لماذا يرتجف الحكام العرب خوفا من‘ الجزيرة ‘…؟/حسين عليان/bablon94_2003@yahoo
الثوره والحراك الشعبى الواسع الذى تعيشه معظم الاقطار العربيه بحثا عن التغير والاصلاح له اسبابه الكامنه فى بنيه المجتمع والدوله والنظام السياسي ومن الخطأ ان نحمل نظريه المؤامره الخارجيه مسؤوليه ذلك وان كنا لا ننفيها فالخارج الاستعمارى يحاول استغلال التحولات التى تشهدها اقطارنا العربيه بما يخدم اهدافه ومصالحه مع ان هذا الخارج ظل حليفا وداعما للنظام السياسي العربى وهو مسؤول بدرجه كبيره عن ايجاد نظم تابعه المسؤول كذلك عن حمايه الاسبداد والفساد والتخريب الاقتصادى الذى مارسته تلك النظم.
كما انه من الخطاء تحميل الاعلام مسؤوليه ما يحدث من ثورات واحتجاجات ومظاهرات فالاعلام لايصنع ثوره لكنه يستغل احداث ويروج لها.
وحياديه الاعلام مسأله نسبيه فهو بالتأكيد منحاز لخدمه من يدفع ويمول وان حاول اظهار الحياديه والتغطيه المتوازنه بدعوه المهنيه والشفافيه فالاعلام يؤجج المشاعر ويحشد رأى عام فى مجتمع محتقن لكنه لا يخلق المشكلات كما انه لا يستطيع التأثير فى مجتمع ودوله مدنيه مستقره فهل يستطيع كل الاعلام العالمى تحريك الشعوب السويسريه وخلق فوضى وصناعه ثوره.
فى البدء نعترف ان دور الخارج والاعلام عوامل مساعده ومحدوده تستثمر ثغرات و احداث ومشكلات قائمه تنفذ منها ولا تخلقها بعكس ما يحاول البعض تصوير ان كل المشهد العربى وما يجرى بأنه مؤامره دوليه خارجيه الاعلام طرف فيها.
من يصر على رؤيه ما يجرى فى الاقطار العربيه من ثوره وحراك شعبى من زاويه المؤامره الدوليه ووسائل الاعلام يصر على اخفاء الحقائق وعدم الاعتراف بحجم المشكلات الداخليه وهو بذلك كالنعامه التى تدفن راسها فى الرمال وتعتقد ان لا احد يراها وهذه السياسه تعمق الازمات والمشكلات ولا تعالجها وهذا ماجرى ويجرى فى معظم الاقطار العربيه.
لقد تعاطت الانظمه الرسميه العربيه اعلاميا منذ انداع الثوره التونسيه وحتى اليوم بخطاب موحد المفردات قائم على رفض الاعتراف بوجود مشكلات وان ما يحصل ليس الا تحريك لقوى عميله مندسه حاقده تعمل بأجنده خارجيه واعلام خارجى يعمل لاجل الفوضى الخلاقه التى وعدت بها السياسه الامريكيه والغربيه.
والحقيقه التى تروجها الانظمه هى ان الجماهير مغرمه بحب القائد والنظام لذلك تحشد كل وسائل السلطه فى تحريك مظاهرات الولاء المؤيده لاثبات نظريه المؤامره والشرذمه المندسه والبعض حاول استخدام الشارع بالشارع كما حصل فى مصر ويحصل حتى اللحظه فى اليمن والاردن وسوريا مع ان هذا الاسلوب انكشف زيفه وعدم جدواه فى مصر ومع ذلك تواصل الانظمه المأزومه استخدامه وعندما تفشل اجهزه القمع تحرك قوى الثوره المضاده من مليشيا المرتزقه والبلطجيه والزعران وارباب السوابق لاحداث الفوضى بهدف ادخال الرعب فى نفوس الناس فى محاوله لاثبات ان التغير او اسقاط النظام يعنى خراب الاوطان وتقسيمها حصل هذا فى تونس ومصروفشل ومع ذلك لا زال يحصل فى ليبيا واليمن وسوريا والاردن وسيفشل كما فشل فى مصر وتونس.
