تعددت الأسباب والأحزان واحدة: مساعدات موريتانيا بين الامتنان والتنمر… لا إمام بين قومه*
أنباء انفو- بالرغم من المناسبات التي تنعت بأنها سعيدة، كعيد الأضحى ونتائج البكالوريا، التي كان الكل يرتقبها كهلال العيد أيضا، إلا أن الأفراح تأجلت عندنا بما فعله الوباء فينا واشتداده وبلوغ ذروته هذه الأيام. وكذلك ما خلفته نتائج البكالوريا من حوادث مميتة لأصحابها، احتفالات مجنونة بسيارات مجنونة تتمايل كالأفاعي وسط الطرقات وتسببت في وفاة الناجحين قبل اكتمال فرحة الأهل فيهم!
ثلاثة طلبة تاجحين لقوا حتفهم في مواكب الموت التي صارت تقليدا في الأفراح بكل أنواعها. حوادث الطرقات تتنوع والنتيجة الأحزان، التي تتركها على الأسر والمجتمع بأكمله!
«علينا التساؤل حول هذا الجنون الجزائري الذي يخص المواكب الخطيرة لاحتفالات الزواج أو أي احتفال، حيث نرى شبابا، ذكورا وإناثا يستهزئون بالموت بإخراج صدورهم أو أجسادهم من نوافذ سياراتهم. نرى السائقين يحدثون تعرجات على الطريق، يغلقون الشوارع أو حتى الأنفاق للرقص أو لأخذ صور. يجب رفع مستوى الوعي في هذه الظاهرة الخطيرة، ثم ردعها بصرامة أكبر. يجب أن تكون دراما الأمس هي الأخيرة وأن تكون بمثابة دروس». هكذا علق الصحافي «جمال عليلات» عبر صفحته على «فيسبوك» على هذه الحوادث، التي هزت مشاعر رواد مواقع التواصل الاجتماعي. هكذا تخيم التعاسة والحزن بدل الأفراح على المجتمع وتتسع المآسي بما تفعله كورونا فينا والاستهتار وقلة الأوكسجين. أياما سوداء تعيشها فئات كثيرة من فنانين وأطباء ومن عامة الناس يغادروننا كل لحظة بسبب استهتارنا أو استهتار من نتعامل معهم.
وها هو شبح غلق المرافق والفنادق والمؤسسات يعود ليطغى على المشهد. حمى المرض وحمى الحرائق. وحمى البقاء في البيوت ووقف الحال، بسبب ما نحن فيه من لا مبالاة أمام وباء لعين لم تعد متحوراته تفرق بين الكبير والصغير وبين الشباب والمسنين. اللهم لطفك.
مساعدات موريتانيا لتونس: امتنان وتنمر
بعد نفاد الأوكسجين من مستشفيات تونس وتدهور الوضع الصحي وانهياره. هرعت الإمدادات من الدول المجاورة والصديقة لمساعدة تونس في محنتها. واستقبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي الحدث بالترحاب والشكر والامتنان، للجزائر وللمغرب ولألمانيا. لكن كان الإمتنان لموريتانيا له «شكل تاني». أثنى الكثير من التونسيين على مساعدات موريتانيا، والتي اعتبرها البعض ذات قيمة رمزية مقارنة بمساعدات الدول الأخرى، ولاقت ترحابا وشكرا وتقديرا من الكثيرين من التونسيين حكومة وشعبا، ومن بين هذه التعليقات الإيجابية الكثيرة ما رصدته قناة «سوشيل ميديا» باعتباره تفاعلا إيجابيا مع المساعدات الموريتانية: «بعيدا عن التسيير، 15 ألف طن سمك الذي تبرعت لنا به الشقيقة موريتانيا أغلى ما أهدي إلينا. أن يقاسمك أخوك في مأكله، له من الرمزية الشيء الكبير. شكرا لكم من أعماق القلب».
لكن هناك تعليقات فيها من الاستهزاء والتنمر بهذه المساعدات وبموريتانيا الشيء الكثير أيضا، والتي خلفت استنكارا من موريتانيين وتونسيين. فكان الرد من شاب موريتاني على قناته على اليوتيوب (عبد الوهاب)، على بعض التوانسة، وهو كما قال إنه لا يفرق بين تونس وموريتانيا، فتونس عزيزة عليه «برشة» وزارها عدة مرات، لكن التعليقات كانت مهينة. وكذلك الإستهزاء من المساعدات الموريتانية، وخاصة السمك.
