مقالات

وطني

بقلم : محمد ولد عبد القادر

أشعر بالخوف بل الرعب مما يتربص بوطني في مستقبله القريب, وطني المحاصر يعيش رهن هذه السلطة الاستبدادية التي حطمت كافة مكوناته السياسية والاقتصادية والمدنية والاجتماعية , فحولته إلى خراب يعبث به أناس أجادوا البطش والفساد والنهب بشكل منظم فهمشت المواطن وسلبت ارداته وعطلت الدستور وفرضت قوانينها لبوسا لها وعلى مقاس استقرارها . إمبراطورية جديدة تفرض أرادتها حاملة معها مفاهيمها وعنجهيتها باحثة عن سيطرة كلية في هذه المرحلة , التي عنوانها الفوضى الخلاقة من خلال تحويل المجتمعات من الدولة إلى ما قبل الدولة ضمن اثنيات طائفية لإنهاء أي ممانعة مستقبلية لهذه المرحلة, مستخدمة كافة السبل المعسولة الشعاراتيه وغير الشرعية والهمجيه في أغلب الأحيان,
أخاف على وطني أولا لواقع النظام السياسي وما وصل وأوصلنا إلية , طبعا خوفي ناتج عن نتائج شراسة الاستبداد لهذا النظام على الوطن والمواطن فالمصير الانهيار نحو الهاوية التي ينجرف أليها أخذا المجتمع برمته وأهم هذه النتائج :
الحصار الداخلي والحصار الخارجي للنظام : يتجلى هذا الحصار الداخلي من خلال عدم ثقة المواطن بالدولة والحكومة بعد أن همشته وهشمته بسبب تصرفاتها القائمة على تركيز النفوذ والركون دائما إلى القوة الأمنية وكأن المشكلة خلل أمني يحل بطريقة أمنية
أما بالنسبة للحصار الخارجي فهو خليط بين عدم تكيف النظام مع الموازين الدولية وخلل في الدبلوماسية ونظرة الحكومة ا الضيقة للتحالفات الدولية وعدم فهما للمتغيرات الجديدة وفقدان شريعتها , وما بين أطماع الخارج وفرض أرادته من خلال شروط يومية لا تنتهي تستجيب الحكومة له في أغلب الأحيان معتقدة أن هذه الشروط المفروضة وتطبيقها تحميها وتبقيها ضاربة بعرض الحائط بمطالب شعبها
التردي المتواصل لملف الحقوق المدنية والسياسية بسبب السيطرة الكلية من قبل السلطة وجهازها التنفيذي على السلطتين التشريعية والقضائية وممارسات القوة الأمنية ضد الحراك السياسي والأهلي وفقدان القضاء العادل وحكم القانون , الذي يعتبر الأساس الذي تبنى عليه جميع المؤسسات الاجتماعية ومؤسسات الحكم الأخرى , بما فيها التمثيل السياسي المنصف والأمين .

– أخاف على وطني من الحال الذي باتت عليه المعارضة بكافة أطيافها فكما النظام يعيش أزمة بنيوية في شرعية ومكوناته , فإن المعارضة تعيش نفس الأزمة بفارق هو أن النظام يشكل مصدر الفعل ومصدر الأزمة بينما تبقى المعارضة متلقية لأفعال النظام من ممارسات بشعة مورست بحق أفرادها, لكن نتائج هذه الممارسات أصبحت سببا في الخلل الداخلي للمعارضة, مع فارق جوهري بين مكونات المعارضة بطريقة ممارساتها وأهدافها والأدوات المستخدمة للوصول لأهدافها, فمنها الوطني الديمقراطي والذي يعمل معتمداً على تاريخه النضالي بما فيها من تجارب القمع والاضطهاد مازال يلملم جراحة وليس لدية القدرة على اختراق صفوف المجتمع التي يحتاج مساندتها والتفافها حوله وذلك بالرغم من محاولاته الدائمة والدائبة لإيجاد وشائج للتواصل مع المجتمع .
منظمات وجمعيات المجتمع المدني فهي من الكل وللكل , وقد انتقلت أزمة الأحزاب السياسية إلى صفوفها واختلطت لديها المعايير في عملها, وأهم ما يميز هذه البنى أنها أصلا منظمات وجمعيات رقابية وهي فوق الصراعات السياسية أي أن علاقتها بالشأن العام يتوقف على رصد ورقابة السلطة والأحزاب جميعا , كلا حسب مهمته من هذه المنظمات والجمعيات المعلن عنها ونقلها إلى المجتمع بشفافية كاملة مؤثرة على الرأي العام وعلى أصحاب القرار من السلطة والأحزاب أي أنها ذات مهام محدده. إن منظمات وجمعيات المجتمع المدني هي صمام الأمان للمجتمع, وللأزمات القائمة بين المجتمع والدولة , لكن نجدها اليوم وقد تاهت بين السياسي والرقابي فكانت بين الاثنين حاملة أمراض الأحزاب السياسية وبيروقراطية المؤسسات . أزمة تلف الجميع يمكن تلخيصها بالتالي :

1- كل من هذه القوى السياسية تشعر أنها هي وحدها التي تحمل راية التغيير وهي التي تعمل.
2- المسئول الأول لها يشعر بزعامة لا ينازعه أحد عليها , هذه القوى تملك أمراض الشخصنة والفردية ولو اختلفت بشكل نسبي فيما بينها.
3- كل هذه القوى نسبياً تملك خطابين الأول داخلي يتم بين أعضائها والثاني خارجي تتم صناعته خصيصا من أجل الأخر الذي تختلف في البنية والبرنامج والممارسة والمطالب.
4- هذه القوة تعاني من خلل في الاستراتيجية السياسية وغياب المشروع السياسي المتكامل , وغياب قاعدتها الجماهيرية باستثناء التي تملك قوة تأثير معنوية وليست سياسية.
5- غياب النخب السياسية المؤثرة فيها .
6- بعض أفراد هذه القوى تبحث عن الأضواء الإعلامية التي أصبحت هدفا أكثر مما هي وسيلة .

قد يقول البعض أن المبالغة في القلق لا مبرر له لكن الجميع يتفق أن هناك أزمة حقيقية يجب تجاوزها والا مصيرنا سوف يكون بالغ السوء , فعلى جميع القوى السياسية والمنظمات والجمعيات والفعاليات الاجتماعية والفكرية المعنية بمصلحة الوطن والمواطن وللتغير نحو مجتمع أفضل, أن تعي أن المرحلة القادمة تحمل في طياتها واقع مؤلم ربما نحتاج إلى زمن طويل حتى نعود لبناء الدولة من جديد , ورغم كل هذا فإنني متفائل بالشعب لما يحمل من معارضة صامته للواقع الحالي ولأنه يطمح إلى الحرية وبناء مؤسسات مدنية تحقق له مستقبله بشكل حضاري , ليس هذا فحسب بل أنني مؤمن بالشعب لما يحمل من أدوات الممانعة لتمزيقه والدفاع عن نفسه, هذا الشعب منفتح على كافة النظريات والإيديولوجيات التي تحملها القوى السياسية مادامت تتوافق والعمل من أجل حريته وأمنه الاقتصادي وأمنه الاجتماعي الحامي لوحدته وبنيته , وعلى هذه القوى أن تكون على مستوى المسؤولية التاريخية .

محمد ولد عبد القادر قانوني وكاتب صحفي

melkader74@yahoo.fr

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button