أخبارأخبار عاجلةعربي

موريتانيا : حكومة غضب وتحديات مرحلة

أنباء انفو- مباشرة بعد الإفراج عن أسماء أعضاء حكومة موريتانيا الجديدة وردت عشرات التعليقات بريد موقع “أنباء انفو” بالتوازي مع عشرات أخرى على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي ، بعضها يدافع بشدة عن الحكومة الجديدة ويعقد عليها آمالا كبيرة ، وآخرون لايتوقعون منها الكثير .
مع ذلك يكاد أغلب المعلقين يتفقون على إعطاء الحكومة الجديدة وصفا واحدا هو “حكومة الغضب” ذلك أنها جاءت بعد حديثين عاصفين لرئيس الجمهورية  محمد ولد الشيخ الغزواني ، أحدهما فى لقائه مع جالية بلاده فى إسبانيا والآخر  خلال إشرافه  فى العاصمة انواكشوط على تخرج دفعة جديدة من الإداريين.
   
لم يكتم الرئيس محمد ولد الشيخ  الغزواني رغبته الشديدة فى حكومة تستطيع مواجهة التحديات و الأوضاع الصعبة التي تمر بها بلاده حيث “يواجه الشعب الموت جوعا والدولة فقيرة، وبعض الأماكن لا يجد سكانها مياهاً للشرب، كما أنهم يعيشون في الظلام، لأنهم دون كهرباء، وحتى في المدن التي توجد فيها خدمة الكهرباء فإنها تتقطع” وفق قوله.

 وحسب رأي الكثيرين يشعر  الرئيس ولدالشيخ الغزواني،  بحجم الضغوط الاجتماعية والاقتصادية في ظل الأزمات المتلاحقة داخليا وخارجيا، ويدرك أن المرحلة القادمة قد تعرف صعوبات أشد وتحديات أكبر نتيجة الأوضاع الدولية التي تنذر بأزمة اقتصادية عابرة للحدود والقارات، مشيرين إلى أن الرئيس يبدو منذ توليه الحكم قبل ثلاث سنوات غير راض عن أداء وزرائه الذين يفترض أنهم يتولون مهامهم الرسمية تحت إدارته المباشرة.

 وقد بين الرئيس  ولد الشيخ الغزواني ،  أن حديثه “ليس سياسياً، ولا علاقة له بالانتخابات”، قبل أن يوضّح أنه كان بودّه أن تكون موريتانيا دولة غنية، لكن للأسف ذلك ليس هو الحقيقة، مع أن هناك آفاقاً لتغيير هذا الوضع، أي أنه ليس مقدراً لنا أن نبقى دولة فقيرة.

لقد  وعد ولد الشيخ الغزواني،  منذ مجيئه إلى الحكم قبل أكثر من عامين  ، أن هدفه هو القضاء على الفقر، إلا أن لا شيء تغير في حياة الأغلبية الساحقة من الموريتانيين.

وجه الرئيس ولد الشيخ الغزواني، فى أكثر من مناسبة  انتقادات قوية،  إلى وزراء حكومته، وهو ما دفع بالوزير الأول المهندس محمد ولد بلال إلى تقديم استقالته قبل أن يتم تكليفه من جديد بذات المنصب، وبعد يومين أعلن عن تشكيلة الحكومة الجديدة التي شهدت بصمات واضحة للرئيس وتمثّلت في تعيين عدد من الشخصيات المقربّة منه في مناصب ذات أهمية استثنائية خلال هذه المرحلة.

نظرة سريعة على الحكومة الجديدة:

وزير الداخلية الجديد محمد أحمد ولد حمد الأمين، قادم من ديوان الرئاسة، وهو من مواليد 1959 في بومديد بولاية لعصابة، وتمت تسميته بهذا الاسم تيمنا باسم والد الرئيس الموريتاني ولد الغزواني سليل إحدى أكبر المشايخ الصوفية في موريتانيا وهي الطريق الغظفية التي تمثل مزيجاً بين الطريقة القادرية والطريقة الشاذلية.

