الدكتور الشيخ ولد حرمة ولد بابانا مخاطبا ولد بولخير:الموقف يتطلب منكم مزيد الحرص على المصلحة الوطنية
أثارت مبادرة رئيس الجمعية الوطنية مسعود ولد بولخير التى أعلن عنها نهاية الأسبوع الماضي ضجة كبيرة فى أوساط السياسة الموريتانية . ومن أهم ما صدر حتى الآن من تصريحات و تعليقات على تلك المبادرة الرسالة المفتوحة التى أرسلها السياسي الموريتاني البارز الدكتور ولدبابانا إلى السيد ولد بولخير ، وقد حصل موقع “أنباء” على نسخة من تلك الرسالة ، ينشرها كما وردت إليه:
سيدي الفاضل
إثر اللقاء الأخوي الذي جمعنا بمنزلكم مساء يوم السبت 27 أغسطس 2008 و الحديث الشيق و البناء الذي دار بيننا حول الحالة الراهنة للبلد التي تؤرقنا جميعا و تكدر صفو حياتنا، فإنه تبادر لي أنكم قادرون بل ملزمون أمام الله و أمام الوطن أن تلعبوا دورا تاريخيا و مصيريا في إخماد النار الموقدة التي تكاد تلتهب بلادنا، فارتأيت أن أرفع إلى مقامكم الكريم هذه الرسالة.
عزيزي و أخي الفاضل
سلام وتسليم لا لغو فيه ولا تأثيم، سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات، و مني تحية ملؤها الإجلال والإكبار، مبعثها الود والإخاء، هدفها النصح و الذكرى و إن كنت لا أراني أهلا لتقديم النصح إلى من هو بمنزلتكم. و حسبي أن أتمثل قول الله تعالى (فذكر إن نفعت الذكرى سيذكر من يخشى) وقوله عز من قائل (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).
القيدوم الاخ
تمر بلادنا الحبيبة مهد المرابطين الفاتحين وأرض الرجال المجاهدين بمرحلة حساسة ضمن مسارها السياسي تحتم على الجميع مزيدا من التكاتف والتآزر وتجاوز الخلاف وانتهاج التفكير العقلاني للخروج بالبلاد من وضعيتها الحالية التي لا تسر عدوا ولا صديقا.
ومن هذا المنطلق و لمعرفتي بحرصكم الكامل على مصلحة موريتانيا التي أثبتم غير ما مرة عبر مسيرتكم النضالية المشرفة تشبثكم المتواصل بها وذودكم الشجاع عنها وإصراركم المعهود والمتزايد على أن تظل عقيدة وطنية للجميع قوامها القيم الإسلامية العربية الإفريقية وأساسها العدل والإنصاف و وسيلتها الحوار والتشاور وهدفها وغايتها الإنسان الموريتاني أينما وجد على رقعة هذا الوطن الغالي.
من هذا المنطلق أخاطب فيكم روح الوطنية وإملاءات المسؤولية التي حملكم هذا الشعب بأن نصبكم ممثلوه رئيسا عليهم فبوؤوكم بذلك المقام الأسمى تشريفا و قلدوكم مهام جساما تكليفا. انتظمتم في عقد سؤدد الدولة الأسنى قيما على سلطتها التشريعية و فوضكم الشعب في الإنابة عنه في تدبير شأنه العام والخاص إلى أن تظلوا حفظكم الله خير مستأمن ـ وانتم كذلك – على ما حملتم من أمانة. و مثلكم يعي جيدا أهمية و خطورة الأمانة ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان) متأسين في ذلك بتوجيهات المعلم الأول وحديثه صلوات الله وسلامه عليه(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).
أخي الفاضل،
لست بحاجة إلى أن أذكركم بضرورة العمل على الحفاظ على اللحمة الوطنية و تقويتها لتجاوز ما يعترض سبيلنا من المعوقات و الأخطار والمحن وانتم مدرستنا في ذلك ، و قد يكون من فضول الكلام أن أعيد على مسامع من هو في منزلتكم السامقة قول المهلب ابن أبي صفرة:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا فإذا افترقن تكسرت آحادا
نعم لست بحاجة إلى ذلك وأنتم الأعلم بمنطوق ومفهوم قول رب العالمين جل علاه (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) وقوله (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم) وقوله تبارك وتعالى( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس. و من يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ).
