مقالات
أوقفوا حماقات الجنرال بقلم/ محمد ولد محمد عيسى ولد باباه
غريب أمر هذا الجنرال المدعو محمد ولد عبد العزيز والذي يقوده هذا البلد إلى الهاوية.
لم يكتف الجنرال في 6 أغسطس 2008 بانقلاب على أول حكم ديمقراطي في تاريخ البلاد.
ولم يكتف بتزوير الانتخابات الرئاسية (18/7/2009) ليشرع لنفسه الحكم بالانتخاب بعد الانقلاب.
ها هو الجنرال الذي وعدنا بالإصلاح الشامل وبموريتانيا الجديدة الخالية من الفساد وبالعيش في الجنان والمساواة أمام القانون وغير ذلك، ها هو يمارس أبشع أنواع القمع والتنكيل بحركة شباب 25 فبراير، لأن هؤلاء الشبان الوطنيون يطالبون بالإصلاح على غرار أقرانهم في شبه المنطقة.
أرسل الجنرال كتائب قوات مكافحة الشغب والبلطجية المسلحة بالسكاكين والحجارة لقمع الشبان الذين يخرجون في مظاهرات سلمية ممارسين حقهم الدستوري في التظاهر.
وللأسف لم يقف البرلمان الموريتاني، باستثناء نواب المعارضة، في وجه هذا القمع الممنهج، ونحن نتساءل أيها النواب في الموالاة لماذا تتنكرون لمطالب شبابكم، وإن كان لا بد، فلا تقبلوا بممارسات القرون الوسطى حيث لا يقدم النظام للحركة المطلبية في البلاد سوى القمع.
إن ما لا يدركه الجنرال ولد العزيز هو أن الشباب العربي بعد اليوم لن يقبل بتلك الأنظمة التي لا تقدم لشعوبها سوى "الجوع والقمع والرصاص".
إن ذلك الزمن أصبح حتما بصيغ الماضي بعد نجاح ثورتي تونس ومصر، وبعد تشكل حركة شباب 25 فبراير.
هذه الحركة العظيمة التي نظمت منذ تأسيسها على "الفيسبوك" في فبراير الماضي 24 تظاهرة احتجاجية حتى الآن في نواكشوط، وقدمت أجساد مناضليها لسياط الجلاد أمام المارة في الشارع العام وفي سابقة من نوعها في التاريخ "التعذيبي" لأنظمة البلاد، هذه الحركة لا يمكن أن تتأخر لحظة واحدة عن نداء الواجب الوطني في إصلاح شامل مستحق لهذا الشعب الفقير، صاحب الثروات الكبيرة المهدورة في الفساد الذي يمارسه اليوم وبالشبع الصور أقارب الرئيس وزبانيته.
ولن يكون سوط الجنرال الجلاد أقوى من سياط بن علي ومبارك وأشباههم من ديكتاتوريي المنطقة.
إنني هنا أوجه نداء إلى الرجال والنساء فيما يعرف بالموالاة، إنني أطالبكم بالوقوف مع شعبكم لفرض التغيير الحقيقي.. إن التعيير كل ما تأخر كانت فاتورة التخلف أكبر.
عليكم النظر إلى سياسات الجنرال… تمعنوا فيما يقوم به هذا الرجل.
في الوقت الذي وقفت فيه كل شعوب ودول العالم ضد الجزار نظام العقيد معمر القذافي الذي يمارس أبشع أنواع المذابح في حق شعبه، ها هو رئيسنا الجنرال محمد ولد عبد العزيز يطير جنوبا وشمالا دعما للقذافي حتى دون رؤية إستراتيجية لخطورة هذا الدعم على مستقبل بلدنا فضلا عن الموقف الأخلاقي الواجب تجاه الشعب الليبي الذي خرج لنيل حريته من ذلك الديكتاتور المقبور.
موقف ولد عبد العزيز هنا يشبه موقف ولد الطايع الذي قام بدعم صدام حسين عندما غزا الكويت واحتلها في التسعينات.. ألم يدفع البلد ضريبة ذلك الموقف عبر تعليق المساعدات وعبر الحصار الذي دفع الشعب الموريتاني ثمنه غاليا.
في خطوة أخرى تمثل قمة الحماقة السياسية، يواصل الجنرال محمد ولد عبد العزيز إصراره على تقوية العلاقات مع إيران، الدولة التي تمثل البلوى بالنسبة للعالم العربي، وتعمل على زرع المذهب الشيعي لتفتيت شعوب المنطقة.
وفي خطوة مريبة قام ولد عبد العزيز (يوم الاثنين 30 مايو 2011)، باستقبال وزير الدفاع الإيراني، محمد فهيدي، الشيء الذي يعني سعي إيران لبناء علاقات عسكرية وأمنية مع البلاد، ولكم أن تتصوروا مثلا خطورة تدريب الحرس الثوري الإيراني لضباط موريتانيين سيعودون إلى البلاد ليشكلوا نواة لحزب الله في الساحل الإفريقي.
بل أخطر من ذلك يطير الرئيس إلى دولة غامبيا من أجل التوسط لعودة العلاقات الإيرانية الغامبية بعد قرار غامبيا بقطع علاقتها مع هذه الدولة المثيرة للمتاعب.
لقد حذر معارضون إيرانيون من المخاطر التي تترتب على توطيد العلاقات بين إيران وموريتانيا، وقالوا عبر جريدة "Iran Manif "، وتحت عنوان: "خبر سيء للمغرب العربي، إن "نظام إيران يريد أن يجد موطئ قدم له في موريتانيا"، وإن "الحرس الثوري، المتمثل هنا في محمد فاهدي، عندما يغادر فهو يحمل معه على الدوام الأذرع المسلحة التي تساعد حاليا إيران ولبنان واليمن وسوريا في قمع المتظاهرين".
وقال المعارضون الإيرانيون إن "الأمر لا يتعلق بأول محاولة للنظام الإيراني في موريتانيا، إنما الجديد هو إعلان ذلك علنا".
وحول مبرر الوجود الإيراني، قال المعارضون إن "في موريتانيا بنوكا يريد الملالي الإيرانيون التحايل من خلالها على العقوبات الدولية" وأن "لديها موانئ يمكن أن تعبر من خلالها بضائع محظورة التصدير إلى إيران".
وشدد المعارضون على "أهمية موريتانيا بالنسبة للنظام الإيراني والتي تكمن في أنها ملتقى طرق بين المغرب العربي وإفريقيا الفرانكوفونية".
وفي الختام قال المعارضون: "يجب أن نتوقع عاجلا اضطرابات وعدم استقرار في هذه المنطقة من العالم".
إن المخاوف اليوم هي أن يحول الجنرال موريتانيا إلى تابع لجمهورية الملالي، حيث لن يحصد الشعب الموريتاني المسكين من هذه العلاقة سوى المخاطر التي يمكنه مواجهتها كانتشار التشيع وأساليب جديدة غير معروفة من القمع.