الجزيرة : 5 أسئلة عن مستقبل ثروة موريتانيا الغازية
أنباء انفو- بفضل الاكتشافات النفطية الهائلة في أعماق شواطئها، وموقعها الإستراتيجي الرابط بين المغرب العربي وغرب أفريقيا، واستقرارها السياسي الحالي، ودورها في مكافحة “الإرهاب” بدول الساحل، تصاعدت مؤخرا الأهمية الإستراتيجية لموريتانيا.
وبذلك، تنافست القوى الدولية لاستقطابها ضمن مشاريعها الاقتصادية والأمنية، فاستثمرت الشركات الأوروبية والأميركية بقوة في غازها المتدفق، واكتسحت الصين ثروتها المعدنية والسمكية، وسط اهتمام روسي ملحوظ بعد زيارة وزير خارجيتها هذا العام لنواكشوط وتوقيعه اتفاقية عسكرية مع موريتانيا في 2021.
ومع التحول الذي تترقبه بعد تصدير أول شحنة من الغاز نهاية العام الجاري والتنافس الدولي المتزايد فيها، يشهد محيط موريتانيا اضطرابات أمنية وتحولات إستراتيجية، إذ استقرت قوات “فاغنر” الروسية في عدد من دول المنطقة، مع عدم استقرار سياسي في الساحل، وخطر متزايد للجماعات المسلحة المنتشرة في المنطقة وعلى الحدود المالية، ويضاف إلى هذا كله تحديات داخلية أمنية وديمقراطية.
-
ما إمكانات موريتانيا من الطاقة؟
تمتلك موريتانيا احتياطات ضخمة من الغاز المسال تقدر بـ110 تريليون قدم مكعب، ما يضعها في المرتبة الثالثة أفريقيّا بعد نيجيريا (207 تريليون قدم مكعب)، والجزائر (159 تريليون قدم مكعب). وتتفوق موريتانيا على مصر التي تملك مخزونا يُقدر بـ63 تريليون قدم مكعب، وليبيا بنحو 55 تريليون قدم مكعب.
وينفرد حقل “بيرالله” الموريتاني بالنصيب الأكبر من هذا الغاز، إذ يقارب احتياطياته 80 تريليون قدم مكعب. أما حقل “السلحفاة” فيبلغ احتياطيه 25 تريليون قدم مكعب، ومن المتوقع أن تصدّر منه أول شحنة نهاية العام الجاري.
وفي حديث للجزيرة نت، يقول الاقتصادي الدكتور عبد الله ولد أواه، إن موريتانيا ونظرا لقربها من أوروبا في وضع إستراتيجي لتصبح موردا رئيسيا للغاز الطبيعي، خاصة أن الدول تسعى إلى تنويع إمدادات الغاز لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي، مضيفا أن تصدير الغاز سيُظهر البلاد كلاعب جديد في أسواق الطاقة العالمية مع زيادة الطلب عليه.
-
ما حجم الاستثمارات الغربية في الغاز الموريتاني؟
لا تمتلك موريتانيا الأموال الكافية للاستثمار في استخراج غازها المكتشف حديثا مثلما فعلت بعض الدول العربية، لذلك تضطر للاعتماد على الاستثمارات الأجنبية والشركات متعددة الجنسيات.
وتنشط في موريتانيا حاليا عدة شركات أوروبية، أبرزها شركتا “بي بي” و”كوسموس”، حيث تعملان لاستغلال حقل “السلحفاة” المشترك بين موريتانيا والسنغال باستثمارات تقدّر بأكثر من 3 مليارات دولار. كما وقعت موريتانيا معهما مؤخرا اتفاقية لبدء الاستكشاف وتقاسم الإنتاج في حقل “بيرالله”.
وترتبط مع شركات أجنبية أخرى بعقود استكشاف وإنتاج للغاز في الحوض الساحلي الموريتاني، من بينها شركة “شل” بشراكة مع “قطر للطاقة”، وتعمل في مقطعي “سي10 وسي2” البحريّين. كما ترتبط أيضا كل من “كابريكورن” و”توتال” الفرنسية الأميركية بعقود استكشاف في هذه البلاد.
وإذا استمر التوجه الأوروبي نفسه في الأعوام المقبلة، حسب الدكتور ولد أواه، فسيلعب الغاز الموريتاني دورا إستراتيجيا في تعويض جزء من نظيره الروسي، وضمان أمن الطاقة الأوروبي، وهو ما سيزيد من أهمية موريتانيا الجيوسياسية بالنسبة إلى أوروبا والعالم، خصوصا إذا أضيف إلى ذلك مشاريع قطاع الهيدروجين المستهدفة من شركة “سي دبليو بي” العملاقة و”توتال إنيرجيز” وغيرها، وباستثمارات تُقدّر بنحو 60 مليار دولار.
-
بعد هذا الاهتمام، هل نشهد تحولات في السياسات الأمنية الغربية تجاه موريتانيا؟
رغم رفض موريتانيا سياسة الاستقطاب وتفضيل علاقة جيدة مع مختلف القوى الدولية، فإن علاقاتها مع حلف شمال الأطلسي “الناتو” شهدت في السنوات الأخيرة نقلة نوعية، ففي 2021 نظّم الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني أول زيارة من نوعها في تاريخ بلاده لمقر الحلف في بروكسل، وفي 2022 دُعيت موريتانيا للمشاركة في قمة الناتو بمدريد.
ويضاف إلى هذا الانفتاح غير المسبوق زيارات متبادلة بين قيادات عسكرية إسبانية وموريتانية مؤخرا تحت غطاء التعاون في مكافحة الهجرة و”الإرهاب”.
يرى كثير من المحللين أن هذا النشاط قد يقتصر على الشأن العسكري، ولكنهم لا يستبعدون علاقته بأزمة الغاز الأوروبية والتمدد الروسي في الغرب الأفريقي.
– الجزيرة نت