أخبار

كيف تنظر القاعدة للثورات الشعبية الجديدة في العالم العربي “تونس ومصر أنموذجا”؟

رحب فرع “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” بثورة الشعب التونسي على نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ووصف الثورة بالزلزال الذي هد عرش طاغية تونس، لكنه حذر من أن يتم استبدال “العميل” بن علي بعميل آخر، حد تعبيره، كما أبدى تخوفه من الدور الذي قد تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في تونس خلال مرحلة ما بعد سقوط النظام..
وقال التنظيم في بيان له، نشره في بعض مواقعه على الانترنت عقب أحداث تونس، “إن فرنسا والولايات المتحدة “ستلعبان الدور القذر نفسه في تونس في المستقبل إلا في حال أوقفتهم هجمات المجاهدين”..
وأضاف بيان التنظيم: “إن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا مع الكفار الغربيين، لن يقبلوا بأي تغيير لا يتوافق مصالحهم في تونس. إنهم منشغلون حاليا في العثور على عميل آخر مقبول لديهم”..
تجدر الإشارة هنا إلى أن ما يسميه تنظيم القاعدة “عميلا”، تسميه الولايات المتحدة الأمريكية “حليفا” فيما يسمى بـ”الحرب على الإرهاب”..
وفي التسجيل المرئي “نصرة وتأييد لإخواننا في تونس” الصادر في المراحل الأولى لانتفاضة تونس، يعلن أبو مصعب عبد الودود، وهو القائد لفرع التنظيم في بلاد المغرب الإسلامي، عن تأييد التنظيم لانتفاضة الشعب التونسي ضد نظام الرئيس المخلوع بن علي..
وأضاف بأن أعمال الشغب في العاصمة التونسية ليست سوى “صرخة احتجاج مدوية من ضحية في مواجهة جلادها، كسرت جدار الصمت الذي خيم على تونس منذ عقود طويلة.. غضبة طال انتظارها وانتفاضة مباركة ضد الطغيان”..
وقال عبد الودود إن “القاعدة في المغرب الإسلامي” على استعداد لتقديم المشورة “وتشجيع المتظاهرين على تحدي الحكومة كجزء من معركة أكبر لتحرير ديار الإسلام وإقامة الشريعة”..
كما حشد عبد الودود في كلمته الكثير من الأشعار الحماسية لأبي القاسم الشابي ولأبي الطيب المتنبي وغيرهما من الشعراء، إضافة إلى حديثه عن مشروعية المطالب الشعبية وعن سرقة لصوص النظام لحقوق الشعب ووو..الخ..، وهي لهجة مختلفة للتنظيم أُريد لها أن تتناغم مع هذا التطور المهم في العالم العربي..
ويحاول التنظيم أن يثبت بأن مثل هذه الثورات الشعبية هي جزء من ثورة عامة يقودها على واقع مختل بذات الدوافع وإن اختلفت الوسائل..
ويقول رجل الدين الموريتاني المؤيد للقاعدة أبو المنذر الشنقيطي في رده على سؤال عن المشاركة في الثورة الشعبية المصرية، “إن ما يحصل اليوم في بلاد الإسلام من ظلم وبغي وفجور داخل في دائرة الظلم الذي شرع الله لعباده التصدي له”..
ويضيف الشنقيطي: “ويجب أن نعلم أن إزاحة النظام الحاكم في مصر أمر قد يستعصي على أكبر المنظمات الجهادية,فلو نجح هؤلاء المتظاهرون في إسقاطه لكان ذالك نصرا عظيما للإسلام والمسلمين”..
ويرى الشنقيطي أن المتظاهرين الذين رددوا شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”. ” قد توصلوا في الحقيقة إلى النتيجة نفسها التي توصلت إليها الجماعات الجهادية منذ عقدين من الزمن وهي ضرورة التخلص من هذه الأنظمة واعتبارها امتدادا للغرب”..
صحيح بأن قيادات التنظيم الرئيسية، كابن لادن والظواهري، لم يصدر عنها حتى اللحظة موقف مؤيد أو معارض لمثل هذه الثورات الشعبية إلا أن مواقفها لن تختلف عن موقف فرع التنظيم في المغرب العربي مثلا، على اعتبار أن الجميع محكومون بأدبيات ومبادئ معينة يتعذر أن تأتي بمواقف متباينة..
ومما تقدم يتضح أن تنظيم القاعدة يرحب فعلا بمثل هذه الثورات، وإن كان يتخوف مما سيحدث في المراحل التالية لها، وهو الأمر الذي يقلق الغرب أيضا، ما يعني أن الصراع بين الطرفين قد يأخذ شكلا آخر في تلك المراحل..

