الحرب علي ليبيا: تآمر…خيانة.. وتضليل .. بقلم/ سيدي محمد ولد محفوظ
من استمع للتقرير الذي اذاعنه قناة الجزيرة، كفاتحة للنيل من ثورة الفاتح، مساء الخامس عشرمن فبرابر قبل اندلاع اي احداث في مدينة بنغازي، يتأكد له أن لهذه القناة ما تبيته ضد ليبيا وشعبها، وان الأوامر قد صدرت لها فعلا بإشعال حرب اهلية بين الليبيين، فبعد هذا التقرير بساعات قليلة، لفتت القناة انظار مشاهديها الي ماتقول انها صور تصلها مباشرة من شرق ليبيا عن مظاهرات هنالك، ومنذ ذلك الوقت انخرطت قناة الجزيرة في تهويل اعلامي مروع، لتشرف علي ادارة حرب اعلامية مستعرة لصالح من سمتهم “بثوار ليبيا”، عن طريق تأزيم الاوضاع وتزييف الوقائع واغلاق اي مساحة للرأي المغاير لتستطيع في غفلة من الجميع ان تستبد بعقول وقلوب المشاهدين و تنقل للعالم صورة مغلوطة عن مايجري في ليبيا.
وبما ان الامر لايعدو كونه تنفيذ لمؤامرة اوسع، ليست قناة الجزيرة الا رأس حربة اعلامية لرسم معالمها الخبيثة، فقد بادرت دولة القطر إلي دعوة مايسمي بمجلس الجامعة العربية لتجميد عضوية دولة عربية شقيقة هي ليبيا دون ان تكلف هذه الجامعة نفسها عناء التحقيق فيما حدث او تبعث بوفد منها للسعي نحو التهدئة او لتقصي الحقائق، وبما ان الخائن لايقف في منتصف الطريق كما يقولون، فقد اجتمعت هذه الجامعة مرة ثانية بتحريض من دول الخليج الفارسي، لتستنجد بمجلس الامن والدول الاستعمارية ان تتدخل عسكريا في ليبيا لتدمير الجيش الليبي وتوفير غطاء جوي لكتائب المتمردين لاراقة مزيد من دماء الليبيين وتدمير منجزاتهم الاقتصادية والحضارية، فهذه هي فرصة بعض الدول الخليجية لتصفية حساباتها مع ثورة الفاتح وقائدها الاخ معمر القذافي.
وهكذا خان العرب اشقائهم الليبيون، فسلموهم علي طبق من ذهب للدول الغربية ذات التاريخ الاستعماري الاسود، فانهالت عليهم قنابل وصواريخ طائرات مايسمي بالحلفاء للقضاء علي قوة ليبيا العسكرية والاقتصادية والحد من نفوذها السياسي والحضاري عبر العالم.
والادهي والامر من ذلك ان تشارك طائرات عسكرية لدولتي لقطر والامارات في هذا العدوان البغيض علي دولة عربية بمباركة من المصري عمر موسي، لا لسبب سوي اشباع نزوات حسد واحقاد ضد شعب اختار ان يكون له سيادة واستقلال، رافضا لارضه ان تكون مؤوي لقواعد عسكرية اجنبية كما هو الحال في إمرات ومماليك الخليج الفارسي المحتل.
وإذا كان الدول الغربية تؤمن حقا بسيادة القوانيين والقيم والاخلاق، فلماذا تنساق حكوماتها وراء دعيات اعلامية مفبركة ورشاوي اقتصادية من بعض الاعراب الاشد كفرا ونفاقا لغزو دولة ذات سيادة وتقتيل شعبها وسرقة نفطها في وضح النهار، لفسح المجال امام بعض العصابات المسلحة الخارجة عن القانون.