أخي الفاضل
استبقوا الخيرات… أصلحوا بين أخويكم تنالوا أجرا عظيما.
لقد سموتم بنضالكم الطويل، وعبر الدفاع عن المبادئ والقيم وتلمس الطريق الصحيح وسط ظلمة الديكتاتورية البغيضة على مدى أزيد من عقدين من الزمن، أنتجتم ثقافة الرفض و وضعتم قواعد رياضة تحريك الرأس في الاتجاه الأفقي ضد المتلاعبين بالمصلحة الوطنية وسطرتم بأحرف من نور مثالا يحتذي ودرسا لا ينمحي في حب الأوطان والشعوب الأمر الذي أسكنكم في وجدان الفئات العريضة من أبناء هذا الشعب منزلا رفيع العماد أنتم به جديرون وأهل.آخى الفاضل
انتم اليوم أسمى من الأمس وغدا تكونون أسمي. أنتم ثالث ثلاثة في الهرم السلطوي للبلد وهي مسؤولية مضافة إلى مسؤوليتكم الحزبية وإن كان التوفيق بين المسؤوليتين ـ على الأقل من حيث المواقف ـ يتطلب منكم مزيد الحرص على المصلحة الوطنية التي هي شعاركم وعقيدتكم الراسخة، وهذا ما يدعوني إلى تذكيركم ـ ولستم ممن يغفل عن ذلك – بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقكم في لم الشمل الوطني وتقريب وجهات النظر و ردم هوة الخلاف بين الإخوة والعمل على صهر جهود المخلصين الخيرين من أبناء هذا الوطن في بوتقة واحدة لنتجاوز بحول الله ما يعترض سبيلنا من صعاب.
أخى الفاضل
أخاطب حكمتكم وتعقلكم المعهودين وضميركم الغيور على هذا الوطن و أهله و شعوركم بالمسؤولية تجاهه للعودة إلى مكانكم الصحيح الذي عرفناكم فيه دائما وحفظه لكم شعبكم في سويداء قلبه ،العودة عن موقف لا يتناسب وحجمكم ولستم أهلا للبقاء عليه.
و أنتم من يعلق عليكم الموريتانيون آمالا عراضا في التوفيق بينهم مهما بلغ الخلاف، بغية الدفع بعجلة هذا البلد إلى الأمام اعتبارا لما تتحلون به من مكانة في نفوسنا ونفوس جميع المواطنين.
أخي الفاضل
باسم قدسية هذا الوطن وباسم عزة الحق ونبل الرجوع إليه وباسم موريتانيا الغالية و باسم العلاقة الشخصية التي تربطني وإياكم و التي تشكل بالنسبة لي مصدرا للفخر و الاعتزاز و أتشرف بها أيما تشريف أدعوكم إلى العودة إلى تحمل مسؤولياتكم البرلمانية المقدسة وفاء للأمانة وصدقا مع الذات والمجتمع حتى نتجاوز بحول الله وقوته محنتنا و امتحاننا وبذلك تكونون قد أديتم واجبكم نحو وطنكم وتكونون قد أرضيتم ربكم الذي وعدكم بالفوز العظيم القائل في محكم كتابه(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) صدق الله العظيم.جعلني الله وإياكم ممن حق فيه قوله تعالى: (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ) و أعاذني وإياكم ممن قال فيهم: (ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها) و يقيني في رجاحة عقلكم وحبكم لوطنكم يجعلني أجزم بأنكم لا محالة فكرتم فى الموضوع وكفيتمونى طرقه وعدتم إلى الإجماع و” العود أحمد.”
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور الشيخ ولد حرمة ولد بابانارئيس حزب التجمع من أجل موريتانيا ـ تمام ـ
نواكشوط في 04/10/08