وهؤلاء – يضيف صاحب الفيديو – بأنهم لم يأكلوا الحوت أصلا، منذ سنتين أو ثلاث سنوات. كما ذكرهم بمساعدات تونس لليابان بعد زلزال ضربها والذي لا يتذكر في أي سنة. حيث تمثلت المساعدات التونسية في طائرة مليانة تونة، هل ضحك اليابانيون مثلا من هكذا مساعدات»؟
يقول «الحوت اللي بعثناه لك هو من أجود أنواع الأسماك في العالم، وموريتانيا أغنى دولة في الأسماك في العالم، وأجود أنواع الأسماك في العالم موجودة في موريتانيا. ثم عرج على تلك التعليقات المهينة التي تمنى أن لا يراها، مثل تعليق أحدهم: «حتى الصومال وأريترييا وأثيوبيا ناويين يبعثوا مساعدات عاجلة لتونس».
وعلق آخر: «لله يا محسنين فضحتونا الله يفضحكم». وقال آخر: «بالشوية التشاد هاي باعثة 50 بلاطو عظم»!
وتعليق آخر ذكر موريتانيا «عيني عينك»: «الله لا تربحك يا نهضة واللي شد الحكم آخرتها موريتانيا ولا تعاون فينا وين تونس وين رجالها؟».
كما دعا المتهكمين ليأتوا لرؤية عدد التوانسة الذين يقيمون ويشتغلون في موريتانيا «شوف كم وتمسخر بعدين»؟!
ويقول لمن يفتخرون بالديمقراطية في تونس، أن أي شخص يعرف موريتانيا يعرف أننا عندنا ديمقراطية أكثر بكثير من الديمقراطية التونسية. عندنا ديمقراطية شريفة جدا ما تسمحلناش نتهكموا على الدول الجارة أو أي دولة مثل مدغشقر أو الفليبين، لكن تسمحلنا نسبّوا حكامنا ونسبّوا وزراءنا»! كما أضاف في الفيديو على قناته.
كذلك ردت إحدى العاملات والمقيمات التونسيات في موريتانيا (مها عامر) بنشر فيديو على صفحتها على «فيسبوك» مبدية امتعاضها من التعليقات المهينة للمساعدات الموريتانيا وللحوت الموريتاني: «أرسلوا لكم مساعدات طبية و15 ألف طن حوت المحيط الأطلسي، الذي تتدافع الدول عليه، مثل تركيا وإسبانيا وتدفع أموالا طائلة من أجل ولوج المحيط واصطياد أسماكه. لماذا التعليقات السلبية «جاد الفقير بما لديه»، ليسوا فقراء وموريتانيا منطقة تداخل بين الشمال وافريقيا جنوب الصحراء. ليسوا فقراء ولم يكونوا أبدا فقراء. بالرغم من تقارير البنك الدولي والمشاكل التي مرت بها البلاد. وأن تعلق بهكذا تعليق فيه إهانة لدولة شقيقة وإهانة لزعيمنا الحبيب بورقيبة، الذي زار موريتانيا عام 1965 ليعترف باستقلالها وأنشأ علاقات كبيرة بين تونس وموريتانيا. لموريتانيا وزنها على المستوى الافريقي وحتى على المستوى العربي». وتضيف أنها لا تفهم هذا النوع من التعليقات الغبية. هذا شيء حقير، شيء مخجل. قل شكرا، بارك الله فيكم. لا تعرف كم عدد التوانسة الذين يشتغلون في موريتانيا» (رانا كثار هنا) من أساتذة، وخبراء ومحامين، من يشاغل في منظمات دولية، وأختكم مها (صاحبة الفيديو) تشتغل في مجال التحول الرقمي، أشتغل في ترقية الذكاء الإصطناعي».
