أخبار

ولد أمات، يتهم الجبهة بالتطرف ويقول : لا لبقاء العسكر.. ولا لعودة الرئيس المخلوع للسلطة

قدم عضو البرلمان الموريتاني ونائب رئيس حزب “تكتل” أكبر أحزاب المعارضة فى البلد، السيد محمد محمود ولد أمات شرحا مسهبا يتضمن موقف الحزب من مختلف القضايا السياسية المطروحة حاليا فى موريتانيا ، وحاول ، إعطاء تصوره الخاص المنبثق بالتأكيد عن المنظلقات النظرية لحزبه ، حين اعتبر خلال الحوار الذى أجرته معه صحيفة” الراية”القطرية فى عددها الصادر اليوم الجمعة 31-10-2008 ان ليس من مصلحة البلاد فى الوقت الراهن على الأقل القيام بأيام تشاورية ، مطالبا السياسيين فى البداية باجراء حوارات والإستماع إلى قراءات متأنية للمبادرات المطروحة . موقع “أنباء” ونظرا لأهمية الحوار يعيد نشره ودون أي تصرف.

صحيفة الراية نص الحوار:

انواكشوط -محمد عبد الرحمن

مع استمرار حالة الاستقطاب وتصلب المواقف بين مختلف الأطراف السياسية الموريتانية، كيف ترون مستقبل الأوضاع في موريتانيا؟

– مستقبل الأوضاع في موريتانيا مرهون بمدى دقة رؤية الأطراف السياسية الوطنية للأوضاع، ومدى حرصها على المصلحة العليا للوطن.

في ضوء المهلتين اللتين حددهما كل من مجلس السلم والأمن الإفريقي، والاتحاد الأوروبي للمجلس العسكري من أجل إعادة الرئيس السابق لممارسة مهامه الدستورية، دون أن تتم الاستجابة لذلك حتى الآن، هل تتوقعون نجاحا للأيام التشاورية المزمع تنظيمها في موريتانيا، خصوصا في ظل تعدد المبادرات المطروحة للخروج من الأزمة؟

– سؤالك من شقين: الشق الأول يتعلق بالاتحاد الإفريقي، والثاني يتعلق بالأيام التشاورية المزمع تنظيمها من طرف المجلس الأعلى للدولة.
فبالنسبة للشق الأول، دعني أقول والعهدة علي – إن كل من تحرك ضد ما جرى في موريتانيا 6-8-2008 لم يتحرك إلا انطلاقا من مصالحه الخاصة، وليس حرصا على مصلحة موريتانيا – وليس معنى هذا أن ما جرى يصب في المصلحة مائة في المائة – وسأعطيك مثالين أو ثلاثة: الاتحاد الإفريقي يتحرك ويندد ويصعد لسببين أحدهما معلن من طرفه، والثاني غير معلن، فالمعلن هو أن في إفريقيا حوالي 15 رئيساً جاؤوا عن طريق الانقلابات، ولهم الآن من الأخطاء والمشاكل وسوء التسيير والفساد ما يبرر عزلهم بانقلاب، ولديهم من الجنرالات من هم جاهزون للانقضاض عليهم، وفي قبول ما جرى في موريتانيا دعوة للجنرالات للانقضاض على رؤسائهم، وهذا ما لا يقبله الاتحاد، لأن نظمه ومصالح تلك البلاد لا تقبل بذلك، حسب الاتحاد. والسبب غير المعلن هو أن الاتحاد الإفريقي لن يقبل بما لا تقبله أوروبا وأمريكا، لأنه وكيلهم وعميلهم في المنطقة.
ولنا أن نتساءل: أين مصلحة موريتانيا من هذا كله؟!.. فالاتحاد الإفريقي لم يقيم ما جرى في موريتانيا انطلاقا من أوضاع موريتانيا ومصالح موريتانيا، وإنما قيم وتصرف انطلاقا مما ذكر.
أما أوروبا وأمريكا فتتحرك هي الأخرى انطلاقا من سببين: احدهما معلن والآخر غير معلن، فالمعلن هو أن الانقلابات تؤدي إلى تقويض الحريات، وتقاعس مستوى التنمية وتعريض الديمقراطية للخطر، ما يؤدي إلى إحباط ويأس لدى فئات عريضة من الشعوب، خاصة فئة الشباب، الشيء الذي يؤدي إلى تشجيع ظاهرة الهجرة السرية، والتطرف الذي يؤدي إلى الإرهاب، وأسألك من المتضرر الأول من الإرهاب؟، الجواب: إنه أمريكا، ومن المتضرر الأول من الهجرة غير الشرعية؟ الجواب: إنه أوروبا، أين مصلحة موريتانيا؟!.. إنهم قيموا ما جرى في موريتانيا انطلاقا من مصالحهم هم، وتحركوا من أجل تلك المصالح لا من أجل مصلحة موريتانيا. أما السبب الثاني غير المعلن فهو أنهم لا يريدون أن ينجح أي تغيير في إفريقيا ما لم يكن بفعلهم أو بمباركتهم، وفي موقفهم هذا تزكية لأصحاب حركة ال 6 أغسطس 2008.
الشق الثاني من السؤال متعلق بالتشاور: لا أعتقد انه من المصلحة العامة البدء في أيام تشاورية في هذا الظرف، وأمام هذه المواقف المتنافرة. فالأجدر بالفاعلين السياسيين أن يجروا حوارات فيما بينهم كي يقاربوا وجهات النظر، ويحلحلوا المواقف، أو يستمعوا إلى قراءات متأنية للمبادرات التي طرحت أو التي ستطرح، كل ذلك يجب أن يكون قبل الإقدام على أيام تشاورية.

