ليبيا بعد القذافي….سؤال وجواب
بعد ستة أشهر من بدء الانتفاضة الشعبية في ليبيا نجحت قوات المعارضة المسلحة في اقتحام العاصمة طرابلس، ورغم أن القتال لا يزال يدور في بعض المواقع إلا أنه بات واضحا أن حكم القذافي في طريقه إلى النهاية بعد 42 سنة في السلطة. فماذا حدث وإلى أين تمضي ليبيا الآن؟
لماذا تصر المعارضة على الإطاحة بالعقيد القذافي؟
لقد حكم القذافي ليبيا بالحديد والنار منذ استيلائه على السلطة في انقلاب وقع عام 1969. وأرغم التلاميذ في المدارس على استذكار نظرياته السياسية كما أوردها في الكتاب الأخضر. وألغى القذافي الأحزاب السياسية وألقى معارضيه في السجون حيث كان مصيرهم التعذيب أو في كثير من الاحيان.
وبعد الإطاحة برئيسي تونس مصر المجاورتين لليبيا تحرك بعض الليبيين في مظاهرات للمطالبة بالتغيير. ولكن نظام القذافي استخدم القوة المفرطة ضد المتظاهرين في طرابلس ثم بني غازي التي استولى عليها الثوار في الأيام الأولى للانتفاضة الليبية.
لماذا تدخلت دول أخرى؟
وعلى مدى عقود طويلة ظل القذافي يناصب الدول المجاورة له والدول الغربية العداء، ولكنه عكف على تأييد عديد من القادة الأفارقة بالمال والسلاح. وطلبت الجامعة العربية من الأمم المتحدة التدخل لحماية المدنيين في بني غازي. وفي مارس آذار الماضي أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يفوض حلف شمال الأطلسي باتخاذ “كافة الاجراءات اللازمة” باستثناء إرسال قوات أرضية لفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا وحماية المدنيين الليبيينن، ثم بدأت قوات الحلف في قصف الأهداف العسكرية الليبية بما يضمن شل حركة السلاح الجوي الليبي كي لا يستخدم في ضرب المدنيين وكذلك إضعاف القدرة العسكرية الليبية لتمكين المعارضة من التقدم لإسقاط القذافي.
هل كانت قوات الناتو إذن موالية للمعارضة الليبية؟
دأب مسؤولو حلف الناتو على أن ينفوا بشدة أن تكون طائراتهم تمثل “قوة طيران المعارضة” أو حتى أن يكون هناك أي اتصال مباشر بين قادة الحلف وقادة المعارضة.
ومع ذلك فقد لاحظ الصحفيون المتابعون لتحركات قوات المعارضة أن قوات القذافي التي كانت تعترض طريق الثوار كثيرا ما كان مصيرها القصف من طائرات حلف الناتو، مما يسهل تقدم الثوار خطوة خطوة نحو المدن الساحلية باتجاه الغرب.
أما على الصعيد السياسي فقد أعرب عديد من قادة الدول الغربية والعربية عن رغبتهم الصريحة في رحيل القذافي عن سدة الحكم في ليبيا.
لماذا استغرق الأمر كل هذا الوقت؟
استغرق الأمر خمسة أشهر منذ بداية القصف الجوي وحتى دخول الثوار إلى طرابلس. لقد كان للقذافي جيش حقيقي مزود بالأسلحة الثقيلة ، بينما كان الثوار مجرد حفنات من المدنيين الذين نجحوا في الاستيلاء على بعض الأسلحة الخفيفة. لذلك فإن حملة القصف الجوي التي نفذها الناتو استغرقت وقتا طويلا للقضاء على التفوق العسكري الواضح الذي كان يتمتع به الجيش النظامي الليبي، كما أن تنظيم الثوار وإدراجهم في عداد قوة قتالية حقيقية استغرق كثيرا من الوقت.
ماهي الخطوة القادمة؟
الخطوة الأولى لابد وأن تكون هي العثور على العقيد القذافي الذي اتهمته المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بسبب الفظائع التي ارتكبتها قواته ضد المدنيين في الأيام الأولى للانتفاضة. وإذا لم يتم العثور عليه، فإن هناك احتمالا أن يعمد أنصاره إلى شن حرب عصابات لزعزعة نظام حكم الثوار.
كذلك فإن المجلس الوطني الانتقالي الذي من الواضح أنه سيتولى السلطة في ليبيا خلال الفترة القادمة يضم في تركيبته عرقيات متباينة أشد التباين، ومن بينهم أنصار سابقون لمعمر القذافي وممثلون عن البربر والجماعات الإسلامية. وهناك مخاوف من أنه مع غياب العنصر الموحد لهذه الجماعات وهو الحرب ضد القذافي فإنهم قد يبدأون الجدل الداخلي فيما بينهم. وحتى إذا نجحوا في التوحد وتشكيل حكومة مستقرة فإن أمامهم مهام جسيمة تتمثل في تحسين حياة المواطن الليبي العادي وتفادي أخطار ما بعد الثورة التي وقعت في كل من تونس ومصر.