أخبار

واقع موريتانيا السياسي بعيون ساستها

بعد مرور حوالي ثلاث سنوات علي وصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز للسلطة عن طريق استحقاق رئاسي مثير للجدل وما رافق تلك الفترة من تجاذبات في الساحة السياسية الموريتانية وتقلبات في مواقف الساسة افرز واقعا سياسيا معقدا اتسم بتباين مواقف اصحابه وذالك من خلال تشخيص كل طرف للحالة السياسية الراهنة انطلاقا من قناعته الفكرية أوالإديولوجية أو العقائدية او حتي العاطفية فكيف تنظر الاطراف السياسية لحكم ولد عبد العزيز؟ والي .أين تسير موريتانيا في ظل الأوضاع الراهنة ؟

واقع يطمئن

الاغلبية الداعمة للرئيس محمد ولد عبد العزيز تجمع علي تسيير ممنهج للدولة منذ وصوله للحكم حيث قطع اشواطا كبيرة في ارساء دولة القانون وتحقيق الشفافية ومحاربة الفساد ومكافحة الارهاب حيث لاوجه للمقارنة بين ماعليه الوضع في حكم ولد عبد العزيز من خبرات وتدريب وتوفر للوسائل وبين ماكان عليه الامر في السابق وهو مايؤكده النائب البرلماني عن الاغلبية الخليل ولد الطيب حيث يقول ان موريتانيا خطت خطوات جبارة في مكافحة الفساد في عهد النظام الحالي وهذا ما لايخفي علي احد بفضل صرامة الرئيس وسياساته الرشيدة هذا بالاضافة الي الانجاز التاريخي للنظام والمتمثل في قطع علاقاته مع الكيان الصهيوني نفس الموقف يتبناه رئيس الحزب الحاكم محمد محمود ولد محمد الامين الذي يؤكد ان محاربة الفقر ومكافحة الفساد خياران وهدفان استراتيجيان يتطلبان نفَسا طويلا، ويمكن القول إن أشواطا تربوية وعملية تم قطعها في مجال مكافحة الفساد في عهد الحكم الحالي أما مكافحة الفقر فهي نقطة الارتكاز في كل السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها الحكومة، والورشات عديدة في هذا المجال ومن الامثلة الحية علي ذلك فك العزلة عن آفطوط، إمداد آفطوط بشبكة مياه، توزيع القطع الأرضية وتأهيل الأحياء العشوائية، برامج مكافحة آثار الاسترقاق، برنامج التضامن 2011 وبرنامج “أمل 2012” …). نفس الموقف يذهب اليه النائب عن الاغلبية عبد الرحمن ولد الشين الذي تحدث عن انجازات هامة لولد عبد العزيز كعودة اللاجئين وتشييد الطرق والبرامج الاجتماعية التي تستهدف زيادة دخل الفئات الهشة

شعارات تبخرت

رغم شعارات محاربة الفساد وإقصاء الفاسدين، والانحياز إلى الطبقات الفقيرة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، فان الكثيرين في موريتانيا وخصوصا من المعارضين يرون أن تلك الشعارات مجرد وعود تبخرت مع مرور الوقت ولا مكان لها في الواقع. فقد ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية بأكثر من 20% خلال حكم ولد عبد العزيز ، وسجلت أسعار الوقود أكثر من عشرين زيادة في العامين المنصرمين، وازدادت طوابير العاطلين عن العمل، وعمت الاحتجاجات الاجتماعية أجزاء كبيرة من البلاد.

اذ يقول الأستاذ الجامعي حسن سوماري قيادي في حزب التكتل إن مظاهر الفساد في موريتانيا ازدادت بشكل كبير منذ وصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلي مقاليد السلطة في البلاد، حيث أصبحت ممتلكات الدولة تسير بشكل يجعل منها ممتلكات خاصة..