وتواصل: «أعيش هنا والكل يحترمني. باسم تونس كسبت أسواقا، على وجه تونس أنا أخدم…عيب اللي يتحكى. عندك مشكلة مع حكومتك وجهها إلى حكومتك، وليس الاعتداء على شعب مضياف وحكومة بادرت بمساعدات طبية».
وتدعت من أسمتهم بالجهلة من أولاد بلدها ومن أحرجوها وأحرجوا التوانسة المقيمين في موريتانيا، لأن يقرأوا التاريخ ويبحثوا على محرك غوغل، ليقرأوا تاريخ بلاد شنقيط والمرابطين وابن تاشفين والحضارة العظيمة.
كما تدعو أصحاب تلك التعليقات الرخيصة أن يقطعوا تذكرة لنواكشط والذهاب إلى «نواديبو» للوقوف على الاستثمارات الجارية هناك وعلى السياحة».
تظل موريتانيا بعيدة عن اهتمامات الشعوب المغاربية الحقيقية، يدخلونها في المغرب الكبير أو العربي، وقتما يشاءون، لكن دون اقتناع لما تمثله وما يمكنها أن تساهم به في السياسات وفي الاقتصاد وفي الثقافة. علينا إعادة حساباتنا كدول وسياسات وشعوب تجاه الجيران والأشقاء وتجاه موريتانيا تحديدا، على أسس عقلانية ومعرفة وفهم للتاريخ وللجغرافيا، وليس على أي اعتبارات آنية زائلة.
من ذبح الإمام في «تيزي وزو»؟
جريمة بشعة اهتزت لها مواقع التواصل الاجتماعي، هي مقتل الإمام الشاب «حمودي بلال» البالغ من العمر 29 سنة، والذي يقوم بعمله كإمام متطوع في مسجد «طارق بن زياد» وسط «مكيرة» في منطقة «تيزي غنيف» جنوب ولاية
« تيزي وزو» حسب «موقع الجزائر 1» .
يضيف الموقع تفاصيل عن مقتل الإمام من طرف من وصف بالمختل عقليا، وهو الخمسيني (المدعو م. عثمان) فهو أب لأطفال ويتردد على المسجد للصلاة وكان يصلي خلف الإمام مباشرة يوم الجريمة (في ثالث أيام عيد الأضحى).
ويضيف الموقع: «حسب مصادرنا فإن المرحوم كان في السجود الأخير قبل أن يباغته الجاني. ليقوم مباشرة بالتهجم على الضحية، الذي قاومه لمدة معتبرة، دون، للأسف، أن يتدخل أي كان من المصلين، حيث تركوه وهو يواجه جلاده بمفرده، إذ قام الوحش بذبحه في المحراب وهو ساقط ككبش العيد، الذي أكيد لم ينه بعد المرحوم أكل لحم ضحيته.
ثم قام ومن الجهة الأمامية بذبحه من الوريد إلى الوريد بواسطة خنجر حاد يخفيه في الكيس، الذي أحضر فيه سجادته».
وقد ذكرت مصادر مطلعة أن الضحية قد قاوم وسار لأمتار قليلة محاولا الفرار، وهو مذبوح إلا أنه سقط جثة هامدة في عين المكان»!
الجاني، كما جاء في الموقع نفسه، عاطل عن العمل ويقطن في المنطقة ومعروف عنه أنه شخص مصل، وفي الوقت نفسه مدمن مخدرات.
المرحوم كان يستعد في يوم الجمعة يوم قتله لقراءة فاتحة زواجه والدخلة في وقت واحد. لكن «المعتوه» غير مجرى الأحداث رأسا على عقب. سننتظر نتائج التحقيقات، هل هي العته أم سلفية الإمام المتطوع، أم أن هناك أشياء أخرى؟!
والمثل الجزائري الدارج يقول «دير روحك مهبول تشبع كسور»، أي تظاهر بالهبل تشبع خبزا. والمثل القبائلي يقول: «المهبول جاء على القلب».
ما فعله المعتوه يثير الغيض. وإلا بماذا يفسر عدم تحرك أي من المصلين لنجدة الإمام. إذا لم نغير منكرا كبيرا كهذا وداخل المسجد فكيف نغير المنكر بيننا؟ لله في خلقه شؤون.
*كاتبة من الجزائر- القدس العربي