مقالات

“جميل”.. مقاصد العجز!/زينب بنت سيدي محمد

تعود “مهنيو” السياسة في موريتانيا، على إطلاق العنان لتصريحات جاهلة بحيثيات العمل الحكومي، قاصرة عن فهم توازنات الميزانية، منتهكة لأعراض الناس وأغراض الالتزام العمومي بصفة عامة.. فكل من “أبدعت” حنجرته علوا على أصوات باعة السمك والتمر المجفف؛ ظن أنه قادر على ممارسة السياسة، وإعطاء دروس في الأخلاق لمن هب ودب.. والتقدم للمشاركة في تناول قضايا الأمة!
كانت هذه “القناعات السخيفة”؛ ولا تزال منطلق العجز لدى جزء كبير من الطبقة السياسية، تسلل إلى المشهد السياسي دون “برنامج”؛ فغرس مخالبه ورام البقاء بأي ثمن.. مجربا الشتم والسب، غير عابه بالمنطق الذي يخاطب به الناس حيال طريقة صياغة أحلامهم وطموحاتهم، لتجسيد الرفاه الذي ينتظرون أساسا من رجل السياسة!

تعتبر فترة الشباب الوقود المرجعي لكل التزام سياسي، لقدرة الفرد على التجرد من جميع أساليب الضغط ووسائل التصعيد، التي قد تمارس عليه الجماعة من جهة، والدولة من جهة أخرى بوسائل ترغيبها وترهيبها.. إذ تعتبر الانطلاقة الحاسمة لكسب سباق الألف ميل؛ الضروري لاستتباب مصداقية ضرورية لتبني هموم ومشاكل الشعب، بعد النجاح في تحمل الأعباء الذاتية، نفسيا وماديا! وكل ما كانت الانطلاقة موغلة في الانبطاح؛ أحكمت ضبابية المستقبل/المشروع قبضتها على الرجل/الزعيم.. لقد أضفى ظهور البث التلفزيوني، على منطق الموريتاني العادي، معايير جديدة لتقييم شخصياته العمومية، مهرجة كانت، أو واعظة.. أو موغلة في السطحية. لكنه قل ما تعود على مشاهدة “قوة الشباب” تنوح بمجرد رفع السياط؛ فتطفق “باصقة” ما استقر في جوفها من أخبار “أخ” و “مشروع”.. متوسلة الصفح من الجلاد دون آمره.. مشهد مقرف شفقة على “قوة” شباب؛ ولد منبطحا على سرير انهزامي، ملتحفا التزلف، بعد أن ابتلع مصل الوشاية المدعم.. هكذا انطلق “جميل” الرعشة الموحشة!

أمام عشرات من الشباب الذين “دجنت” ماكنة “تواصل” الدعائية والمالية قال مناضل “حاسم” إن : “نتائج الحوار لم تكن سوى ضمانات لاستمرار النظام الحالي”، وكأن إرادة الشعب الموريتاني ـ الذي انتخب النظام ولفظ غيره ـ وتزكية نخبه السياسية التي شاركت في الحوار، أصبحت من قائمة “مشاكل موريتانيا” التي ينبغي أن يتبناها “تواصل”، تماما كما تبنى مناهضة الإحصاء الشامل للسكان، والقضاء على الأحياء العشوائية، ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة.. مهلا يا جميل؛ مشاكل موريتانيا، تكمن في عجزك، أنت و “تواصل” جماعتك عن مواكبة الانفتاح، والعمل السياسي في وضح النهار، والمشاركة الإيجابية في صناعة مستقبل الدولة الموريتانية!

وبنفس المنطق العكسي، الذي تعود اعتماده منذ سباق الذهاب والإياب من وإلى “بروكسيل”، أضاف : “نتائج الحوار، شجعتنا على عدم المشاركة فيه أصلا!”.. أي منطق هذا، أم هو مجرد ادعاء للنبوءة، وإلا فكيف تبرر عدم مشاركة “تواصل” في الحوار “لمعرفتها المسبقة لنتائجه!”، إنك إضافة إلى احتقارك البين للشباب الذين كنت تخاطب، تتطاول كذلك على النخب المشاركة في الحوار، بما فيها “رفاقك” من المعارضة، الذين شاركوا برفع سقف المطالب إلى قضايا جوهرية تسموا على مطالب “تواصل” في تعيين سفير، وترقية معلم مساعد إلى مرتبة أستاذ جامعي، والتغاضي عن مهرب يستورد الأدوية المنتهية الصلاحية…
كيف، يا “جميل” تريد أن نقتنع بجديتك في مقاطعة الحوار ورفض نتائجه، عندما “تعبئ التواصليين للاستعداد للمشاركة في الانتخابات” التي لم يحدد بعد تاريخها! أم أنك أحسست في لحظة “ظهور علنية” بضرورة “الكلام”، مستخدما بعد أن غاب المنطق أساليب القذف والتجريح، التي بالغت فيها وكأنك تريد أن تثبت “بالمنطق التواصلي” لغلامك أنك أنت الرئيس، وهو مجرد أحد نوابك الذين دخلوا في حرب ولاء مفتوحة لإيران تارة، وللخليج تارة أخرى!
دع عنك يا “جميل” الخوض في الدستور ومسؤولية الحكم، والتناوب، والإصلاح، والسياسة.. فهذه المفاهيم الراقية وما تحمل من قيم عالية تسموا على منطق “المحاصصة” و “الحرب الجهوية” التي تنعش نقاشات الهيئات القيادية “لتواصلك” العاجز عن مواكبة التحديات الكبرى: الديمقراطية، الحرية، العدالة الاجتماعية، الوطنية.. وتفرغ لمعاداة الإحصاء، ومحاربة اقتصاديات الجريمة، وكتابة “أخبار” الضفة بأبجدية لاتينية.. أو حتى “حسن الصوت” عل “الإخوة” يرددوا معك أناشيد “حماس” أوشك على الانطفاء.

إن الحصيلة المرجعية للحوار السياسي، الذي وفق بين تشنج “لادجي تراوري” وصمود “بيجل ولد هميت” وتحدي “مسعود ولد بلخير” وجمود “كوريرا” وانفتاح “محمد يحيى ولد حرمه”.. ملك لكل الموريتانيين الصادقين في حب وخدمة وطنهم، الواثقين في إرادة وقدرة رئيس الجمهورية على حماية مكتسباتهم التي تسموا على حساباتكم الضيقة و “مطالبكم” الوظيفية الخالية من كل طموح لموريتانيا.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button