ويضيف سوماري إن خطاب الإصلاح ومحاربة الفساد الذي يرفع النظام شعارها هي من أجل التغطية علي ما يقوم به من فساد ينخر مفاصل الدولة اليوم. نفس الموقف يشاطره فيه رئيس حزب تواصل جميل منصور الذي يشير الي إن الكم الكبير من الشركات العمومية في البلاد يعاني من عجز مالي بسبب مظاهر الفساد المستشرية، وغياب التنافس في موانئ الدولة واحتكاره لجهات معينة.

وذلك واضح للعلن رغم محاولات الدولة حجب المعلومات المتعلقة بتسيير الميزانية وخاصة شقها المتعلق بالنفقات العمومية التي لم تستطع الرقابية البرلمانية الكشف عنها.

تدمير البلاد

رغم الصورة الوردية التي تقدمها الحكومة الموريتانية واغلبيتها فإن أحزاب المعارضة ترى الأمر معاكسا تماما، حيث اعتبر حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض أن نظام ولد عبد العزيز ركز خلال الفترة الماضية على “السمسرة والرشوة والنهب الرهيب الذي تجاوز نهب الممتلكات العامة إلى نهب ثروات البلد المتجددة وغير المتجددة، إلى درجة استئصالها وتدميرها”. وحسب بيان أصدره الحزب تقييما لأوضاع البلد، فإن الوضع تميّز سياسيا بالانسداد والانفراد بالسلطة، وأمنيا بخوض حرب بالوكالة خارج الحدود، واجتماعيا بالغبن والفساد. ويعتبر محمد المصطفى ولد بدر الدين نائب رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض أن أكبر إخفاقات نظام ولد عبد العزيز في مامضي من فترة حكمه ، هو فشله في تسيير البلاد بطريقة ديمقراطية، وكل الإخفاقات الأخرى هي فرع عن الأصل.

سياسة دعائية

ويشير النائب المعارض والمقرر العام لميزانية الدولة بالبرلمان الموريتاني السالك ولد سيدي محمود إلى أن سياسة النظام سارت في الفترة الماضية على خطى عرجاء خدمة لمصالح دوائر قريبة من رأس النظام، وبعيدا عن المصالح العامة. ويقول اثناء مداخلة له في البرلمان إن الدولة تفقد الآن البوصلة الهادية، فقد تخلت اقتصاديا عن نظام السوق وبقيت دون خيارات واضحة، مع العودة إلى أدلجة الاقتصاد والتركيز فيه على الأبعاد السياسية والدعائية، وهو ما يتمثل في إنشاء شركات جديدة للطيران والنقل والتأمين بعدما أفلست شركات مماثلة تابعة للدولة.

اتهامات بالشيخوخة

يتهم الحزب الحاكم في موريتانيا المعارضة ومن والاها بمغالطة الراي العام و الخرف السياسي الذي تصفه بالمرض العضال الذي ينخرها وضمها لبقايا أنظمة الفساد وسوء التسيير وإهدار الموارد الوطنية، وهي رغم ذلك تواصل الإصرار على رفض التناوب على مقاعدها منذ عشرين عاما، وتستمر بفجاجة في مصادرة أحلام الشباب، وتعطل تجديد الطبقة السياسية التي أثبتت العقود والعهود المتعاقبة، فشلها في تقديم مشروع مجتمعي مقنع، كفيل بنيل ثقة الشعب الموريتاني. وتتهم الاغلبية الرئاسية لمعارضة يتقديم العبر والوعظ و الدروس ل استجلاء العبر، وهي عاجزة عن أن تستجلي العبرة من الحالة الموريتانية المتميزة، حالة الاستحقاقات الديمقراطية الشفافة بشهادة العالم، رئاسية، وتشريعية، ومحلية؛ وحالة اتساع فضاء الصحافة والحريات العامة الفردية والجماعية؛ وحالة تسارع وتيرة النمو وتطور البني التحتية وتحسن نوعية ونطاق الخدمات العامة، والاعتناء المتزايد بالفئات الأقل حظا؛ حالة شعب حسم خياره الذاتي مسبقا، ولم يعد لديه وقت للاستماع للأصوات المرتبكة التي تريد نسف منجزاته والعودة به إلى نقطة الصفر.

