ولد حننا يحذر من الفوضى فى موريتانيا ويقدم جملة من المقترحات
من جديد تحرك حزب “حاتم” الذى يرأسه الرئد صالح ولد حننا قائد المحاولة الإنقلابية الفاشلة على نظام الرئيس ولد الطايع المخلوع ، ودعا الحزب الذى كان والى وقت قريب مناصرا للرئيس ولد عبد العزيز، الحكومة الحالية فى انواكشوط، إلى تقديم زيادة معتبرة في الأجور والمعاشات لعموم الموظفين والعمال بمن فيهم منتسبي القطاع الخاص، والإعلان عن رزمة من الإجراءات لتوظيف آلاف الشبان قبل انتهاء العام الجاري، ومساعدات للعاطلين عن العمل.
وهذا بيان الحزب:
دراكا من حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني (حاتم) لعمق التحولات التي تمر بها المنطقة العربية، ووعيا بمخاطر التجاهل لمآلاتها السلبية المحتملة على بلادنا، وحرصا منه على المساهمة في جهود تجنيب شعبنا الدخول في متاهات الصراع السياسي والاجتماعي والافتتان الداخلي، وتمسكا منه بمسؤولياته في النصح الواجب عليه ليس فحسب للنظام بقيادة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، وإنما أيضا لكافة الموريتانيين أحزابا سياسية في الموالاة أو في المعارضة، وفعاليات نقابية وشرائح شبابية واجتماعية ونخب ثقافية وإعلامية ومواطنين من مختلف المستويات والفئات والجهات,لا من باب الوقوف يقينا، دون تحقيق المطالب الشبابية والاجتماعية والسياسية السلمية المشروعة، وإنما على العكس من ذلك،بهدف ترشيد تلك المطالب وتوجيهها، لتعطي أكبر نتائج ممكنة بأقل انعكاسات سلبية على أمن البلد ووحدته واستقراره.
لهذه الاعتبارات وغيرها يقدم حزب حاتم للرأي العام الوطني المقاربة التالية آملا أن تشكل مساهمة جادة ومفيدة وأرضية لحوار وطني يجنب البلاد ما هو أسوأ على ضوء الحراك الشعبي المتدفق في عموم الساحات العربية .
أولا : على مستوى تشخيص الوضع الراهن السياق العام :
تجتاح المنطقة العربية رياح انتفاضات شعبية أعطت في أغلبها نتائج إيجابية ، تملثلت في اسقاط أنظمة دكتاتورية فاسدة ومكنت شعوبا عربية ثائرة على الظلم والفقر والاستبداد، من حقها في التعبير عن نفسها و فرض إرادتها في التغيير، وقد أكدت تجربة هذه الانتفاضات تسارع وتيرتها واستحالة الوقوف في وجهها مهما كان مستوى وحجم تحصينات النظام المستهدف .
ورغم كل ذلك ونظرا لاعتبارات متعددة، فإنه قد يكون متاحا لنا في موريتانيا، إن نحن أحسنا إدارة الأزمة وواجهناها بحكمة وتبصر، أن نجني ثمارها الايجابية ونحيد ما قد يكتنفها من عوامل سلبية محتملة.
2. السياق الوطني :
فيما يبدو أن تلك الرياح تتجه صوب بلادنا،من نقاط عبور مختلفة محملة بمزيج من العوامل والدوافع ، وبغض النظر عن التاريخ سواء منه المعلن حاليا أو الواقع حقيقة، فإن أحدا ليس بإمكانه اليوم أن يجزم بمدى جاهزيتنا للتفاعل معها بالأسلوب المطلوب،وسيكون من غير الرشيد التقليل من توقع حجم تأثيرها أو التعويل على احتياطات جربتها بعض الساحات الأخرى وكشفت عن خسران من اعتمد عليها .
