أيهما أخطر ؟ التزوير الجزئي في بعض مكاتب الانتخابات أم التزوير الكامل للوضع في بلادنا *
لا أشكك في عدم وجود تزوير معين في مكاتب محددة أو في دوائر محددة جرى بفعل أشخاص لايمثل تصرفهم إرادة رسمية للتزوير ؛ وقد أعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات إحالتهم للتحقيق وتصحيح ما اقترفوا من جريمة.
ولست هنا أدافع عن تلك اللجنة المستقلة التي جسدت شراكة الأحزاب جميعا موالاة ومعارضة ؛ فهم من شكلها معا واختار طواقهما القيادية ؛ وهم من لعنوها جميعا ؛ فقد ارتضوا الاحتكام إليها جميعا ثم انقلبوا عليها جميعا ؛ بما في ذلك حزب الإنصاف الذي أعلن تضرره من أداء اللجنة المستقلة للانتخابات في دوائر عديدة بالوطن.
ولا أكتب هذا المقال لبيان موضوعية الانتخابات كنتائج فقد بينت ذلك في مواد سياسية تفصيلية.
ولا أستغرب وجود هنات في الاستحقاقات الديمقراطية في دول العالم الثالث ؛ تلك الدول التي تعتبر الديمقراطية فيها تحت التجربة والتشكل ؛ ومنها بلادنا
مهما قيل عن تزوير انتخابات مايو 2023؛ فهي عكست بموضوعية الوضع السياسي الراهن في بلدنا وكانت نتائجها موضوعية تماما؛ وهامش التزوير المذكور لا يؤثر تأثيرا عميقا على تراتب الأحزاب وحصيلتها أو خروج أحزاب قديمة منها بخفي حنين.
فلو أعيدت الانتخابات وهي لن تعاد بكل تأكيد لخسرت المعارضة المزيد ؛ فخطابها قبل إعلان النتائج وقبل انتهاء الشوط الثاني في بعض الدوائر يكشف هشاشة المعارضة وعبثيتها
المعضلة الأكبر في التزوير هي تزوير الواقع السياسي الموريتاني بصناعة خطاب مزيف موجه للغرب وللداخل يناقض الحقيقة تماما.
فأحزاب المعارضة تعتمد سلاح الابتزاز دائما.
وعملاء الغرب انكشف ضعفهم وفشل تكتيكاتهم وخطابهم المقزز وادعاؤهم تعاظم شعبيتهم في الوقت الذي سحب الشعب الموريتاني من تحتهم بساط استغلاله .
فلابرامه الذي يصور نفسه مثل لوثر كينج ومانديلا وغاندي هو كذلك ؛ فالمنظمات الصهيونية التي منحته وساما وسوقته نعرفها جميعا ونعرف همزة الوصل بينها وبينه ؛ ولا موريتانيا مثل الهند أو جنوب إفريقيا ولا أوروبا وآمريكا حيث مورست العبودية والعنصرية بأبشع أشكالها ضد السود؛ ولابرامه قدم شيئا يذكر لصالح المهمشين في بلده غير التحريض على الكراهية والعنف وممارسة العنصرية ضد الشعب الموريتاني كله.
ويحاول تبرير رفض الموريتانيين لخطابه الوقح بادعاء أن مهرجاناته هي الاضخم وأنه هو الفايز في الانتخابات الرئاسية 2019 وأنه هو الرقم واحد في موريتانيا !
فأي تزوير أقبح من هذا؟
وغير بعيد تروج ثلة من الغوغاء نفس الطرح مساهمة في التزوير الشامل ؛ فتدعي أن الانتخابات لو أعيدت لتقدم برامه على القايد محمد ولد مكت ؛ وذلك تزوير وتزييف للمعلوم من قيمة رجال الوطن الأوفياء.
فلاوجه للمقارنة أو المقايسة بين الجبل والحفرة ولابين النور والظلام ولا بين المصداقية الجماهيرية وعكسها
القايد والنائب الموقر ولد مكت حاربه الرئيس السابق سياسيا في لبراكنه وصنع لذلك حفنة من المشاغبين السياسيين في لبراكنه وخارجها ؛ وانهزم عزيز وحلفه ؛ وكان البقاء للأصدق والأحب لدى لدى الجماهير ؛ واتحد حلف الصراع الذي هيمن سنوات على التأثير في صناعة القرار في عهد الرئيس ولد الغزواني ؛ ضد القايد ولد مكت ؛ ونسجوا المؤامرات ضده في كل دوائر النفوذ ؛وفجأة صدموا بالقرار الرئاسي الحكيم باختياره مظلة نجاة للنظام في وقت هو المناسب ؛ فاستعاد لحزب الإنصاف توازنه عبر جميع ولايات الوطن وكان رجل النظام الأكثر مصداقية لدى الموريتانيين جميعا ؛ فاستنفر وزراء ورجال سياسة في الإنصاف ضده ؛ واستعانوا ببرامه وكل من هو مستعد للعب الأدوار القذرة لكن سعيهم خاب ؛ وظلت مصداقية القايد ولد مكت أكبر من كل افتراء.
وكبرامه يرفض مسعود وولد مولود الاعتراف بإفلاسهما جماهيريا ؛ لأنهما كغيرهم من حلفهم المفلس نموج للدكتاورية الحزبية وللهزيمة ؛ فقد حكم موريتانيا رؤساء كثر في عهد رئاسة ولد مولود لحزبه وولد داداه ومسعود ؛ وظلوا هم رؤساء أحزاب الهزيمة والتفكك ؛ وينكرون عن أنفسهم ذلك الواقع السياسي البائس.
ويأتي تزوير برامه للواقع ببلدنا أشد تهافتا ؛ فلاوجه لقياس عهد الرئيس ولد الغزواني بعهد معاوية وعزيز ؛ وإن كان عهد معاوية شهد أول محطة من صناعة برامه.
كان معاوية يذكر رؤساء الأحزاب المعارضة بأسمائهم ويبخسهم واحدا واحدا ؛ (وذلك محفوظ على اليوتيوب) وكان عزيز يعرب عن احتقارهم واحدا واحدا ويسخر منهم ؛ واليوم هم شركاء للرئيس ولد الغزواني يستقبلهم كل حين ويتشاور معهم ويشركهم في كل عمل سياسي جامع؛ ومواد برامه التي تكيل المدح للرئيس غزواني متاحة على الميديا ومواد مسعود التي أعلن فيها انتظار ثمن مقابل تخليه عن المعارضة متاحة كذلك.
فعن أي احتقار للمعارضة يتحدثون؟
المشكلة حقا هي تزوير المعارضة (وبشمركتها) لصورة الوطن ؛ والمشكلة في دكتاتورية رؤساء الأحزاب والحركات العنصرية وليس رئيس الجمهورية هو المسؤول عن فشل نخب حزبية لم تفلح يوما إلا في صناعة الفشل والزبونية لسفارات الغرب
*المستشار عبد الله ولدبونا