موريتانيا في ازمة

. من وجهة نظر رئيس حزب حاتم صالح ولد حنن تعرف موريتانيا أزمة سياسية منذ انقلاب 2008 دون ان تظهر في الافق اي نية للاصلاح من نظام ولد عبد العزيز وبسبب تعنته فان الأزمة بدات تستفحل بسبب السياسات الارتجالية للنظام التي جعلت موريتانيا في مازق حقيقي اذا لم يتم الاسراع في اصلاح سياسي حقيقي مستعجل

,وعلي ارض الواقع توجد أزمة مؤسسية داخلية غير مسبوقة، دخلتها موريتانيا بعد انتهاء مأموريات البرلمان والمجالس البلدية، ووجود الحكومة في حالة عجز كامل عن تنظيم أي شكل من أشكال الانتخابات التي يمكن أن توصف بأنها قريبة من الشفافية وحسب ولد حننه دائما فان النظام اليوم مطالب بوضع خارطة طريق تعتمد الحوار الجاد بعيدا عن المزايدات معتبرا ان الحوار الذي اجري مؤخرا مجرد مسرحية هزيلة تناولت القضايا الهامشية ولم تتطرق للاختلالات القائمة في النظام بدوره النائب عن حزب التكتل يعقوب ولد امين يذهب الي ابعد من ذلك حين يعتبر ان نظام ولد عبد العزيز بدا ينفظ انفاسه الاخيرة بسبب فساده خاصة ان الشعب الموريتاني يتوق للتحرر كبقية الشعوب العربية الاخري وعلي الشعب ان يثور لتحرير موريتانيا من الطغمة العسكرية الجاثمة علي صدور المواطنين

نفس المواقف السابقة يتبناها الأستاذ ديدي ولد السالك الذي ينظر لواقع موريتانيا الراهن من منظور أدبيات العلوم السياسية وحسب تلك المعطيات فان الفشل جلي في فترة حكم ولد عبد العزيز من خلال عجز المؤسسات الحكومية عن تسديد مرتبات عمالها و “يعرف الجميع أن مؤسسات وطنية عديدة لم تصرف رواتب العاملين فيها” على حد قول ولد السالك.

و يضيف ان التعليم في البلاد يعيش وضعا مزريا ويعكس الطبقية الاجتماعية لموريتانيا حيث يدرس أبناء الاسر الميسورة في مدارس أجنبية فرنسية وتركية.. بينما يدرس الفقراء في المدارس العمومية الوطنية ذات الخدمات المتواضعة. وأكد أنه مالم تحل مشاكل المؤسسات التي تبني الفكر والعقل فسيظل الوضع مقلقا.

حب السلطة

بالنسبة لرئس الفريق البرلماني للأغلبية سيد أحمد ولد محمد أحمد فإن حب السلطة يعمي جميع السياسيين عن التفكير في مصلحة موريتانيا، فالمعارضة تسعي للحصول علي السلطة بأي ثمن وأيا كانت الوسائل، وذلك في الوقت الذي تحاول الأغلبية الحفاظ عليها، لذلك يعد البعد عن الواقعية هو السبب الحقيقي لكل مشاكل موريتانيا. ويعتبر سيد أحمد أن موريتانيا ليست في أزمة دستورية ولا مؤسسية، كما أن وضعيتها ليست كارثية أو خطيرة كما تحاول المعارضة ترويجها، معتبرا أن وضعيتها الاقتصادية متأثرة بالوضع الاقتصادي العالمي، وبتزايد سياسة التجاذبات السياسية ، بالإضافة للمظاهر الكونية كزيادة البطالة والتخلف وارتفاع الأسعار ، فموريتانيا جزء من هذا العالم لذلك تتأثر بما يحدث فيه .

