تذكر من أنت يا بيرام ؟ *
يوما بعد يوم يزداد بيرام ، لا أقول تطرفا بل تعنتا و حدة ، لأن بيرام ليس عنصريا و لا يؤمن بغير المصالح و لا يعبد غير النقود ، لكنه ممثل بارع ، عرف كيف يستغل ضعف الأنظمة الموريتانية و كيف يستغل قوة المنظمات الصهيونية.
حديث بيرام عن “عَرْبُ” يجعله في مؤخرة من يحق لهم الحديث عن الانعتاق و الكرامة الإنسانية،
و استغلاله لقضية من يدعي الدفاع عنهم لمصالحه الخاصة و بشهادة كل من انفصلوا عن تنظيمه الإجرامي، بعد إدراك حقيقته ، يكشف براعته في تقمص دور الضحية و إجرامه في حق من يتاجر بكذبة اضطهادهم من قبل سندهم الأول و عمقهم الاستراتيجي الأوحد.
بيرام عنصر فتنة صنعه عزيز لإرباك المجتمع و هو جزء من إرثه الإجرامي الذي يجب أن أن يكون أول ما يُساءل عنه و معاقبتهما معا على خلفيته.
أما تهديد بيرام للبيظان و وعيده الضمني و الصريح ، بالانتقام منهم فيجعله في صدام مع التاريخ و ينم عن جهله بأسرار القوة .
ما كان ينبغي لقصة بيرام السخيفة أن تكون قضية دولة ، بل كان ينبغي أن تحلها أقرب مفوضية شرطة يتحدث في حوزتها الإدارية عن احتقاره للنظام و استهتاره بالسلم المجتمعي..
مضحك حد الشفقة ، هو حديث الغبي ولد اعبيد عن مشروع وصوله إلى كرسي الرئاسة و هو ما يحتاج ألف عام من الترنح و الصراخ و التآمر و العمالة ليكون التفكير فيه مجرد ضرب من الجنون.
مشكلة بيرام هي اعتقاده بأن موريتانيا بلا رب يحميها .. مشكلته أنه يحرم نفسه من الاطلاع على الحقيقة ليتمتع بأحلام يقظته الهستيرية.
أما مشكلتنا نحن فهي أننا نواجه من لا يملك ما يخسره و لا يحرجه سخافة ما يقوله..
– لو سأل بيرام يوما نفسه من هو و من أين يأتي و من صنعه و من يملك شفرة تفكيك حقيقته،
– لو تذكر بيرام أيام ترنحه بين بيادق upr في رحلة تسكعه على أرصفة الارتزاق ،
– لو راجع بيرام سجله الارتزاقي الأسود و شهادات من عايشوه عن قرب ،
لأدرك أن إحراقه أسهل من إحراق منديل ورقي ،
لفهم أن رجال المواقف التاريخية يحتاجون صبرا لا يمتلك نفسه و قناعة ليس من طينة أهلها و إصرارا لا يمتلك عزيمته و ثباتا لا يمتلك إرادته ..
الرهان على ضعف الأنظمة الموريتانية قوة مؤقته يا ولد اعبيد .. قوة مخادعة .. قوة كاذبة ، يظل من يعتمد عليها على موعد حتمي مع الخذلان ، من الواضح أنك لم تجد من ينصحك أن لا تجرب أهوالها ..
“زلزال” بيرام في كيفه (كما أطلق على مهرجانه) ، كان زلزالا بالفعل بسبب أخطاء النظام و غياب الإدارة و التسامح الزائد للأمن و فشل السياسة و احتلال صغار الشأن من أمثالك ، لواجهة المشهد ..
و سخافة تلويح ولد اعبيد بشعاره (الأسد) ، خانه الحظ في توظيف دلالاته :
“ضعاف الأسد (يا بيرام) أكثرها زئيرا
وأصرمها اللواتي لا تزير”
تعلم طباع الأسود قبل لبس جلودها ، فأصرَمُها يا ولد اعبيد “التي لا تزير” ؛ لعلك تخلط بين الأسود و الكلاب التي تمارس غريزتها (الهجوم الدفاعي) من خلال نباحها ..