ويعدّ ولد محمد الأمين من أبرز المقربين من الرئيس ولد الغزواني، وهو متخرج من سلك الإداريين في المدرسة الوطنية للإدارة، وعمل حاكما في أكثر من مقاطعة قبل أن يعين أمينا عاما لبلدية نواكشوط في عهد العمدة الداه ولد الشيخ، كما عمل مستشارا فنيا لوزير الداخلية واللامركزية المرحوم لمرابط سيدي محمود ولد الشيخ أحمد قبل أن يختاره المجلس العسكري في الحكومة الانتقالية الأولى 2005 -2006 وزيرا للداخلية والمواصلات ثم انتقل إلى الخارجية حيث عين سفيرا في تركيا التي أنشأ فيها السفارة الموريتانية هناك وقضى فيها ثماني سنوات قبل أن يعين في نهاية 2018 سفيرا في باماكو.

وخلال رئاسيات يونيو 2019 كان أبرز المرافقين للمترشح ولد الغزواني ليتولى بعد ذلك منصب مدير الديوان الرئاسي، وهو ما يعني مدى الثقة التي يحظى بها من قبل الرئيس، وما تعيينه وزيرا للداخلية في هذه المرحلة بالذات إلا إشارة مهمة إلى حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في ظل جملة التحولات المهمة داخليا وخارجيا.

وأما وزير الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج الجديد محمد سالم ولد مرزوك، فقد جاء من منصب وزير الداخلية و اللامركزية، وهو حائز على دكتوراه في الجيوفيزياء عام 1987، وأكاديمي وباحث بجامعة نواكشوط، وسبق أن تولى خلال التسعينات من القرن الماضي إدارة حقائب التجهيز والنقل والمياه والطاقة والعدل والصحة والشؤون الاجتماعية وشغل منصب مستشار برئاسة الجمهورية مكلف بالقطاع الريفي، وشغل مهمة المفوض السامي لمنظمة استثمار نهر السنغال ومهمة الرئيس العالمي للشبكة الدولية لمنظمات الأحواض ومهمة المستشار الدبلوماسي لرئيس الجمهورية السابق محمد ولد عبدالعزيز.

ويعتبر ولد مرزوك من الشخصيات السياسية المخضرمة في إدارة الشأن العام بالبلاد، وقد استطاع أن يحافظ على حضوره في مراكز القرار خلال العديد من المراحل السياسية منذ الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع.

أما بقية الوزراء، فهم وزير المالية إسلم محمد أمبادي المفتش بالوزارة ذاتها، والذي سبق له أن تولى منصب المدير العام لإدارة الضرائب، ووزير الوظيفة العمومية والعمل محمد عبدالله عثمان، القادم بدوره من إدارة التقييس وترقية الجودة في وزارة التجارة، ووزير التحول الرقمي الشيخ الكبير مولاي الطاهر الذي كان محافظا للبنك المركزي الموريتاني، وشغل قبل ذلك مناصب أخرى منها منصب وزير الشؤون الاقتصادية والصناعة ووزير التشغيل والدمج والتكوين المهني.

وتضم الحكومة الجديدة كذلك محمد ولد عابدين ولد أمعييف وزيرا  للصيد والاقتصاد البحري، ومحمد ولد أسويدات وزيرا للتنمية الحيوانية بعد أن كان أمينا عاما لوزارة الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان، وآدام بوكار سوكو وزيرا للزراعة بعد أن تولى منصب وزير أمين عام لرئاسة الجمهورية، وأشرف قبل ذلك على حقيبة التعليم الأساسي.

كما تضم الحكومة الجديدة ولد اليدالي وزيرا للتجهيز والنقل، وسيدي محمد ولد الطالب أعمر الذي يتولى رئاسة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم وزيرا للمياه والصرف الصحي، ومحمد الأمين آبي الشيخ الحضرامي القادم من منصب مكلف بمهمة في مؤسسة الرئاسة وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي، وختار ولد الشيباني وزيرا للثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان.

وآلت أربع حقائب وزارية في الحكومة الجديدة إلى نساء، إذ تم تعيين صفية بنت انتهاه في منصب وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة، خلفا للناها بنت هارون ولد الشيخ سيديا.

