أخبارأخبار عاجلةعربيمقالات

بين معنى مقابلة ولد بايه و معنى معناها *

 قبيل تنظيم الانتخابات الرئاسية الماضية بفترة وجيزة ، أمضى أحد المصارف الخارجية ، العاملة في البلد ، شهرا كاملا متتاليا يوما بعد يوم، يقوم كل صباح، قبل أي نشاط له ، بجمع كل ما في صناديق فروعه حتى يجمع مبلغ خمسمائة مليون أوقية (نصف مليار) ، يضعها في صندوق و يسلمها لابن أحد كبار المسؤولين اليوم في الدولة (مدة شهر كامل يوما بعد يوم).

المسؤولون الكبار في المصرف الأجنبي، لا يتكلمون عن هذا الموضوع و المسؤولون الصغار لا يملكون سوى حيرتهم مما يحدث.

لا شك أن هناك قوانين أو ترتيبات أمنية تفرض على المصارف إشعار البنك المركزي و الجهات الأمنية بمثل هذه الحركة الضخمة للأموال عبر قنواتها. لكنه من المؤسف أن المؤسسات الأجنبية العاملة في البلد أصبحت أكثر تجاوزات حتى من مكاتب النصب الوهمية على الراغبين في الحصول على تأشيرات الدخول الأمريكية و الكندية .

من يملك مثل هذه الثروة الضخمة من السيولة و في مصرف واحد ، سيكون حتما قادرا على تحريك أي شيء في البلد في أي اتجاه يريده..
كما أنه من الطبيعي أن يتوهم أن أمواله قادرة على شراء كل شيء بما فيها كرامة الناس و آلامهم و آمالهم..

نحن الآن أمام ارتدادات هذه الأوهام الشيطانية .. و ستكون معركة الانتخابات القادمة معركة مال الحرام و سيكون ولد بايه أحد أباطرتها بكل تأكيد..

و تأتي مقابلة ولد بايَّه اليوم مع “جون آفريك” لتنبهنا إلى الخطورة الأمنية للأموال المنهوبة ، غير معروفة المصادر و غير محددة الكم التي تطارد أصحابها عقدة الذنب و تؤرقهم التحولات السياسية بما يمكن أن تحمل من مفاجآت غير سارة.

مقابلة ولد بايه كانت تعبيرا صريحا عن مخاوف أكلة المال العام مما يخبئه لهم الزمن .. كانت هجوما دفاعيا (ينبحك الكلب خوفا منك ليبعدك عن منطقة أمانه) .. كانت هستيريا حقيقية ترتدي لبوس ثقافة بلا عمق و شجاعة بلا حكمة..

المقابلة مع “جون آفريك” مع أمثال ولد بايه لا تكون إلا لأحد سببين ؛ إما أن تكون بأوامر من المخابرات الفرنسية و هذا مستبعد جدا لأن المقابلة جاءت خالية من أي عمق و من أي رسالة ذات قيمة و إما أن يكون ولد بايه اشترى تلك المساحة من الصحيفة المعروفة بضحكها على الموريتانيين و بنظام تسويقها و اشترى منها الأسئلة و تصحيح الأجوبة ، فكان أهم ما فيها بعث رسائل غير ودية للنظام من خلال اعتبار ما يحدث صراعا بين عزيز و النظام و كلمة صراع أكبر بكثير من آفاق عزيز و ولد بايه و أكبر بكثير من وسائلهم و أكبر بكثير من عقولهم.

هذه مجرد محاولة تسجيل موقف فاشلة، سيكون لها حتما ما بعدها.

أما اعتبار ولد بايه “الخلاف بين عزيز و غزواني خلافا سياسيا” فهذا لا يضيف شيئا و لا يعني غير غزواني و عزيز. هذا إذا لم يكن ولد بايه يخلط بين الدولة و ولد الغزواني، أي يعتبر محاكمة عزيز ملفا مسيسا و هذا يعني نكران ولد بايه لما ارتكبه ولد عبد العزيز من جرائم مالية ماثلة للعيان في هذا البلد. و هذه أكبر خيانة يمكن أن يرتكبها برلماني في موريتانيا المنهوبة و إن كنا نستطيع فهمها ممن قال ذات يوم “متليت آنا و متلاو أصحابي” ، حين يقول اليوم “أنا لست متهما و لا أتهم أحدا” ، كأن جميع ملفات العشرية تم طيها إلى ما لا نهاية..

و إذا كان الشيخ ولد بايه أصبح يفكر بجد في الترشح للرئاسة بالتحالف مع حلف الشيطان و هذا هو المعنى الوحيد المفهوم من هذه المقابلة في النهاية ، فتلك قصة نحتاجها جميعا لكشف حقيقة الكثيرين ممن يمشون على الحبلين في الحزب و الإدارة و يتولون اليوم كل التسريبات المحرجة و يتلاعبون بأهم أسرار الدولة غير مبالين بمصلحة البلد و لا بسمعته التي وصلت في عهدهم المشؤوم إلى الحضيض.

أهم ما أكدته هذه المقابلة للجميع هو أن ولد بايه رجل مؤامرات لا رجل سياسة و أن وفاءه لعزيز بلا حدود و أن وفاءه لأي آخر مجرد مهمة في خدمة وفائه لعزيز..

 

* / سيدي علي بلعمش

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button