“الفن الصخري” يؤكد وجود الانسان في موريتانيا من عصور ما قبل التاريخ
أصدر مركز دراسات النقوش والخطوط والكتابات بمكتبة الإسكندرية كتابًا باللغة الإنجليزية بعنوان “الفن الصخري الموريتاني: تسجيل جديد” Mauritanian Rock Art: A New Recording للباحث المصري الدكتور حمدي عباس عبد المنعم؛ الحاصل على الدكتوراه من جامعة لندن عن دراسته للفن الصخري الموريتاني.
ويكشف الكتاب لأول مرة أن الإنسان القديم عاش في موريتانيا في عصور ما قبل التاريخ، وكان له منجزات أبرزها الرسوم الصخرية التي تعكس مدى تفاعل الإنسان الموريتاني مع بيئته.
ويعد الكتاب، الذي يقع في 182 صفحة وينقسم إلى ستة فصول، بمثابة محاولة للاستفادة من أساليب وتقنيات جديدة لتسجيل الفن الصخري في شمال غرب إفريقيا؛ حيث يهدف إلى إظهار الفن الصخري محل الدراسة كمجموعات من أشكال مترابطة ذات صلات محتملة، وليس كأشكال مفردة أو منفصلة.
ويسعى الكاتب إلى لفت الانتباه إلى الفن الصخري الموريتاني الذي لقي اهتمامًا ضئيلاً بالمقارنة بالفن الصخري في أجزاء أخرى من منطقة الصحراء الكبرى، والقيام بتسجيل منهجي لمواقع جديدة للفن الصخري في موريتانيا مع الأخذ في الاعتبار عددًا من العناصر أو الجوانب التي أغفلها سابقًا العلماء والباحثون في هذا المجال، إضافة إلى إجراء تحليلين تفسيريين مختلفين من أجل الحصول على فهم أفضل للمتن المسجّل.
جاء الكتاب نتيجة لرحلات استكشافية قام بها المؤلف في صحراء موريتانيا، كما اتّبع فيه الكاتب المنهج العلمي في تطبيق أساليب وتقنيات جديدة لتسجيل الفن الصخري والكائنات المرسومة في شمال غرب إفريقيا؛ حيث وثّق وحلّل موقعين لم يسبق دراستهما من قبل من خلال دراسة وتحليل وتصوير كل نقش وشكل في دراسة وافية ومستفيضة، مع الأخذ في الاعتبار الدراسات المقارنة السابقة من حيث المنهج المتبع وطريقة التحليل والدراسة. فبالإضافة للأساليب والطرق الجديدة المستخدمة في تسجيل الفن الصخري، يأخذ الكاتب في الاعتبار عددًا من العناصر الجديدة التي تبدو مهملة في معظم الدراسات السابقة المتعلقة بالفن الصخري الموريتاني؛ وهي: وضع النقوش أو الرسوم في علاقة كل منهما بالآخر، ووضع السطح الصخري الذي يحوي النقوش أو الرسوم في حد ذاته، وشكل السطح الصخري، والتصدعات والشقوق والخصائص الطبيعية الأخرى للسطح الصخري.
وتكمن أهمية الكتاب في أن الصحراء الموريتانية تضم عددًا لا يستهان به من النقوش والرسوم والكتابات الصخرية التي تعكس الميول الفنية للسكان الذين قطنوا هذا القسم من الصحراء الكبرى عبر العصور المختلفة. وقد تحقق دراسة هذه التقاليد الفنية فهمًا أفضل لماضي موريتانيا بصفة خاصة والصحراء الكبرى بصفة عامة؛ إذ يعتبر الفن الصخري الموريتاني شاهدًا من الشواهد المهمة لبيئة كانت مأهولة بكثافة قديمًا وأصبحت الآن صحراء قاحلة، وأداة تمكن الباحثين من تصور جانب من طبائع الجماعات والشعوب التي قطنت موريتانيا وفهم الجوانب البيئية والثقافية التي كانت موجودة آنذاك.