يعتبر البعض أن موقف حزبكم فيه تذبذب وغموض، فهو من جهة يعتبر الانقلاب عملا تصحيحيا، ولكنه يرفض المشاركة في الحكومة، وفي الوقت ذاته، أنتم على خلاف مع الجبهة التي تطالب بعودة الرئيس السابق، كيف تردون على ذلك؟

– موقف حزب التكتل، منذ اللحظات الأولى مما جرى في موريتانيا، واضح ونابع من مبادئه ومنسجم مع تاريخ نضاله. فالذي ينقصه – حسب رأيي – هو الجانب الإعلامي، من جهة، وكونه لا يروق لمن كانوا قد تخندقوا معه في معركة المعارضة للسنوات الماضية، ومن كانوا قد تخندقوا مع النظام المطاح به، أو المطاح برأسه، من جهة ثانية.
ويتلخص هذا الموقف في أن الحزب تنبه إلى أن الرئيس السابق خاطئ وعاجز، وطالب أثناء مؤتمره العام المنعقد في نهاية شهر يونيو 2008 الرئيس السابق بالاستقالة، وذلك بعد سنة ونصف السنة من المحاولات اليائسة من أجل تصحيح المسار. وبعد ما جرى 6-8-2008 سجل الحزب تفهمه للحركة، وطالب بإعداد ورقة طريق واضحة المعالم، وممكنة القبول من طرف الجميع، وذلك ما لم يتم، فسجل من جديد موقفه النهائي المتمثل في تفهمه للحركة التصحيحية وعدم قبوله بالمشاركة مع المجلس الأعلى للدولة في أي عمل سياسي ما لم يتم تحديد خارطة الطريق، وقدم مقترحا مع حلفائه في المعارضة، وما زال متمسكا به.

ترددت مؤخرا بعض الأنباء حول وجود مساع لشق صفوف حزب التكتل تقوم بها جهات مقربة من السلطات الجديدة، من خلال تعيين شخصيات مقربة من الحزب في مناصب سامية في الدولة، هل من توضيحات بهذا الشأن؟

– أعتقد أن تعيين كوادر من حزب التكتل في وظائف فنية تليق بهم من حيث كفاءتهم وتجربتهم ونزاهتهم، ليس مؤشرا على نية تفكيك الحزب، بل على العكس من ذلك فإن النمط الذي كان متخذا ضد هذا الحزب طيلة حكم معاوية واستمر في عهد المرحلة الانتقالية الأولى، وتكرس في عهد سيدي، ذلك النمط المتمثل في الحرمان، والتجويع والتهميش للحزب وكوادره ومناضليه، هو المؤشر على النية في تفكيك الحزب وتدميره، فنحن نعتقد جازمين، بأن المنتمين لحزب التكتل، يفوق أكثر من نصف المواطنين المنتمين للأحزاب السياسية، ونعتقد جازمين بأن 90% من أصحاب الكفاءات والتجربة والنزاهة من المنتسبين لحزب التكتل، وبالتالي، فإنه من الخطأ الفادح محاولة تسيير الأمور العامة دون هذه الكفاءات، ودون هذا الكم من المواطنين، لكن هناك مؤشرات أخرى على نية تضعيف التكتل أو كل الأحزاب الأخرى، وتلك عادة دأبوا عليها، أرجو أن يكفوا عنها، وأن يعرفوا بأن الأحزاب إذا كانت قوية فهي قوية بالشعب ومن أجل الشعب، وكل من تتعارض مصالحه مع مصالح الشعب ومع توجهات الشعب، فيجب عليه أن يعرف أنه خاسر.
وإذا كان التكتل قد قرر عدم المشاركة في الحكومة للأسباب التي سبق ذكر بعضها وما زال على قراره فليس معنى ذلك أنه غير متوفر على الكوادر والكفاءات التي يجب أن تخدم الوطن من خلال التقنيات والفنيات والكفاءات والنزاهة التي تتوفر عليها.

