر وارتفاع معدل البطالة وأنظمة الحكم التي تتجاهل أصواتهم.
ففي مصر تصر السلطات على أنه لن تحدث اضطرابات واسعة النطاق. وقال مصدر أمني بمصر ان المسؤولين في مصر لا يريدون تكرار تجربة تونس وانهم يراعون الصالح العام.
وقال شهود ان مواطنا سكب البنزين على نفسه وأشعل النار في جسمه وهو يردد هتافات ضد جهاز أمن الدولة.
وقال مصدر أمني استجوب الرجل واسمه عبده عبد المنعم وعمره 50 عاما انه أصيب بجروح طفيفة لسرعة اطفاء النيران.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الاوسط أن الرجل شعر بالاحباط “احتجاجا على عدم صرف كوبونات الخبز الخاصة بمطعمه” مضيفة أنه صاحب مطعم في مدينة القنطرة بمحافظة الاسماعيلية.
وقال الاطباء للصحفيين ان حروقه لم تتعد نسبتها 15 في المئة.
وقال الامين العام للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ورئيس مجلس الشورى صفوت الشريف ان السبب البادي لهذا الاحتجاج العنيف هو امتناع موظفين عن صرف حصة الخبز لمطعمه.
وقال الشريف في جلسة مجلس الشورى “الحادث يجب أن يتم التعامل معه على قدر حجمه وانتظار نتيجة التحقيقات لمعرفة الدوافع الحقيقية.”
وذكر أحد شهود العيان أن الرجل كان يردد هتافا يقول “أمن الدولة يا أمن الدولة حقي ضايع جوا (داخل) الدولة.”
وقال وزير الصحة حاتم الجبلي خلال جلسة مجلس الشورى ان خليفة “أصيب بحروق سطحية خفيفة بالرقبة والصدر لا تتجاوز (نسبتها) 15 في المئة وحالته مستقرة.”
وأضاف “تم وضعه تحت الملاحظة… وسيخرج (من المستشفى) خلال 48 ساعة.”
وفي موريتانيا قال شهود ان الموريتاني يعقوب ولد داود وهو مدير شركة سكب على نفسه البنزين بينما كان داخل سيارته الموصدة وأحرق نفسه قبل أن تهشم قوات أمن وبعض المارة نوافذ السيارة لاخراجه. ونقل الى المستشفى.
وفي الجزائر قالت صحيفتا الوطن والخبر ان رجلا يدعى سنوسي توات سكب البنزين على نفسه وأشعل النار في جسمه بمدينة مستغانم على بعد 350 كيلومترا الى الغرب من العاصمة الجزائر لكن حياته ليست معرضة للخطر.
كما أحرق محسن بوطرطيف نفسه يوم الخميس في ولاية تبسة الجزائرية عندما لم يمنحه حاكم بلدة منزلا. وقالت صحف يوم الاحد انه لفظ أنفاسه لكن مصدرا بالحكومة قال لاحقا انه ما زال على قيد الحياة وربما ينجو.
وفي برج منايل أحرق عويشية محمد البالغ من العمر 26 عاما نفسه يوم الاربعاء. وذكرت صحف أن الحادث الرابع وقع في بلدة جيجل.
وقالت صحيفة الوطن الجزائرية “جرى استثمار مليارات الدولارات في برامج التنمية دون أثر ايجابي على الحياة اليومية للمواطنين الجزائريين… مؤشرات البؤس الاجتماعي ظاهرة في أنحاء البلاد… الشارع الجزائري يغلي. من المرجح جدا أن تكون هناك نقطة اشتعال.”
من مروة عوض ولمين شيخي (شاركت في التغطية دينا زايد ومحمد عبد اللاه وسارة ميخائيل والكسندر جاديش وادموند بلير في القاهرة وبيتر جراف في لندن)
– أنباء انفو – رويترز