مقالات

إنهم يعيقون الديمقراطية،كما أعا قوا التنمية!!

بقلم : الأستاذ/بوننا سيدي أعثيمين.

بتاريخ:04 /10 /2008 ،كان لي شرف حضور ندوة تحت عنوان”:دور الأحزاب والفاعلين السياسيين في المرحلة الراهنة” نظمها “منتدى الضمائر الحية” وقد حضرتها مجموعة من ممثلي الأحزاب وعدد كبير من الفاعلين السياسيين ،وعلى الرغم من أن المنتدى قاس الأحزاب بمقاييس الرأي العام الوطني ، وسعى للحصول على إجابات من المدعوين على أسئلة ،لاتدعي الموضوعية فحسب ،بل تبدو في غاية الإلحاح،فإن تعمد المنتدى ،مع ذلك،تقديم الموضوع تحت العنوان أعلاه يحمل أكثر من دلالة ،وأكثر من مغزى،
ويستدعي هو الآخر تسجيل سؤال مركزي عن ماهية المعوقات التي تحول بين الموريتانيين مع الفوز بالأحزاب السياسية التي تعبر عن طموحاتهم وعن تطلعاتهم السياسية ،والاقتصادية،والاجتماعية ،منذ الإعلان عن قيام التعددية الحزبية إلى اليوم ؟.

الغائب عن الأذهان، لسبب حداثة عهد “الطبقة السياسية” بالديمقراطية، أن الساحة السياسية عرفت التعددية الحزبية ، التي تجد أساسها في المجال القا نوني الصرف الذي قد يكرسها ،أو يمنعها ، قبل أن تكون الساحة السوسيو- سياسية مهيأة لمباشرة التعددية السياسية التي تتمثل ببساطة في التقعيد لاحترام حق الآخر في الاختلاف ، والاعتراف المتبادل بين القوى السياسية ،في إطار ثوابت الأمة، ومقدساتها.

وأما المسكوت عنه ،إلى حد الآن،فهو تطلعنا إلى ديمقراطية، بالمعنى الحقيقي للمصطلح، دون أن نظفر بطبقة سياسية ديمقراطية هي نفسها،بل بحركات سياسية إما مركسية ماوية، وإما حركات قومية ،رغم توفرها على خصائصها الذاتية المميزة، فهي تعيش في ضيافة الأيديولوجية المركسية ؛ولم يكن يوما من ضمن إستراتجية الماويين أكثر من قيام نظام ديكتاتوري يصفونه ، لباقة منهم ،بالوطني.
وقد نشأت الأحزاب “السياسية” من رحم هذه الحركات سواء كانت بقيادتها،أو تحت سلطان رقابتها، إعدادا،وتأسيسا، وتنظيرا، وتأطيرا، ولذلك نشأت ديكتاتور_ديمقراطية، وظلت طيلة حياتها الاجتماعية كذلك؛ونظرا لسيطرة الأخطبوطي الشيوعي الماوي عليها فقد نشأ كل حزب يدعي لوحده تمثيل الشعب برمته وليس مجرد طبقة من الطبقات الموجودة فعلا:كالطبقة الغنية،والطبقة الفقيرة،أو المفترضة: كالطبقة المتوسطة،ولذلك ،أيضا ،نشأت هذه الأحزاب عصية على التمييز فيها بين “اليمين”،واليسار”،”والوسط”.

إن الديمقراطيين منا لم يتفاجأوا بأن الأحزاب التي سعت ومازالت تسعى إلى تأطيرالشعب بأكمله والتعبير عن مطامحه،تجد نفسها اليوم لا تؤطر، ولاتمثل، ولاتعبر عن مطامح أي أحد؛ولذلك نظمت الندوة تحت العنوان المنوه عنه أعلاه للدلالة على عجز الأحزاب عن التغلغل في مفاصل الشعب عموما،وعجزها،خصوصا،عن لعب دورها كجهاز استقطاب لهؤلاء(الفاعلين السياسيين) الذين يمكن تشخيصهم ،بل واختزالهم ،في الوجهاء،وأصحاب المبادرات على اختلاف مستوياتها.

المفارقة تكمن في أن الشيوعيين الماويين ،الذين سيروا هذا البلد اقتصاديا ونهبوه، وعلموا غيرهم نهبه بدون استحياء، تحت قناع رصيدهم ممن” قتلوا،وعذبوا ،وسجنوا،هم من لا تستطيع أي تشكيلة سياسية أن تتشكل في هذا البلد إلا بمعرفتهم وبناء على خبرتهم في إعداد الأنظمة الأساسية والداخلية وأقرب مثال على ذلك الطريقة والأسلوب اللذين تم بهيما إنشاء( حزب عادل) .
ونتيجة لذلك،فقد سادت ثقافة غير ديمقراطية لم تقتصر على العلاقات بين الأحزاب التي تعتمد، بامتياز،الإقصاء والسب والشتم الشخصي أسلوبا لاستقطاب القواعد الشعبية ،بل تجاوزتها إلى العلاقة بين مكونات الحزب ذاته ،فرؤساء الأحزاب لا يحترمون ،كقاعدة عامة،إرادة قواعدهم بل يفرضونها تحت شعار”المصلحة العليا للحزب”،أو”ضرورات التحالفات” التي يقيمها الحزب مع هذا الطرف أو ذاك،وحتى القواعد نفسها تتحمل مسؤولية تجاوزها تحت شعار”الانضباط”الذي هو أول درس يتعلمه الحركي ويوزعه بعدالة بين مكونات الحزب المكلف بالتمفصل فيه لإبقائه تحت السيطرة إلى غاية قيام مصلحة في تفجيره،ومن هنا يتجلى انصراف نواياهم إلى إعاقة الديمقراطية كما أعاقوا التنمية .

إن على الديمقراطيين المتعلقين بالديمقراطية السياسية نهجا وسلوكا ، كحل ،وكضرورة ملجئة للتنمية الاقتصادية،والسياسية،والاجتماعية، حتى لا تفرض عليهم يوما ديمقراطية “شافيز”أو ديمقراطية”الملات” الأفغانية،أن يتجمعوا من أجل إنشاء حزب سياسي يستهدف تنمية الطبقة الفقيرة بتمثيلها والدفاع عن مصالحها بغية
تقليصها إلى أبعد الحدود لخلق طبقة متوسطة منها،و ستبقى،بدون شك، على عهد من رفع من شأنها .

كما على الشيوعيين الماويين أن يدركوا أنه لم يعد من الممكن توظيف حصان طروادة ، وأنه أضحى لزاما عليهم التصالح مع ذواتهم والإفصاح عن مكبوتاتهم ا لسياسية بالمعنى ل “فرويد ي” في تطبيق مشروعهم
الديكتاتوري الذي يسمونه وطنيا؛ونفس الشيء بالنسبة للإسلامويين الذين يحلمون بقيا م دولة الملات .

ولاشك أن الديمقراطيين سيعترفون لكل واحد منهم في حقه في العمل من أجل تحقيق مشروعه،وحقه في التعبير عنه بكافة الوسائل المشروعة .

الأستاذ/بوننا سيدي أعثيمين.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button