هل يبكي الزعيم “مسعود” من خشية الله تعالى؟ / عزيز ولد الصوفي
للبكاء من خشية الله فضلا عظيما ، فقد ذكر الله تعالى بعض أنبيائه وأثنى عليهم ثم عقب بقوله عنهم: ( إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ) [مريم58].
وقال تعالى عن أهل الجنة : وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ . قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ . فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ . إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ [ الطور 25 – 28 ]
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال: ” لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ” .
وقالَ: ” سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظلُّهُ…”وفي آخره:” ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ” .
وقال ” عينان لا تمسهما النار ، عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله “.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين : قطرة من دموع خشية الله ، وقطرة دم تراق في سبيل الله ، وأما الأثران : فأثر في سبيل الله ، وأثر في فريضة من فرائض الله “.
وكان السلف يعرفون قيمة البكاء من خشية الله تعالى،فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول : ” لأن أدمع من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار ! ” .
وقال كعب الأحبار : لأن أبكى من خشية الله فتسيل دموعي على وجنتي أحب إلى من أن أتصدق بوزني ذهباً.
لقد دأب الزعيم السياسي البارز مسعود ولد بولخير على البكاء أثناء خطاباته التى يوجهها للجماهير المناصرة له، كان آخرها بكاءه أمس أمام ساكنة مدينة النعمة عاصمة ولاية الحوض الشرقي. بيد أن البعض يتساءل: هل بكاء الأخ مسعود من خشية الله تعالى؟، أم أنه بكاء على الحالة المزرية التى يعيشها السكان في مختلف مناطق الوطن، وخاصة في الحوضين، والمناطق المزارة من لدن الأخ مسعود وزملائه.
لا خلاف في أن ولد بولخير ذو شيبة في الإسلام، ورجل ينتسب إلى الزوايا والصالحين، وقد يبكيه تقوى الله تعالى وخشيته من الخالق جل شأنه، وعظم أمره.
كما أنه أيضا مناضل كرس معظم حياته للدفاع عن المستضعفين في الأرض من الأرقاء، والمحرومين، وقد يبكيه مرور واحد وخمسون سنة على استقلال بلاده، وهو يشاهد بأم عينيه هؤلاء يزدادون فقرا وبؤسا نتيجة لرفض الحكومات المتعاقبة على السلطة تلبية مطالبهم في توفير العيش الكريم، وأبسط مقومات الحياة.
إن الزعيم مسعود ولد بولخير لايمكن أن يبكي من فراغ، فهو في كامل قواه العقلية، ويأخذ قراراته السياسية عن وعي تام، ولذا فالذي يبكيه أمام العامة هو أمر حقيقي.
فقد يظن البعض أن بكاءه ربما يكون تعبيرا عن الندم على خطواته الأخيرة المتمثلة في المشاركة في “مهزلة الحوار” مع نظام ولد عبد العزيز، وكون نهاية مساره السياسي كانت الذهاب في التطبيل للأنظمة مقابل الحصول على مكاسب شخصية، في الوقت الذي يتألق فيه قادة من أبناء جلدته كبرام ولد اعبيدي، ولحبوس، وغيرهما ممن آمن بقضية العبودية، وتمسك بها، كما قد يرى البعض الآخر أن السبب الحقيقي وراء بكاء الأخ مسعود هو كونه استطاع سحب البريق من غريمه السياسي السيد: أحمد ولد داداه، وكسب ود الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
لكن إذا افترضنا جدلا أن الأخ مسعود ولد بولخير حقق ما يريد هو شخصيا، فهل تعتبر تلك مكاسب تستحق البكاء فرحا، أم أن البكاء كان نتيجة طبيعية على الماضي السياسي المجيد الذي ضيعه الأخ مسعود حين انحرف عن المسار السليم، وسار في ركب النظام واتباعه؟
أم أن دموع الأخ مسعود ولد بولخير –وهذا ما أرجو- كانت تذرف رهبة وخشية من الله عز وجل؟ الله أعلم.