أخبار

السر وراء انحراف “الجزيرة” وسقوط “قطر” فى وحل التآمرعلى ليبيا

يتفق الجميع فى المنطقة العربية على أن قطر احتلت خلال العشر سنوات الماضية ، مساحة متقدّمة في المشهد السياسي الإقليمي والدولي. وأن تلك المكانة لا ترتبط بوفرة المال فقط، أو بشبكة علاقات قائمة هنا وهناك في العالم، بل إن الأساس في كل ما حصل هو أنّ قطر اختارت، في لحظة الجنون القصوى لأميركا جورج بوش، وحيث توجد على أراضيها أكبر قاعدة أميركية، الوقوف إلى جانب المواقع الأشدّ خصومة للولايات المتحدة في المنطقة. سعت قطر إلى تمييز نفسها عن سائر جيرانها في الموقف العملي من إيران. قالت على رأس السطح إنها ضد عزل سوريا، ووقفت إلى جانب المقاومة في لبنان وفي فلسطين. وترجمت الأمر مواقف سياسية وتحركات دبلوماسية ودعماً مالياً معلوماً وغير معلوم، وأداة تواصل هي الأبرز من خلال قناة «الجزيرة». كانت خطوة قطر مثل مغامرة برأي كثيرين، لكنها كانت مغامرة محسوبة، وفي السياسة، كانت مغامرة مربحة.

لم تحضر قطر في الوجدان العربي من خلال برامج دعائية، أو استثمارات أو توظيفات مالية، أو حفلات دجل وكذب، بل من خلال الوقوف في المكان الصحّ، حيث القضية عادلة، وحيث الحقيقة واضحة، وحيث الواجب يفرض أن يكون الإنسان الحقيقي إلى جانب المظلوم، والتصدي للعابثين بحياته ومقدّراته.

يوم اندلعت ثورة تونس كان الجميع في حالة ترقّب، غابت الأحزاب والجبهات والتيارات خلف حشود من المواطنين، والشباب قرّروا مواجهة الخوف والظلم. كانوا يحتاجون إلى أداةٍ للتواصل مع العالم. فجأةً، أمسكت «الجزيرة» بزمام المبادرة، صارت الناطقة باسم هؤلاء. وبرز دورها أكبر مع اندلاع الثورة في مصر، وحتى الأيام الأخيرة قبل سقوط حسني مبارك، كانت «الجزيرة» تؤدّي باسم قطر، وباسم تيار واسع يمتدّ في كلّ العالم العربي، وحيث الانتشار، دور الداعم للثائرين والمغامر إلى جانب مَن أسقط أكبر طاغية في العالم العربي.

عند هذه اللحظة، بدأ الأميركيون، والأنظمة الحليفة لهم، التعامل مع الأمر بطريقة مختلفة. انطلقت رحلة الاستنفار والضغوط، وصارت قطر أمام خيارات جديدة، وعند هذا الحد ظهرت الأسئلة الكبرى:

– لماذا تدعم قطر تدخلاً عسكرياً غربيّاً في ليبيا، ولماذا تعطي لنفسها دور المشارك في هذه العملية؟ هل تضيف قواتها شيئاً سوى إضفاء الشرعية على جرائم تعوّد الغرب ارتكابها في عالمنا العربي والإسلامي وضد شعوبنا؟

– لماذا تتحوّل «الجزيرة» إلى أداةٍ تروّج للعدوان الغربي على ليبيا؟ ليس صحيحا أصلاً أنّ الشعب الليبي منح عمرو موسى أو أيّ عربي حقّ استدعاء الغرب باسمه للتدمير، وإن كان الخصم الموجود في طرابلس شخص مثل معمر القذافي يعارضه الكثيرون .

– مَن أقنع قطر، أو قناة «الجزيرة»، بوهم صناعة الثورات، حتى صار التصرّف على أساس أنْ لا ثورة من دونها وأنْ لا تغيير سيحصل من دون دعمها؟ ومَن كلّف هؤلاء مهمة اختيار الناطقين باسم الشعب الثائر في هذه الدول؟ وهل ثمّة واهم بأنّ ظهور شخصيات من داخل استديو «الجزيرة» يمكن أن يجعل منهم قادة لثورات أو شعوب، بينما هم يعيشون منذ عقود في الخارج، وبعضهم على تواصل يومي مع الإدارات الغربية، وبعضهم الآخر كان يفاوض سيف الإسلام القذافي للعودة إلى ليبيا؟.

– مَن أقنع قطر، أو «الجزيرة»، بأنّ في يدهم تقرير صورة قادة الانتفاضات العربية وجعل الصورة المركّبة حقيقة ساطعة لا تقبل الشكّ؟ ومَن استدرج قطر ومعها «الجزيرة» إلى فخّ الدور المنفوخ؟ ومَن قال إن مصير الأمّة العربية صار رهن ما يُقرّر في الدوحة؟.

نخلص هنا إنه لن يكون لقطر حلفاء يحمونها ويعطونها الدور الحقيقي غير الرافضين للهيمنة الغربية على مقدرات الشعوب صاحبة المبادئ والتاريخ.

ولن يكون لقطر أيّ دور أو مساحة إنْ هي قرّرت الذوبان في السياسة الأميركية أو السعودية.

ولن تكون لقطر صورة ناصعة إذا ما تلطّخت بدم ضحية واحدة تذهب جرّاء تضليل إعلامي، أو خطأ في السياسة.

أمّا قناة «الجزيرة» فهي أمام الاختبار الأصعب، لأنّ استعادة الصدقيّة والمهنيّة، تكون فقط عندما تفتح الكاميرا عينها على شكل عيون السمك، ترى كل شيء من حولها ولا تقف حائرة أو شاردة عن ظلم هنا أو ظلم هناك…

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button