اتهامات باثارة الفتنة

حسب زعماء المعارضة الموريتانية التي توصف بالمعتدلة فان زعماء منسقية المعارضة الرافضة لنتائج الحوار تسعي لتحريك البلاد نحو الفوضي التي لاتخدم مصلحة موريتانيا وفق مايؤكده رئيس حزب التحالف مسعود ولد بلخير الذي يصف المعارضة بالجبن بسبب الامتناع عن الحوار مع النظام

من جانبه، يؤكد بيجل ولد حميد، رئيس حزب “الوئام” المشارك في الحوار أن منسقية أحزاب المعارضة لا تسعى لمصلحة البلد ولا خدمة الشعب الموريتاني وإن همها الوحيد هو الوصول إلى السلطة بالقوة وان موريتانيا تسير في الاتجاه الصحيح.

.

أما عبدالسلام ولد حرمة، رئيس حزب “الصواب”، فهو فخور بما حققت أحزاب الحوار الأربعة خلال شهر ويومين من الحوار مع النظام ما لم تستطعه بقية أحزاب المعارضة خلال 30 سنة .

الحوار طوق النجاة

موريتانيا الي اين كان ذلك عنوان لندوة سياسية نظمها حزب عادل قبل ايام لتقييم الوضعية الساسية الراهنة التي تمر بها موريتانيا ولد أحمد الواقف رئيس حزب “عادل” قال علي هامش الندوة إن الوضع الذي تعيشه موريتانيا وما يكتنفه من أزمات في كافة المجالات يزيد العبء على عاتق الساسة ويجعل من الحوار الرزين ضرورة قصوى لحماية البلاد من انفجار قد يأتي إذا استمرت الأمور بالسير في منحاها الحالي. واشار رئيس الوزراء السابق الي ان أن تحديات عديدة تعرفها موريتانيا منها ماهو اقتصادي واجتماعي عززتها موجة جفاف هذا العام وفلتان أمني بلغ ذروته بتجرؤ الجماعات المسلحة على استهداف المواطنين ورموز السيادة داخل المدن، كلها أدلة على أن الوضع سيخرج عن السيطرة إذا لم يكثف الموريتنيون جهودهم لتدارك الموقف وذلك بالحوار فقط

خلاصـــة

ومن ماسبق فان وضعية موريتانيا الراهنة حسب اغلب الاطياف السياسية تنذر بمستقبل قاتم في ظل التجاذبات السياسية بين المعارضة والمولاة وفي ظل غياب حوار حقيقي بين مكونات الطيف الساسي وهو ما من شانه ان يفاقم الاوضاع في هذا البلد خاصة ان ازمة اقتصادية خانقة تنضاف الي الازمة السياسية سيعززها لامحالة فصل الصيف القادم علي الابواب الذي ربما يحمل في مضمونه موجة جفاف لم تشهدها موريتانيا منذ عقود وعليه فان من واجب الجميع استخلاص العبر والدروس من دول افريقيا جنوب الصحراء ليتسني لهذا الوطن ان يستشرف المستقبل الواعد من خلال رؤية واضحة وشفافة بعيدا عن غبار المعارك السياسية المحتدمة واوار نارها المتاججة فمن واجب الجميع ان يستدركوا رشدهم فبل فوات الاوان وان يضعوا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار فالوطن قبل الجميع وفوق كل التجاذبات والانانيات والواجب يقتضي من الجميع معارضة ومولاة ان يتاملوا الواقع وينطروا له نظرة متوازنة مجردة قدر الامكان من سلطات الولاءات الضيقة للاحزاب المختلة فبعد حوار الاغلبية واغلبية المعارضة وماتحقق من تفاهمات مهمة في نظر البعض وتافهة في نظر البعض الاخر فان موريتانيا اليوم ومن ماسبق اشبه ماتكون في ورطة حقيقية قد تهدد كيانها واخراجها من هذه الورطة لاياتي الا بمزيد من الحوار والتنازلات من كل الاطراف لحظتها ستعود موريتانيا الي بر الامان او هكذا نتمني

– العلم

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button