– على بيرام أن يكون مسؤولا ليستحق احترامنا ..
– على بيرام أن يفهم أنه لا يستطيع أن يهدد أي بعوضة مكسورة الجناح في هذا البلد ..
– على بيرام أن يفهم أن أكبر خطأ يرتكبه هذا النظام الذي يتهجم عليه اليوم ، هو السماح له بالترشح لمراتب الصفوة ( ضمن كثيرين غيره طبعا)..
– على بيرام أن يتذكر أننا كنا ننتقد الأنظمة الموريتانية في زمن أصعب .. كنا نواجه التعذيب في زمن أصعب .. كنا نناطح المستحيل في زمن أصعب .. كنا ندافع عن كرامة الإنسان و حرية التعبير و المساواة و العدالة الاجتماعية ، في زمن أصعب ، بشجاعة أكبر ، أمام أنظمة أبشع ، بإرادة أصدق ، أيام كان هو يمارس السمسرة السياسية في أروقة upr الذي يصفه اليوم بالهياكل كأنه لم يكن اكثرهم هيكلة !؟
التاريخ لا يرحم يا ولد اعبيد و سحب البساط من تحت النخب الموريتانية و سرقة نضالها الأسطوري ، يحتاج عقلا أكبر من عقلك العامر بالجهل و تاريخا أنظف من تاريخك المُرقَّع بالفضائح ..
تذكر من أنت يا بيرام ..
تذكر أن من تصفهم بتندر و سخرية لا تُخفي عقدتك بٓ”أولاد لخيام لكبارات” ، هم من شيدوا هذا البلد بعبقرية (تحتاج إلى دروس في التاريخ لفهم صعوبتها) .. هم من حموا حماها بتضحيات لا يصدق أمثالك ممن تعودوا الحياة السهلة ، أسطوريتها .. و هم الباقون ، الباقون ، الباقون ما بقيت في الوجود بقية يا بيرام ، شاء من شاء و كره من كره ..
على من يريد أن نراضيه بتسفيه علمائنا و تتفيه مجاهدينا و السخرية من تاريخنا و الاعتراف بشيطنة أمجادنا (كما أصبح يفعل الكثير من الجبناء ، مع الأسف) ، أن يفهم أن ما نخفيه من اعتزازنا و غرورنا بهذا المجد ، لم يكن إلا لخوفنا من أن لا تتسع له الأرض كلها ..
كل الأمم تعيش الانتكاسات و تتعايش مع التراجعات و تذعن حتى لمنطق التقلبات ، لكن الأمم العالمة لا تموت و كل الانكسارات التي تعترض طريقها تزيدها قوة و صلابة و رسوخا في المجد و قدرة على البقاء .
و حين تحرق أعظم مدونة في تاريخ البشرية (مدونة الفقه المالكي) لأنها تحتوي على “الحر بالحر و العبد بالعبد” ، فمشكلتك مع الله و مع مليار مسلم ، لا مع البيظان ، يا ولد اعبيد ، يا سلمان رشدي زمانه .
و كأنه يخطب أمام عباقرة الهايد بارك أو أمام أساتذة أعرق الجامعات ، يلتفت بيرام مزهوا ، يمينا و يسارا ، تتخطفه النيرفانا في نهاية النيسب ، ناسيا من يكون و أين كان !؟
ليتك تفهم كم تستحق سخافتك من الشفقة.
ما أنت إلا فقاعة يا برام ، أكثر ما تخشاه “الزلازل” و أكثر ما يهددها ما بها من هواء و فراغ..
فاركب أعتى حميرك و البس أغلط جلود الأسود و انظر صورتك في المرآة يا بيرام ، لتفهم أنك لن تكون بيننا – مهما ترنحت بنا الأقدار – غير أسد من أرخص ورق المراحيض .
/ سيدي علي بلعمش *