القاعدة عملت لذلك وحددت له مدة زمنية
في برنامج سري للغاية الذي كان يعده لقناة الجزيرة الإعلامي الشهير يسري فوده، وفي حلقة “العبور إلى المجهول” من هذا البرنامج، يتحدث أحد منظري التنظيم، ويدعى مصطفى ست مريم نصر “أبو مصعب السوري” عن المراحل الست لتطور الجهاد الإسلامي، أولها ضرب العدو في عقر داره وثانيها استدراجه إلى بلاد المسلمين.. وهاتان المرحلتان كانتا قد تحققتا بعد عملية الحادي عشر من سبتمبر في كل من نيويورك وواشنطن عام 2001م، وقد جرت على النحو المرسوم تماما بعد احتلال أمريكا لأفغانستان والعراق..
أما المرحلة الثالثة من المراحل الست فهي بناء قاعدة صلبة في العراق لخلخلة الأوضاع الأمنية في سوريا ولبنان حتى تكون بلاد الشام، بعد ذلك، نقطة انطلاق للاشتباك المباشر مع الكيان الإسرائيلي، والاشتباك المباشر مع الكيان الإسرائيلي هو المرحلة الرابعة من المراحل الست، وقد حددت القاعدة لذلك مدة زمنية تبدأ في عام 2007م وتنتهي في عام 2010م..
باقي المراحل حدد لها التنظيم برنامجا زمنيا يبدأ من حيث انتهت المرحلة الثالثة 2010م وينتهي في عام 2020م.. وتقول المرحلة التالية إن ما حدث في المراحل السابقة سيدفع الأنظمة العربية إلى التصدي لذلك مما يعريهم أمام الجماهير ويظهرهم كحراس للمحتل وهو ما سيقود إلى اشتباك مباشر بين هذه الأنظمة وبين القاعدة أو بين الأنظمة وبين شعوبها قد يؤدي إلى تغيير هذه الأنظمة واستبدالها بأنظمة حكم أخرى ترضى عن القاعدة أو تتقبل وجودها.. ولا يعنينا هنا سرد باقي المراحل مفصلةً لكن تعنينا الإشارة إلى أن النظام المصري في مأزقه الأخير عزف على وتر أمن إسرائيل بعد ذهابه وكذا على وتر وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم في مصر، ولهذا دلالات قوية لها علاقة بما أوردناه هنا.

لا أهمية للمقدمات ما دامت النتائج واحدة
يتضح مما تقدم أن استغلال تنظيم القاعدة لديكتاتورية الأنظمة العربية في توسيع الهوة بينها وبين شعوبها وكسب تعاطف وولاء هذه الشعوب له، كان الـغرض منه إسقاط هذه الأنظمة العميلة، على حد تعبيره، في نهاية المطاف، وبالتالي فإن سقوطها لا يشكل خسارة بالنسبة للتنظيم ولا يفقده بعض أدوات الجذب، كما يفكر البعض، فهو النتيجة المطلوبة من استغلال غطرسة وعمالة هذه الأنظمة أصلا..
الأمر الآخر.. تنظيم القاعدة ليس حركة أو جماعة برجماتية تسعى إلى فرض نفسها كحاكم أو متحكم في أمور الناس لأغراض لا علاقة لها بالهم العام، بل تسعى إلى خلق حالة تسود فيها مبادئ معينة، وإذا ما وُجدت هذه الحالة وسادت فيها تلك المبادئ بجهود آخرين، فسيبارك تنظيم القاعدة ذلك بكل تأكيد، ولهذا أعتقد أن الثورات الشعبية في الوطن العربي لم توجه صفعة لتنظيم القاعدة ولم تؤثر،أيضا، على رؤيته للتغيير..
وبهذا يكون الغرب قد استسلم لواقع جديد فرض نفسه دون أن يكون ضمن حساباته، لكنه سيعمل جاهدا لتفادي مخاطر ما بعد تلك الثورات، أي أن خططه في الحرب على الإرهاب ستتراجع كثيرا إلى الوراء

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button