هل تعتبرون أن قرار رئيس الحزب بفصل اتحادي ولاية اترارزة السيد عبد اللَّه السالم ولد أحمدو، وكذلك اعتباره أن من يشارك في الحكومة يعتبر مستقيلا من الحزب، هي قرارات مناسبة في الوقت الذي يفترض أن الحزب يستعد لخوض انتخابات رئاسية في غضون سنة تقريبا؟

– سؤالكم يحمل مفهوما بأن في الحزب رأيين أو أن هناك تناقضا أو خطأ ارتكبه الحزب، يجب على الجميع أن يعرف أن للحزب رأيا واحدا وقرارا واحدا، والذي يعبر عن ذلك الرأي أو ذلك القرار هو مسؤوله الأول السيد الرئيس أحمد ولد داداه.

ما هو تقييمكم لأداء المجلس العسكري وحكومته في ضوء النهج الذي يسلكه الجنرال ولد عبد العزيز فيما يخص التركيز على تحسين أوضاع السكان المعيشية، والذي عبر عنه من خلال دعم الدولة لتخفيض الأسعار خلال شهر رمضان الماضي، وأيضا تصريحاته أثناء الزيارات الميدانية التي أداها لعدد من الاحياء الشعبية والمرافق الخدمية؟

– ما يقوم به المجلس ورئيسه ربما يكون هو واجبهم، لكن الأهم والذي هو واجبهم بالدرجة الأولى في هذه المرحلة – لأن لكل مرحلة أولويات – والذي الوطن بحاجة إليه هو تحديد أجندة واضحة ومقبولة لهذه المرحلة التي يجب أن تكون انتقالية بما في الكلمة من معنى.

أعلن مؤخرا عن تشكيل محكمة العدل السامية وتم انتخابكم نائبا لرئيس هذه المحكمة، ما هي الأولويات بالنسبة لهذه المحكمة خلال الفترة المقبلة؟

– محكمة العدل السامية كغيرها من المحاكم لا ترتب أولويات، فهي ليست هيئة اتهام، وإنما هي هيئة حكم، فسلطة الاتهام بالنسبة لاختصاص محكمة العدل السامية هي البرلمان بغرفتيه، وبالتالي هذا السؤال يجب أن يطرح على البرلمان.

يعرف عن رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية السيد أحمد ولد داداه، أن له علاقات واسعة بالعديد من الأوساط المؤثرة في أوروبا وأفريقيا، وفي الوطن العربي، فهل صحيح أن رئيس الحزب استخدم علاقاته تلك لصالح تحسين صورة الانقلاب في الخارج وتخفيف العزلة التي يتعرض لها؟

– أنا هنا لا أتكلم باسم الرئيس أحمد ولد داداه، لكنني أؤكد أن أعضاء حزب التكتل، ومن قبله اتحاد القوى الديمقراطية – عهد جديد، ورئيسهما لهم رؤية عامة، وأهداف وطنية سامية تخدم المصلحة العليا، وكل ما قاموا به منذ التأسيس، ومنذ بدء القائمين عليهما بدورهم السياسي هو في خدمة المصلحة العليا، بدءا بعدم القيام بردة فعل حمقاء على تزوير الانتخابات الرئاسية سنة 1992 – رغم مطالبة البعض بها آنذاك – وكذلك التحلي بالمسؤولية طيلة أربع عشرة سنة من النضال، ومرورا بالوقوف إلى جانب وضع حد لحكم معاوية، ومواكبة للمرحلة الانتقالية، والاعتراف برئيس الجمهورية سيد محمد ولد الشيخ عبد اللَّه، رغم أن الجميع يعرف ما شاب تلك المرحلة، وما شاب الانتخابات الرئاسية بصفة خاصة، كل ذلك من أجل المصلحة العليا للوطن، فإذا كان للحزب ورئيسه دور وتوجيه وتلك صفة صحيحة ثابتة – فهي مسخرة في سبيل المصلحة العليا للوطن، ومن أجل تحسين صورة الوطن أمام العالم وذلك ما حصل بالفعل – وليست لمصلحة عمرو أو زيد أو هذه المؤسسة أو تلك.

