تصريحات وزير خارجية فرنسا التى أغضبت المسلمين
أنباء انفو- غضب على نطاق واسع فى العالم الإسلامي من تصريحات جديدة أدلى بها وزير الداخلية الفرنسي، جِيرالد دارمانان ، هاجم فيها الإسلام وتطاول عليه واصفا إياه بأنه “إرهاب يهدد فرنسا وأوروبا”.
ردا على تلك التصريحات أصدرت لعض الهيئات فى العالم الإسلامي بيانات منددة وجاء فى بيان من هيئة علماء المسلمين، أن “هذه النبرة الاستفزازية ليست بالأمر الجديد على وزير الداخلية الفرنسي، ولا على المسؤولين في الحكومة الحالية، وهي نبرة تتبنَّى منهج التجريم بالهُويَّة الجماعية، خلافاً لما تقتضيه جميع الشرائع السماوية والقوانين المرعية، فتتعمَّدُ التعميم في الأحكام الجائرة، وتتقَصَّدُ الإساءة إلى دين الإسلام، في مسعًى خائب إلى محاصرة الحضور الإسلامي المتعاظم اجتماعيا وثقافيا في فرنسا، وفي غيرها من الدول الغربية”.
وأشار البيان، إلى أن “الجديد في هذه التصريحات الأخيرة هو تقصُّد استهداف أهل السنَّة تحديداً بالتشويه والتشهير، وهم عامة الأمة ومن سطروا تاريخ الإسلام ونشروا حضارته، وهم السَّوادُ الأعظمُ من المسلمين، والعُمْقُ البشري والتاريخي لدين الإسلام”.
ولفت البيان إلى أن “وزير الداخلية الفرنسي بهذه التصريحات العدوانية المستفِزَّة، التي تربط اسم الإسلام وجمهور المسلمين بالإرهاب، إنما يعبِّر عن نفسيته المتعصِّبة المعقَّدة، وضيقِ أُفُقه السياسي، وخلفيته الاجتماعية القاتمة، وعُقْدةِ إثبات الذات لديه، وهي العُقْدة التي تدفعه إلى ادِّعاء الأصالة الثقافية الفرنسية، والنَّقاء العِرْقي الفرنسي، وهو المتحدِّر من أسرة مختلطة الأعراق (من أجدادٍ أرْمنييِّن، ويهودٍ مالْطيِّين، وعساكر بجيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر)”.
واعتبر البيان أن تصريحات الوزير الفرنسي “تكشف عن منهج التَّطْفيف المتأصِّل في ثقافة طائفة من النُّخَب السياسية الفرنسية، التي تزْعُم الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان، ثم تُعامِل المسلمين بجوْرٍ واستعلاءٍ، وتنتهك حقوقهم الإنسانية، وتستهزئ بمشاعرهم الدينية، وتسعى لمحاصرتهم وحشْرهم في الزاوية”.
ونبّه البيان إلى أن “السعي إلى عزل المسلمين عن بقية المجتمع الفرنسي، ومعاملتهم بتطفيفٍ وازدواجيةٍ في المعايير، يرادُ منه بناء حواجز نفسية تمنع من التعارف الإنساني بينهم وبين غيرهم، وتَحُول دون التعرُّف على دين الإسلام، ووصول نوره إلى القلوب في أجواء من التعايش والطمأنينة والحوار الحضاري البنَّاء، وقد ظهر هذا التطفيف في نشاط الوزير الفرنسي من أول يوم، حين بدأ تولِّيه منصبه عام 2020 بزيارة أكبر المعابد اليهودية في باريس، والتصريح بأن (الهجوم على يهود فرنسا هو هجوم على الجمهورية)، لكنه لم يعامل المسلمين بإنصاف قطُّ، بل ناصبهم العداء، وتزعَّم عام 2021 التسويق لمشروع القانون سيِّء الصيت، الذي عُرف إعلاميا باسم (قانون الانفصالية الإسلامية)، وهو قانون فرنسي جائر، يتهم المسلمين الفرنسيين بالروح الانفصالية، ويقيِّد حريَّتهم في التعبير، والعبادة، والتعليم، واللباس، وفي حماية أطفالهم من الموبقات التي تستشري في الجسد الاجتماعي الفرنسي والأوروبي”.
وشدّد البيان على أن علماء المسلمين ومؤسساتهم الموقِّعة على هذا البيان “يرفضون رفضا قاطعا ربط وزير الداخلية الفرنسي (جيرالد دارمانان) بين الإرهاب والإسلام، أو بين الإرهاب وعموم المسلمين من أهل السنَّة والجماعة”.
