مقالات

رسالة إلى طرابلس / أ. معمر ولد محمد سالم

عزيزتي طرابلس أكتب إليك هذه الرسالة وقلبي يقطر دما، كان بودي أن أرفق الرسالة بإكليل من الزهور، غير أن الزهور في فقه الصليبيين توضع على جنبات الأجداث، وأنا أتمنى لك عمرا مديدا.

طرابلس أيتها الثكلى،أي خطب؟ بل أي بلوى ألمت بك من بعدي؟

إني أرى فيك دما وغما ودمارا ودخانا ونحيب ثكالى، إني أرى على خديك سوادا كمومس أرهقها طول السرى، وما كنت بغيا….. يقولون إن الفرنجة والروم وأبا رغال وابن العلقمي والأمير البدن وزنادقة كانوا يسامرون مقاهي باريس ولندن و واشنطن قد كادوا لك كيدا عظيما.

أحقا قطعوا ضفائرك؟ أحقا قطعوا نخلك الباسقات؟ أحقا كسروا سيفك البتار؟ هكذا يقولون في” نقيق الضفادع” نقيق الضفادع هو بوق السوء الذي سخره الأمير البدن للإيقاع بك.

لأن الضفادع وحدها تبيض ربع مليون بيضة في الفصل الواحد،غير أن بيضة واحدة فقط هي التي يكتب لها أن تنفخ فيها الروح، و كذلك بوق السوء الذي يتلو كل يوم ربع مليون من قبيح القول والزور…

يقولون إنهم حرروك، وإن الذي حررك هو من أخرج القواعد الأمريكية والبريطانية يوم الفتح العظيم، لا من يعيدونهم بزي مدني.

يقولون إن إنهم حرروا قاعدة “امعيتيقة”، والحق أن الذي حرر “امعيتيقة” هو من أنصفها أول مرة، بعد أن أحالت طائرة إيطالية جسمها الهزيل إلى رماد ولم يحصل أهلها على مجرد اعتذار لا من الطليان ولا من حكومة الاستقلال التي يرفرف الثيران علمها.

يقولون يا حبيبتي إنهم حرروا ميدان الشهداء، وهل حررته إلا ثورة الفاتح من سبتمبر، بعد أن لم يكن لليبيين أن تطأ أقدامهم عتبات المدينة القديمة، التي كان دخولها حصريا للطليان وآل السنوسي من دون العالمين.

ورأيت يا حبيبتي بأم عيني كيف رفع أحد المارينز العرب علم قطر على باب العزيزية بنفس النشوة التي رفع بها أحد الجنود الأمريكيين العلم الأمريكي فوق تمثال الشهيد صدام حسين، ورأيت كيف استعصى عليهم تمثال الزعيم تماما كما استعصى تمثال الشهيد.

لأن أسروك يا حبيبتي فقد أسروا قبلك بغداد، لكنها لا تزال تزلزل الأرض من تحت أقدامهم، وكذلك أنت اليوم تفعلين.

أنت يا حبيبتي كبغداد لا تعرفين حالة وسطى بين الشموخ والتردي، فإما أن تكوني في الذرى أو أن تكوني تحت أقدام الغزاة.

إن الذي بيني وبينك يا حبيبتي يتجاوز شعور أي عربي يتفرج على بلد عربي تنال منه حراب الغزاة باسم الثورة والحرية، إنما يتعدى ذلك إلى حد التماهي والحلول.

طرابلس أيتها الثكلى، هل تفكرين يوم التقينا ؟ يوم احتضنتي بحرارة دم الثوريين، لا الثيران ذوي القرنينن.

هل تفكرين يوم ودعتني والدمع على خديك ينهمر؟

مواضيع مشابهة

تعليق

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button