الشنقيطي الذى عَرَضت عليه الجزائر رئاسة البوليساريو وفَضَّلَ الرحيل
أنباء انفو- الإهتمام البارز الذى أظهره الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ، بجبهة البوليساريو وهو يستقبل منتصف الأسبوع الجاري زعيم الجبهة براهيم غالي، العائد من رحلة علاجية، أعاد إلى الأذهان حرص الرؤساء الجزائرين واهتمامهم الكبير بكل من يقود البوليساريو إلى حد أنهم من يختار رئيسها وجميع مستشاريه الأساسيين! .
وحسب الباحثين المهتمين بتاريخ المنطقة المغاربية بدأ اهتمام القادة الجزائرين بجبهة البوليساريو منذ نشأتها وتحديدا فى عهد الرئيس الجزائري الراحل هورى بومدين الذى وحسب بعض الدراسات التاريخية كان صاحب القرار الأخير فى اختيار زعيم البوليساريو الأول ، وتقول مصادر- إن بومدين فضل أنذاك، ان يكون رئيس البوليساريو من أصول شنقيطية (موريتانيا).
وذكرت تقارير متطابقة أن بومدين عرض ولأول مرة منصب رئيس جبهة البوليساريو على الكاتب الصحافي من أصل شنقيطي باه محمد حرمة أنينه.
ويعرف هذا الشنقيطي الموهوب الذى رشح لزعامة البوليساريو بلقب محمد باهي حرمة، وقد ولد عام 1930 بمنطقة “تنبيعلي” جنوب موريتانيا ، وينتمى إلى قبيلة “إدوعلي” خاله السياسي المعروف حرمة ولد بابانا.
ومع أن حياة باهي، لايمكن ان تختزل فى مقال فقد أفرد له الروائي العربي عبد الرحمان منيف ،كتابا بعنوان “عروة الزمن الباهي”.
باهي الذى غادر انواذيبو شمال موريتانيا ، خلسة عبر باخرة إستعمارية أوصلته إلى طرفاية جنوب المغرب ثم انتقل إلى الشمال، كانت له علاقات قوية جدا مع زعماء الثورة الجزائرية حيث كثب مسار تلك الثورة قبل حصول الإستقلال وبعده انخرط في عملية بناء الدولة الجزائرية، بحكم علاقته المباشرة مع القيادة السياسية.
علاقة باهي مع الجزائريين بدأت مع قيامه بتغطية صحفية لعملية دخول جيش التحرير الجزائري بقيادة كل من أحمد بن بلة وهواري بومدين، من الحدود المغربية عبر تلمسان ، لقد كان الصحافي الوحيد الذي كانت تنقل عنه كل وكالات الأنباء العالمية مواكبة مسيرة التحرير . وبينما كان من المفروض أن يعود إلى مقر جريدة “التحرير” المغربية حيث يعمل، بمجرد وصول الجيش الجزائري إلى العاصمة الجزائرية. لم يعد باهي، إلا بعد مرور 20 سنة أي سنة .
وحسب شهادة عدد من كبار الإعلاميين العرب والدوليين أبرزهم الصحافي السلامي حسني، الذي كان رئيسا للقسم العربي بإذاعة فرنسا الدولية، عرض هواري بومدين ، شخصيا على باهي، سنة 1975 أن يتسلم قيادة البوليساريو. فطلب مهلة للتفكير فى الموضوع، تبين بعد ذلك أنها مهلة للرحيل.
لقد رحل باهي، في اليوم التالي إلى باريس، وأسس منها منصة لتقديم الجواب لجزائر هواري بومدين، التي لم يعد إليها حتى وفاة هذا الأخير.
كان رد باهي، الموجه إلى هورى بومدين ، صاعقا ، وجاء على شكل مقال بجريدة “المحرر” يوم 13 غشت 1975، عنونه بـ” لا تجعلوا لينين موظفا لدى فرانكو”.
الشنقيطي باهي ، حمل مغربية صحرائه معه في وجدانه وعقله معا، يوم رد على هواري بومدين بمقال حامل لموقف ومكثف لمغزى ومخصب لدلالات ومعاني، مثلما حمل معه حب الصحرا، في عفويته وبساطته إلى باريس التي صارت واحته الخاصة.. اللهم ارحم الشنقيطي الوحدوي باهي.