خصوصا ان الاعتراف بشرعية هذه الجماعات العسكرية المتمردة وتسليحها امر مخالف للاعراف والقوانين الدولية، التي تحظر السلاح علي اي اطراف متحاربة،حفاظا علي السلم والامن وازهاق الارواح، وتمنع التعامل الا مع الطرف السياسي الذي يمسك العاصمة، وهي في الحالة الليبية الان بيد الحكومة الشرعية.
أما نعيق بعض السياسيين والاعلاميين ان مايجري من عدوان جاء حماية للشعب الليبي، فهل تم اجراء استفتاء علي شعبية القذافي ليعرف العالم توجهات واختيارات الشعب اللليبي الذي يزعمون بوقوفه خلف المتمردين في المناطق الشرقية؟ وهل ميئات الآلاف الذين يتظاهرون دعما للقذافي ليسوا ليبيين
ثم انه ما المانع من قيام الامم المتحدة باجراء تحقيق مستقل فيما حدث قبل الحكم بحصار اشعب الليبي وتجميد امواله، وارسال الطائرات لقصفه دون رحمة؟ ولماذا لا ترسل هذه الهيئة الدولية بمراقبين علي الارض في مسألة وقف اطلاق النار؟ وهل الحظر الجوي المفروض علي ليبيا يستثني طائرات المتمردين؟ ولماذا تقصف قوات الجيش الليبي دون رحمة وتترك قوات المتمردين تقتل وتزحف دون رادع؟ اما كان اولي بالامم المتحدة ان تعطي الاولوية في تعاطيها مع الازمة الليبية للحل الدبلوماسي قبل اللجوء للحل العسكري باسم حماية المدنيين وحلف الناتو يقصف هؤلاء المدنيين وهم يرقدون في المستشفيات؟.
أظن أن العالم والحالة هذه يسير نحو الفوضي وتلاشي اي مرجعية قانونية او اخلاقية، ويمكن لأي دولة أن تسقط الشرعية عن اي رئيس دولة اخري وتامره بمغادرة السلطة، وكان الامر ليس بيد شعبه الذي له الحق وحده وبالطرق السلمية والديمقراطية ان يعطيه تلك الشرعية او ينزعها منه، كما انه وخلال ما حصل في ليبيا بإمكان اي دولة ان تعترف بشرعية كل هب ودب او حمل السلاح ضد الدولة والنظام السياسي الحاكم.
انه لأمر غريب وخارج عن الاعراف والقيم والقوانيين الدولية ذلك الذي تم اقترافه من جرائم في ليبيا هذه الأيام، والأغرب منه ان يسكت الكثيرون ويتفرجون عليه وهم علي علم بحقيقة ماحصل ويحصل من جرائم وتجاوزات بحق الشعب الليبي الذي ظل آمنا ومستقرا ومحبا للجميع، فلم يبخل بمعروفه علي البعيد قبل القريب،حيث كانت ثورة الفاتح عونا وساعدا لكل المظلومين والمستضعفيين والمهمشين في الارض، لكن البعض اختار التنكر والغدر وخصوصا بعض الحركات الاسلامية كالاخوان المسلمين الذين رأيناهم يتحالفون مع المستعمرين الاجانب علي اشقائهم الليبيين في الدين والنسب، مشكلين بشيخهم القرضاوي مع قناة الجزيرة القطرية وحلف الناتو وبعض الدويلات العميلة أخبث تحالف شيطاني يسعي بالقتل والخيانة والتآمر ضد إخواننا الليبيين.
لكن الأكيد أن من اختاروا العمالة والاستقواء بالأجنبي علي بلادهم واحرقها بالصواريخ والقنابل الأطلسية،غير جديرين بالاحترام، ولن يحصدوا في نهاية المطاف غير المذلة والانحطاط، وسيحاسبهم الشعب الليبي الشريف علي ما اقترفوه في حقه من جرائم القتل والخيانة والتآمر.
سيدي محمد ولد محفوظ
كاتب وصحفي موريتاني
Mahfod1@maktoob.com