وإن نظرة موضوعية لواقع بلادنا تجعلنا أكثر قلقا تجاه تلك الرياح وتدعونا لنكون أكثر حزما وتعقلا وتحوطا في التعاطي معها.
إن مستوى الالتحام والوئام اليوم بين مكونات مجتمعنا المتنوع الأعراق والفئات والمستويات والقبائل والجهات لا يسمح بغض الطرف عن إمكانية اختراق بعض المداخل الهشة ، وليس خافيا على أحد أن ميدان الاحتقان قد تجاوز عتبة المعارضة السياسية ليشمل أغلب المركزيات النقابية الفاعلة وبعض الأوساط الناشطة في الشرائح الاجتماعية والقبلية والمهنية، يغذي ذلك واقع اقتصادي صعب وغلاء ضاغط للمعيشة وانتشار واسع للبطالة، وغياب أفق واعد واضح قريب،وتجاذب سياسي محتدم وانتشار كثيف لغيوم خلفتها انتخابات 18 يوليو 2009م وما قبلها،وارتباك وتعثر مشهودان في الأداء الحكومي بمختلف مستوياته بسبب شح الوسائل المرصودة وتركيز القرار بيد واحدة .
كلها أمور تجعل المشهد الموريتاني متميزا إلى حد كبير عن بعض الساحات العربية وتجعل انفلات الأمور فيها أشد خطرا وأسوأ أثرا بدرجة قد تهدد ـ لا سمح الله ـ وجود الكيان الموريتاني برمته،لذلك يتوجب على جميع الأطراف الحاليين والمحتملين أن يجعلوا من وحدة موريتانيا وسلامة أرواح أهلها وممتلكاتهم خطا أحمر ونقطة إجماع بين كل الفرقاء، وسقفا لا مجال لتجاوزه .
ثانيا السناريوهات المحتملة :
في مواجهة تلك الرياح هناك ثلاثة احتمالات على الأقل:
1. أن يغير الإعصار مساره وتسلم بلادنا من زوابعه وارتجاجاته، وهو احتمال حتى لو حصل، فإنه لا يعفي من وجوب التكيف والاستجابة لمتطلبات الإصلاح والتغيير تفاديا لأسوأ.
2. أن تجتاح الرياح البلاد أسوة بغيرها من الساحات العربية وتواجه بعض ما واجهته تلك الساحات مع القدرة على التحكم في مسارها والسيطرة على مضاعفاتها والحيلولة دون انفلات الأمور وحصول الأسوأ.
3. أن يحصل الأسوأ ـ لا قدر الله ـ بانتشار الفوضى وخروج الأمور عن السيطرة، وتعريض البلاد إلى الخطر، بتحويل الشارع إلى ميدان للمواجهات ومسرحا للنهب والتخريب.
ثالثا : تدابير عاجلة :
إن تقديرنا لمتطلبات المرحلة واستعدادنا للتعاطي معها بشكل مناسب يتطلب اتخاذ تدابير عاجلة والتحلي بجملة ضوابط لازمة يتقيد بها الجميع موالاة ومعارضة.
1. أما من حيث الضوابط ،فلا بد للنظام من :
أ- الاعتراف بحجم التوقعات بواقعية حتى يتمكن من مواجهتها بالفعل
ب- الابتعاد عن الحلول الأمنية والتصعيدية التي تدفع إلى مزيد من التوتير واتساع دائرة ردود الأفعال .
ت- تحمل المسؤولية الكاملة عن استقرار البلاد وتجنيبها المنزلقات،حتى لو اقتضى الأمر التضحية والتنازل في بعض المواقف صونا للمصالح العليا للبلاد.
ث- الاحتكام إلى العقل والحكمة والتهدئة وتجنب استخدام ضد والجنوح إلى الحوار ببرودة أعصاب.
ج- افتراض حسن نوايا الشباب وصدق رغباتهم في الإصلاح وحبهم لوطنهم وحقهم في التعبير والمشاركة في صنع مستقبل وطنهم.
