على ولد الغزواني أن يعتذر لنا*
نستطيع الآن ، بعد ثلاث سنوات عجاف من الانتظار و التفاؤل و تصديق الأوهام ، أن نقول إننا قد خُدعنا و انخدعنا و خابت كل آمالنا ، مع رئيس لم نطرح عليه شروطا و لم نلزمه بغير تنفيذ بعض ما ألزم به نفسه ..
كل ما انتظرناه من الرئيس غزواني بعد عشر سنين من النهب المنظم (حال طمع ولد عبد العزيز بمأمورية ثالثة دون تحويلها إلى أرض محروقة ) ، هو كان إيقاف نزيف النهب و إبعاد بارونات الفساد و اعتماد برنامج إصلاح جاد و صادق ..
محاسبة عزيز و عصابة حرابته لم تكن من برنامج غزواني و لا من التزاماته ، حيث كنا نعتبرها مسألة قضاء و حقوق من غير اختصاص النظام السياسي و لا من ثانويات اهتمامه..
– لم يفتنا مما أشرنا إليه في أكثر من موقع (على استحياء أشد من البوح)، أن برنامج ولد غزواني لم ترد فيه كلمة فساد ، في بلد يعتبر اليوم من أفسد و أفشل بلدان العالم ، لكننا كنا نعتقد أنها مجرد عقدة سيتم تجاوزها مع الوقت ، بما يمكن من تغافلنا و ما يمكن من شعورهم بالذنب ..
بعد ثلاث سنوات من البحث عن كل مبررات منصفة للنظام .. عن كل تفسيرات إيجابية لما يصدر عنه من قرارات غريبة .. عن معنى آخر لما يحدث أمام أعيننا من فساد معلن ، تجاوز كل الحدود في تنوعه و تبجح أصحابه ، كان لا بد أن نُشعر غزواني بخطورة ما أصبح حديث الجميع ، لكن تعرض ببغاوات الأنظمة هو أكبر وبال عليها و أكثر ما يسيىء إلى سمعتها ..
الببغاوات هالة هستيرية انتهازية تصاحب الأنظمة الضعيفة ، تؤجج غضب الناس عليها في زمنها و لأنها تنتقل إلى كل نظام جديد ، لا تجد ما تتقرب إليه به أفضل من التفنن في عرض فضائح سابقه بأعلى درجات التملص و الشماتة..
تَعرُّض الببغاوات و البغايا يحول احترام الناس للحكام إلى بغض و التعاطي معهم إلى إرهاب فكري بسبب سلاطة ألسنهم و سذاجة منطقهم و تظاهر الضعفاء بأهمية تفاهاتهم..
– من الطبيعي يا ولد الغزواني أن يكون كل منا يبحث عن كل شيء من وطنه و يتمنى الحصول على كل شيء منه ، لكن من يحاولون إقناعك أن ولد بلعمش مغاضب بسبب عدم حصوله على نصيب يرضيه ، يفسرون الأشياء بما في أنفسهم لا بما فيها . و من يقولون لك إن ولد بلعمش تحركه أياد خفية أو مرئية ، من الطبيعي أن يقيسوا كل الناس على ما في قلوبهم مما لا يمكن أن يفهموا غيره ..
و حتى لو كانت تمولني كل دول الخليج بأمر من أمريكا و تحركني الموساد بمسدس في رأسي ، ما علاقة هذا بصدق أو كذب ما أقوله؟
على من يعتبرون أنفسهم في دولة ولد الغزواني أو أي رئيس أتى قبله أو سيأتي بعده ، أن يفهموا أن هناك من لا يعتبرون أي رئيس أكثر من أجير مؤتمن ، إن أدى الأمانة أحسن إلى نفسه و إن خانها أساء إليها..
كل من يخرج عن هذا الفهم اليوم ، يسبح عكس التيار و كل من يسبح عكس التيار ستعيده الموجة حتما ، حيا أو ميتا ، إلى شاطئ مهربه ..
لا أحتاج إلى من يؤكد لي أن ولد الغزواني يدرك كل هذه الحقائق و يدرك أكثر أن الببغاوات المحيطة به الآن ستكون يوما (كما فعلوا مع الجميع قبله) ، أسوأ ألف مرة من كل من انتقدوه و عارضوه و تمنوا أن يكون أعدل و أنصف و أبعد من كل الشبهات ، من أجل مصلحته الخاصة قبل مصلحة الوطن و قبل مصالحنا جميعا..
# و ما زال كل شيء ممكنا يا ولد الغزواني و ما زال واجبنا الديني و الوطني و الأخلاقي ، أن نذكرك بها : أبعد عنك المفسدين و الببغاوات لتتنفس الصعداء و تذكر حقوق اليتامى و المرضى و الأرامل و الجوعى و المحرومين و تذكر يا ولد الغزواني أن الله يمهل و لا يهمل ..
تذكر يا غزواني بساطة شعبك و طيبوبته و حلمه و تسامحه ؛ أبعد الأشرار عنك و ارض ربك و قل “ليكن ما يكون” ..
نحن اليوم نعيش حالة خوف حقيقي من انهيار ما تبقى من جثة البلد على رؤوسنا ..
النظام اليوم مخترق من قبل ولد عبد العزيز .. مخترق من قبل الإخوان .. مخترق من قبل المعارضة .. مخترق من قبل افلام .. مخترق من قبل إيرا .. مخترق من قبل شركات الأمن الأجنبية الأخطر و أقدم من فاغنير ..
مخترق من قبل المخابرات المغربية و الجزائرية و السنغالية و مختلف أجنحة البوليساريو و القاعدة في المغرب الإسلامي و الحركات السياسية و الإرهابية الأزوادية ..
و لا يمكن لأي أمن يا ولد الغزواني ، مهما كانت وسائله و خبراته و مهاراته أن يحمي أي نظام مخترق سياسيا ..
و لا يمكن يا ولد الغزواني لأي أمن أن يساهم في تحسين صورة نفسه و لا صورة نظام لا يولي أي أهمية للإعلام ..
نحن الآن يحكمنا نظام متخلف عن اللحظة بعدة عقود في تعامله مع الإعلام و فهمه لدوره و تقدير خطورته..
الإعلام العربي يسيطر عليه الإخوان و الفرنسي تسيطر عليه السفارات الغربية و التواصل الاجتماعي يسيطر عليه ولد عبد العزيز فيما يسيطر النظام على نسخة سبعينيات القرن الماضي من الإعلام المخجل.
على ولد الغزواني أن يتفهم أسباب خوفنا ..
عليه أن يمنح نفسه دقيقة تأمل ليتذكر أن هذا بلدنا و أننا لا يمكن أن نجلس مكتوفي اليدين حين نراه يتخبط في الأخطاء .. حين نراه ينهار فوق رؤوسنا .. حين يتحول أمام أعيننا إلى ماخور تديره البغايا و مكسرو الأيادي و ببغاوات الدجل و الشعوذة و خشب التزلف و النفاق المُسنَدة في ممرات كل مسؤول مهزوز الشخصية ، وصل القمة بذات الوسائل..
على ولد الغزواني أن يعتذر لنا و لو في نفسه (مع مقتضاها على الأرض)، عن ثلاث سنوات من جرنا إلى هاوية بلا قاع ، لن تخرجها بلادنا ، إذا لم نتداركها اليوم قبل فوات الأوان ..
* / سيدي علي بلعمش