~ محمد سالم ولد مرزوك يعتبر ولد مرزوك من الشخصيات السياسية المخضرمة في إدارة الشأن العام بالبلاد

وتم تعيين آيساتا داوودا جالو وزيرة البيئة والتنمية المستدامة، وزينب أحمدناه في منصب الوزير الأمين العام للحكومة، ولاليا كمرا وزيرة التشغيل والتكوين المهني.

وأبرز الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية يحيى ولد أحمد الوقف أن الحكومة الجديدة تأتي في “ظرفية استثنائية يمر بها العالم”، في إشارة إلى تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا، وما يصاحبها من ارتفاع في أسعار المواد الغذائية والمحروقات.

وأضاف أنه في هذه الظرفية فإن ولد الغزواني حرص على “الرفع من فعالية الأداء الحكومي عمومًا، وخاصة فيما يتعلق منه بتحسين ظروف المواطنين” ، كما شدد على “إصلاح الإدارة وتحسين جودة الخدمات”، وذلك من خلال التركيز على “مستوى شموليتها وتقريبها من المواطن”، مؤكدا أن الهدف من ذلك هو تمكين المواطن من “إجراء كافة معاملاته واستيفاء كل حقوقه بيسر وسلامة وكرامة، تكريسا لأولوية وتقدم المواطنة على سائر ما سواها من الاعتبارات الأخرى”.

ويأتي الفريق الحكومي الجديد من أجل “ضخ نفس جديد في الجهاز الحكومي للرفع من ديناميكيته من حيث السرعة والجودة في تنفيذ ما ترجم إليه برنامج تعهداتي من سياسات عمومية وبرامج تنموية”، و من أجل “تعزيز مشاركة الشباب في صنع القرار وفي تدبير الشأن العام”.

~ الرئيس الموريتاني كرر توجيه الانتقادات اللاذعة إلى وزراء حكومته، وهو ما دفع بالوزير الأول المهندس محمد ولد بلال إلى تقديم استقالته قبل أن يتم تكليفه من جديد بذات المنصب

واعتبر أن عودة الأمر إلى أهل الاختصاص والخبرة والتجربة كان المعيار الذى حكم مجمل الملفات ناهيك عن إعطاء دفع جديد وراحة لمؤسسة الرئاسة بتعزيز معاوني الرئيس برجل ثقة وصاحب خبرة وتجربة، وله علاقات وازنة كالوزير الأول السابق يحي ولد أحمد الوقف.

 

 

رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني فى أول اجتماع للحكومة الجديدة دعا جميع الوزراء ، إلى الصرامة في التزام قواعد الشفافية ومبادئ الحكامة الرشيدة، في تسيير الموارد المالية وتدبير الشأن الإداري العام، وإعادة الاعتبار لقيم العمل، واحترام الجدارة والاستحقاق، وكذلك الرفع من كفاءات ومهارات المصادر البشرية، بالتكوين المستمر

– تطوير الخدمة العمومية في مجملها، وبناء إدارة قريبة من المواطن، مهنية وفعالة، يكون التركيز فيها على النتائج، مع اعتماد القياس المنتظم لمستويات تحقيق هذه النتائج لتقييم وتصحيح أو إعادة توجيه الخطط والبرامج.

– تحسين العلاقة بين الإدارة والمواطن، وتأمين المساواة في النفاذ إلى الخدمات وتقريبها.

كما حث فخامة رئيس الجمهورية الجميع على التضامن وتنسيق العمل الحكومي، وتنمية روح الفريق وأكد على ضرورة:

– دوام التواصل بين الوزراء بخصوص ملفاتهم المشتركة وأن لا يقتصر فقط على حالات اجتماع المجلس أو التواجد ضمن اللجان الوزارية،

– إرساء ثقافة التنسيق والتشاور داخل كل قطاع، على نحو يتم به إشراك الجميع في اتخاذ القرارات والاستفادة من آرائهم، وأن تراعى انعكاساتها على مختلف الأصعدة، وكذا توقيتها وطريقة إخراجها للرأي العام.

وبحسب مراقبين فإن الحكومة الجديدة وإن كانت تعتمد بالأساس على الكفاءات الوطنية “التكنوقراط”، إلا أنها لن تستطيع الإفلات من الضغوط السياسية التي تواجهها.

 

-انباء انفو- متابعات

 

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button