2. ومن جانب المعارضة عليها
أ- أن تجعل المصالح العليا للبلاد فوق كل الإعتبارات السياسية والحزبية الضيقية
ب- أن تفصل بين الخلاف مع النظام وسياسياته وبين ضرورة الحفاظ على الكيان الموريتاني موحدا آمنا ومستقرا
ت- أن تحتكم إلى الحوار كأسلوب حضاري لإدارة الصراع السياسي بين مختلف الفرقاء الوطنيين
ث- أن تكون مستعدة لتقديم التنازلات اللازمة عند الاقتضاء حفاظا على امن البلد وسكينته.
ج- أن تبتعد عن توظيف النعرات القبلية والفئوية
ح- أن تتحاشى استخدام العنف تحت أي ظرف
3. أما من حيث التدابير العملية فينبغي للسلطات العمومية الإسراع إلى الخطوات التالية:
1) الإعلان عن زيادة معتبرة في الأجور والمعاشات لعموم الموظفين والعمال بمن فيهم منتسبي القطاع الخاص .
2) الإعلان عن رزمة من الإجراءات لتوظيف 10000 آلاف شاب قبل متم 2011، وتقديم إعانات للعاطلين.
3) إلغاء كامل الرسوم الجمركية على المواد الغذائية الأساسية، مقابل زيادة رسوم المواد الكمالية.
4) اتخاذ خطوات عملية تمكن مختلف الأطراف المعنية من الاستجابة للحوار بسقف يتيح للبلاد وفاقا عاما وإجماعا سياسيا وحكومة وحدة وطنية، على أساس احترام الشرعية الدستورية والسيادة الوطنية والوحدة الترابية.
5) فتح الإعلام العمومي فورا أمام الجميع
6) مراجعة الاستيراتيجية المعتمدة لمحاربة الإرهاب بشكل يمنحها إجماعا وطنيا، ويجنب البلاد مخاطر عانت منها بلدان أخرى
7) إخضاع مراجعة قانون الانتخابات لوفاق وطني بما فيها ترتيبات الانتخابات القادمة 8) القيام بخطوات ملموسة لصالح الشرائح الهشة تكفل تخفيف وطأة غلاء المعيشة وضعف القوة الشرائية .
9) معالجة صارمة وجادة لمخلفات الرق واعتماد تمييز إيجابي لصالح ضحاياه.
10) اتخاذ إجراءات قادرة على سحب عوامل الاحتقان الاجتماعي والإحساس بالاستهداف أو الإقصاء.
11) توسيع مجال تدخل مفوضية الأمن الغذائي وسونمكس بما يضمن وصول المواد الغذائية للمحتاجين في عموم البلاد بأسعار مناسبة وبشكل دائم.
12) تعزيز الإجراءات المتخذة في مجال الحكم الرشيد ومحاربة الفساد بما يضمن الشفافية والشمولية والابتعاد عما يوصف بالانتقائية وتصفية الحسابات
13) اعتماد مقاربة تنموية وطنية وجهوية شاملة تراعي تطبيق العدالة في توزيع الثروة
14) تنفيذ مراجعة عاجلة للسياسة التربوية قادرة جعل التعليم أداة فاعلة للتنمية ووسيلة للوئام الاجتماعي والتفاعل الثقافي
إن حاتم في الوقت الذي يقدم هذه المقترحات إلى المعنيين والفاعلين في الشأن الوطني لينطلق من ثقته الكاملة في أن مختلف الفرقاء السياسيين والاجتماعيين يدركون حجم التحديات المنظورة، ويتوفرون على ما يكفي م ن الوطنية والإخلاص ومن القدرة على مواجهة مقتضيات المرحلة بكل ملابساتها. جنب الله بلادنا كل شر، ومكن شعبا من النفاذ العاجل إلى حياة كريمة قائمة على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
والله الموفق
اللجنة الدائمة
22 فيراير 2011م