ودعا العلماء المسلمين “النخب السياسية الفرنسية إلى التخلي، عن الغطرسة والاستعلاء الثقافي في التعامل مع المسلمين، وإلى احترام دين الإسلام وعقائده وقيَمه”، مؤكدين أن “الوجود الإسلامي في فرنسا وجودٌ شرعيٌّ وباقٍ، رغم أنف المستأْسِرين لمواريث الماضي الاستعماري، ومُثيري الفتن، ومُؤجِّجي صراع الأديان والحضارات”.
كما دعا البيان “المسلمين الفرنسيين والغربيين إلى الانخراط في العمل السياسي، وإسماع صوتهم، وتكثيف وجودهم في الفضاء العام، وتحدِّي المواقف المتحيِّزة، والتصريحات المستفِزَّة، إضافة إلى دعوة مسلمي العالم إلى الوقوف بصلابة في وجه التَّطفيف الفرنسي، والتصدِّي لحملات التشويه والتشهير الفرنسية، بالوسائل السِّلمية والقانونية كلها “.
وذكّر علماء المسلمين الوزير الفرنسي وغيره من قادة النخبة السياسية الفرنسية أن “الإسلام في فرنسا لم يعُدْ ظاهرة مهاجرة، أو ضيفا عابراً، بل هو عقيدة يدين بها اليوم عُشْر الفرنسيين، كما أنه ديانة عالمية يؤمن بها خُمْس البشرية، وليس أمام النُّخب السياسية الفرنسية سوى أحد خيارين: إما القبول بالإسلام جزءاً من ثقافة فرنسا وهُويَّتها، وبالمسلمين مكوِّناً من مكونات النسيج المجتمعي الفرنسي، واحترام مشاعر المسلمين عبر العالمن وإما الاستمرار في التضييق على الإسلام، والتمييز ضد المسلمين، واستفزاز الأمة الإسلامية بتصريحات فجَّة خرقاء، ثم تحمُّل مسؤولية ذلك ونتائجه، على الاقتصاد الفرنسي، وعلى مكانة فرنسا المنْحسِرة، وعلاقاتها المتوتِّرة بالعالم الإسلامي، والله من وراء القصد وهو الهادي سواء السبيل”، حسب البيان.
يشار إلى أن الموقعين على البيان هم: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام، دار الإفتاء الليبية، اتحاد العلماء والمدارس الإسلامية تركيا، مجلس الدعاة في لبنان، دار القرآن والحديث أمريكا، منتدى العلماء، رابطة علماء فلسطين، رابطة علماء أهل السنة، مجمع الخلفاء الراشدين، رابطة الأئمة والدعاة في السنغال، مركز تكوين العلماء بموريتانيا، هيئة علماء المسلمين في العراق، هيئة علماء المسلمين في لبنان، وقف بيت الدعوة والدعاة في لبنان، رابطة علماء المسلمين، رابطة أئمة وخطباء ودعاة العراق، الرابطة العالمية لفقهاء الأمة، هيئة علماء فلسطين، المجلس الإسلامي السوري، رابطة العلماء السوريين، هيئة أمة واحدة، رابطة علماء المغرب العربي، جمعية علماء ماليزيا، هيئة علماء اليمن، هيئة علماء ليبيا، رابطة علماء إرتريا، مجلس شورى علماء الحزب الإسلامي بماليزيا، جماعة عباد الرحمن السنغال.
ويوم الجمعة الماضي، هاجم وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، الإسلام، متهما إياه أن “إرهابي”، مضيفا أن “الإسلام السني أكبر تهديد لفرنسا وأوروبا”.
وقال دارمانان، إن “لإرهاب الإسلامي السني هو أبرز تهديد لفرنسا وأوروبا”، داعيا الولايات المتحدة إلى “تعاون مشترك من أجل مكافحة الإرهاب لا سيما قبل استضافة باريس أولمبياد 2024 الصيفي”، حسب تعبيره.
وأضاف “أتينا لنذكرهم أنه بالنسبة إلى الأوروبيين ولفرنسا، الخطر الأول هو الإرهاب الإسلامي السني، والتعاون لمكافحة الإرهاب بين أجهزة الاستخبارات هو ضروري للغاية”.
يذكر أنه في تشرين الأول/أكتوبر 2021، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى التوقيع على ما أسماه “ميثاق علماني”، زاعما في الوقت نفسه أن “الدين الإسلامي يعيش أزمة عالمية”.
وزعم ماكرون أن “الدين الإسلامي يعيش أزمة في جميع أنحاء العالم اليوم، وأن ذلك مرتبط بالخلافات مع الأصوليين”، مضيفا أنه “على فرنسا أن تكافح الانفصالية الإسلاموية، وتعزيز العلمانية وترسيخ مبادئ الجمهورية الفرنسية.