كل النظم العربيه حاولت توظيف التباينات الجهويه والمذهبيه والدينيه وتخويف الداخل والخارج من الارهاب والتطرف الاسلامى وهذا لا زال يوظف فى سوريا والاردن والعراق وليبيا واليمن والبعض لا زال يستخدم ورقه القبائل والعشائر المهم ان لا احد من نظمنا السياسيه يريد الاعتراف بفشله فى بناء الدوله المدنيه تلك الدوله التى تقوم على المواطنه والتى تساوى بين الناس فى الحقوق والواجبات لذلك استمرقيام النظام والسلطه والدوله على المحسوبيه والعائليه والولاء والحزب الواحد او المذهبيه او الجهويه والعشائريه لذلك استشرى القمع والاستبداد والتبعيه والفساد واصبح الحفاظ على النظام والعائله والحاكم والكرسى اهم من الاوطان والشعوب. وظل الغرب المنافق ومعه والولايات المتحده يدعم هذا النموذج من النظام السياسى العربى على مدار عقود مع انهم يتشدقون بدعم الحريه والديمقراطيه وحق تقرير المصير وهم قطعا كاذبون لان الديمقراطيه هى جزء من الحريه الشامله التى تعنى حريه الاوطان والمواطنيين وتعنى سياده دولنا التى تتناقض مع مصالح دول الهيمنه الغربيه.
ان الولايات المتحده والغرب هم حلفاء طبيعىين لقوى الثوره المضاده حلفاء لقوى التخلف والتبعيه والتجزئه ولا يمكن ان يدعموا ما يجرى من ثوره شعبيه فى وطننا العربى ثوره تحاول بناء الدوله الوطنيه دوله المواطنه التى تسهم فى وحده الامه والتى مزقتها نظم التبعيه والاستبداد الفاسده عبربناء اسيجه الدوله القطريه.
والمؤسف ان بعض كتابنا وقوانا الوطنيه تتبنى الخطاب الرسمى وبشكل انتقائى متعسف وتنشغل وتشغلنا بملاحقه بعض النتائج العرضيه والوسائل مع اتفاقنا باهميه ذلك لكن يبقى الاهم التركيز وملاحقه جوهر المشكلات.
لا يجوز اليوم الانشغال بالهجوم على الاعلام ودوره اكثر من انشغالنا بكشف سياسات الانظمه التابعه والمتعاونه مع الغرب وتشجيع الشعوب على حرياتها وبناء مستقبلها السياسى والاقتصادى والاجتماعى وبذلك نستخدم نفس الذرائع التى يسوقها النظام الرسمى العربى مثل ان شعوبنا ليست جاهزه للثوره والتغيراوغير مستعده للديمقراطيه او التخويف من الدين او الفتن المذهبيه تاره او العشائريه والجهويه او الاجندات الخارجيه والاعلاميه تاره اخرى وهى وسائل من انتاج السلطات التابعه الفاسده المستبده.
فالجزيره اليوم اصبحت لدى البعض اخطر من نظم مبارك والقذافى وبن على وحتى اخطر من الغرب وجيوشه نقر ان للجزيره اجنداتها الخاصه فى خدمه من يمول وهى تخدم سياساته وارتباطاته لكن السؤال المهم اليس للنظام العربى وسائل اعلام تحكم سيطرتها على اسماع وانظار مشاهديه ولديه امكانيات تفوق امكانيات الجزيره ومع ذلك تفشل فى التأثير على اراء مواطنيها اليس هذا سؤال يستحق التوقف عنده والاجابه عليه.
لماذا يثق مشاهدينا ومستمعينا العرب بالأعلام الخارجى المسموع والمرئى ولا يثقون بأعلامهم المحلى؟ اليس هذا سؤال اخر يستحق الاجابه
الاعلام المحلى بات اعلام النظام والسلطه ولا يرى الاحداث ويرويها الا وفق ما ترى وتحتاج سياساتها وهواعلام لا يجيد الا التمجيد والمديح لذلك يبحث مواطننا عن الاخبار من الاعلام الخارجى لانه لا يثق بالحاكم فلا يثق بأخباره ووسائل اعلامه خاصه وهو يرى كذبها صباح مساء.
الغريب ان النظام العربى بمجمله وصل به الحد الى الدخول فى خصومه مع قناه فضائيه لدرجه جعل منها ندا وجعل امبرطوريه قطر تقرر مصائر دول وانظمه ومستقبل امه اليس هذا مخجلا؟ ثم لماذا لا يجرؤ هذا النظام على الدخول فى موجهات ومنع للمراسلين واغلاق لفضائيات اجنبيه مثل الحره وسى.ان.ان و بى.بى.سى.
ان تطور وسائل الاتصال الفضائى والاجهزه النقاله والانترنيت كلها وسائل يمكن استخدمها فى الاعلام واغراض مختلفه ولا يعنى نجاحها فى احداث التواصل انها صنعت الثوره كما يكتب ويعتقد البعض. كفى تضليل وتشويش واختلاق معارك جانبيه فالمعركه الحقيقه بين شعبنا العربى من جهه ونظم تابعه فاسده مستبده معركه من اجل الحريه والسياده والتنميه والوحده.