يتزعم رئيس حزب التكتل السيد أحمد ولد داداه، مؤسسة المعارضة الديمقراطية، التي لا تضم إلى جانب حزب التكتل في الوقت الحاضر غير حزبين صغيرين غير ممثلين في البرلمان، كيف تقيمون دور هذه المؤسسة وأداءها في ظل الأوضاع الحالية؟

– مؤسسة المعارضة تضم بالدرجة الأولى: حزب تكتل القوى الديمقراطية، وهو حزب يعرف الجميع وزنه ووجوده وتمثيله، بالاضافة إلى الأحزاب الأخرى التي لها وجود لا يستهان به رغم أنها لم تكن ممثلة في البرلمان لأسباب نذكر منها: أن البعض منها لم يشارك في الانتخابات التشريعية، لكن رئيس ذلك الحزب الأستاذ ابراهيما مختار صار ترشح للانتخابات الرئاسية، وحصل على نسبة معتبرة تساوي النسبة التي حصل عليها رئيس الجمعية الوطنية، وبالتالي فإن دور المؤسسة مهم إلى أقصى الحدود، والوطن بحاجة إليه، والفكرة التي دعا إليها حزب التكتل ستظهر أن لهذه الأحزاب رأيا يشكل وسطية بين المؤيدين للحكومة الحالية والرافضين لها، وسيكون لأحزاب المعارضة رأي متميز داخل ذلك النقاش الذي دعا إليه التكتل.

يرى بعض المتتبعين لتطورات الوضع السياسي في موريتانيا أن الصراع والحراك السياسي داخل البلاد يكاد يكون محصورا بين طرفين هما: السلطات العسكرية ومن يوالونها من جهة، وجبهة الدفاع عن الديمقراطية الموالية للرئيس السابق، وأن دور حزب التكتل أصبح هامشيا ما رأيكم؟

– فعلا كما قلت هناك – بالإضافة إلى موقف التكتل – موقفان في الساحة السياسية الداخلية أستطيع أن أقول إن كلا منهما متطرف في جزء من موقفه، ومتحجر غير واقعي، فرأي يرى أن لا حل ولا نقاش، ولا أي شيء قبل عودة الرئيس المخلوع لمنصبه، وهذا خطأ، فعودة الرئيس المخلوع من يجعلها شرطا في تعاطيه السياسي مع الآخرين معناه أن موقفه متطرف، وإن كنت أرى أن من حق جبهة الدفاع عن الديمقراطية أن تتمسك بكل مواقفها حتى تجد البدائل، أو حتى تقدم لها اقتراحات ملموسة يمكنها أن تتنازل أو تعدل في مواقفها مقابل تلك الاقتراحات أو تلك البدائل، لكن ما دام لم يقدم من طرف النظام سوى الوثيقة البرلمانية، فأعتقد أن من حق الجبهة التمسك بمواقفها، لكن يجب عليها أن تكون جاهزة للنقاش والحوار والتشاور دون الشروط المسبقة، ودون شروط تعزيزية، فتلك هي المصلحة العليا، ولكل شيء حدود، ويجب التفريق بين المبادئ، وبين أوراق الضغط.
أما الرأي الآخر الذي يرى إمكانية بقاء العسكر في اللعبة السياسية بل في تسيير أمور البلد، سواء بواسطة انتخابات أو دونها، فهذا رأي خاطئ ومتطرف، ويجب شجبه، والعمل بكل الوسائل على منعه، فالشعب الموريتاني لا يمكن أن يقوده إلا رئيس منتخب ديمقراطيا وبطريقة شفافة ومحايدة ونزيهة، وذلك ما لا يمكن مع ترشح العسكريين الحاكمين، فبين هذين الرأيين الخاطئين يوجد رأي حزب التكتل المتلخص في القول بعدم رجوع الرئيس المخلوع، وعدم بقاء العسكر – فلا لسيدي ولا لمحمد – وأعتقد أن هذا الرأي الوسط الواقعي الذي لا يقبل إلا بالديمقراطية وبالانتخابات النزيهة، هو الذي على الجميع أن يتراءى حوله، وفي هذا الإطار فإن حزب التكتل يدعو الآن إلى لقاء بين كل الفاعلين السياسيين بدءا بالأحزاب الممثلة في الجمعية الوطنية من أجل كلمة سواء تخرج موريتانيا من أزمتها دون غالب أو مغلوب، وقد لاقت هذه الفكرة ترحيبا من طرف كل من وجهت إليه الدعوة من القوى السياسية الممثلة في الجمعية الوطنية، وأتمنى أن يكون هذا اللقاء بداية تلاق وطني يقتنع الجميع فيه بأن موريتانيا لا يمكن أن يخرجها من أزمتها إلا أبناؤها ومن داخل بلدهم.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button